المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : الفرار الى الله


بنت الجزيرة
15.01.2011, 17:26
http://www.dohaup.com/up/2011-01-14/admin1719628244.gif

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( يأتي على الناس زمان، الصابر فيه على دِينه، كالقابض على الجمر ))

[أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك ]

فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام البخاري من حديث النعمان ابن البشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( مَثَلُ القَائِم في حُدُودِ اللَّه والْوَاقِع فيها، كَمثل قَومٍ اسْتَهَموا على سَفِينَةٍ فَأَصابَ بَعْضُهم أعْلاهَا، وبعضُهم أَسْفلَهَا، فكان الذي في أَسفلها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوقَهمْ، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرقا ولَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنا ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير ]

يقول عليه الصلاة و السلام:

(( فإن تَرَكُوهُمْ وما أَرَادوا هَلَكوا وهلكوا جَميعا، وإنْ أخذُوا على أيديِهِمْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعا ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير

كل الناس في حالة فرار، أما السعداء منهم ففرارهم إلى الله عز وجل، إلى مرضاته وإلى جنته، وأما الأشقياء ففرارهم منه لا إليه، ينشغلون عنه بملهياتٍ كثيرة تبعدهم عن ربهم جل جلاله، هؤلاء السعداء يفرون صعوداً إلى السماء، وهؤلاء الأشقياء يفرون تهاويا إلى الأرض.

الله جل جلاله يطالبنا أن نفر إليه لا منه في قوله تعالى:

﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾

الفرار إلى الله هو العمل بطاعته، والبعد عن معصيته، الفرار من الجهل إلى العلم، من الشرك إلى التوحيد، من الغفلة إلى اليقظة، من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة، من الكدر إلى الصفاء، الفرار إلى الله فرارٌ من الكسل إلى الجد، من الخلق إلى الخالق، من الأرض إلى السماء، الفرار إلى الله فرارٌ من ضيق الصدر إلى طمأنينة القلب وانشراحه، من القلق إلى قرة ، من ذلّ الشهوة إلى الطاعة ومن الشقاء إلى السعادة.
http://www.dohaup.com/up/2011-01-14/admin234468301.gif

من الأمور التي تعين على الفرار إلى الله


محبة الله

الآن كخطوات عملية من الأمور التي تعين على الفرار إلى الله من هذه الأمور: أن تحب الله.

(( أحِبُّوا الله لما يَغْذوكم من نعمه ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عباس ]
محبة الله قارب النجاة من الفتن، عاصم المرء من الخطايا، حب الله ينجي المسلم من الغرق في بحر الدنيا، ينجي المسلم من اللهو وراء مُتعها وشهواتها، فالذي تعلق قلبه بالله لا يطغى عليه حبٌ آخر، والله تعالى يقول:

﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة ]

والله عز وجل يؤكد هذا الحب، حب المؤمن لله.

﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾

[ سورة البقرة الآية: 165 ]

حب الله عز وجل والتعلق به يصنع المعجزات، إذ يهتدي المسلم بهدى الله، ويسترشد بهدي رسول الله.

2 ـ محبة رسول الله :

من الوسائل المعينة على الفرار إلى الله: أن تحب رسول الله، يقول الله عز وجل:

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾

[ سورة آل عمران الآية 31 ]

ويقول عليه الصلاة والسلام:

(( لا يُؤمن أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه مِنْ والده وولدِهِ والنَّاس أجمعين ))

[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن أنس بن مالك ]

3 ـ الورع

من وسائل الفرار إلى الله: الورع، ورد: ركعتان من ورع خيرٌ من ألف ركعةٍ من مخلط، والمخلط الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً.

(( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ))

[أخرجه الترمذي ومالك في الموطأ عن أبي هريرة ]

فالمسلم يتقرب إلى الله ولابد لهذا التقرب من الورع، يدقق في الحلال فيأتيه، يدقق في الحرام فيجتنبه، فقد كان الصحابة الكرام يتحرون في هذا الشأن.

4 ـ تجديد التوبة
من وسائل الفرار من الله: تجديد التوبة، المؤمن كثير التوبة.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾

[ سورة التحريم الآية: 8 ]

ويقول عليه الصلاة و السلام:

(( والله إِني لأستغفرُ الله وأَتوبُ إليه في اليومِ سَبعينَ مَرة ))

[أخرجه البخاري والترمذي عن أبي هريرة ]

5 ـ الاستعداد للآخرة وتذكر الموت
من وسائل الفرار إلى الله الاستعداد للآخرة وتذكر الموت.

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾[ سورة آل عمران ]


6 ـ التقرب إلى الله بالنوافل
من وسائل الفرار إلى الله التقرب إلى الله بالنوافل، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي:

(( من عادى لي وَلِيّا، فقد آذَنتُه بحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مِنْ أداءِ ما افترضتُ عليه ))

[أخرجه البخاري عن أبي هريرة ]

(( ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كُنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألَني أعْطَيتُه، وإن استَعَاذَ بي أعَذْتُه، وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مَساءَتَه))

[أخرجه البخاري عن أبي هريرة ]


7 ـ الرفقة الصالحة
ومن وسائل الفرار إلى الله الرفقة الصالحة

(( المرءُ على دِين خليله ، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ ))
[أخرجه أبو داود والترمذي، عن أبي هريرة ]

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾


http://www.dohaup.com/up/2011-01-14/admin234468301.gif

http://www.dohaup.com/up/2011-01-14/admin1899914019.gif

جادي
15.01.2011, 17:39
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

جزاكِ الله خيرا اختنا الفاضلة
موضوع طيب لاحرمتِ الاجر

فائدة :

قوله تعالى : ( ففروا إلى الله إنني لكم منه نذير مبين )

هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم ، تجمع معاني الخوف والرجاء : الخوف من الله تعالى ، واللجوء إليه سبحانه ، إذ لا منجا منه إلا إليه عز وجل ، أمر بالفرار منه إليه ليدل العباد على أنه أرحم بهم من كل من سواه ، وأنه عز وجل يريد بالعباد الرحمة والمغفرة . وفي " مدارج السالكين " (1/469-481) للعلامة ابن القيم كلام مطول مفيد عن منزلة " الفرار " من منازل السائرين .

يقول الله تعالى : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) الذاريات/50.

قال الإمام الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره : فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به ، واتباع أمره ، والعمل بطاعته ( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ ) يقول : إني لكم من الله نذير أنذركم عقابه ، وأخوّفكم عذابه الذي أحلَّه بهؤلاء الأمم الذين قصّ عليكم قصصهم ، والذي هو مذيقهم في الآخرة . وقوله : ( مُبِينٌ ) يقول : يبين لكم نذارته

جامع البيان " (22/440)

وقال القرطبي رحمه الله :

" لما تقدم ما جرى من تكذيب أممهم لأنبيائهم وإهلاكهم لذلك ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد ، أي قل لقومك : ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) أي : فروا من معاصيه إلى طاعته .

وقال ابن عباس : فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم . وعنه : فروا منه إليه واعملوا بطاعته .

وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : ( ففروا إلى الله ) اخرجوا إلى مكة .

وقال الحسين ابن الفضل : احترزوا من كل شيء دون الله ، فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه .

وقال أبو بكر الوراق : فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن .

وقال الجنيد : الشيطان داع إلى الباطل ، ففروا إلى الله يمنعكم منه .

وقال ذو النون المصري : ففروا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر .

وقال عمرو بن عثمان : فروا من أنفسكم إلى ربكم .

وقال أيضا : فروا إلى ما سبق لكم من الله ، ولا تعتمدوا على حركاتكم .

وقال سهل بن عبد الله : فروا مما سوى الله إلى الله .

( إني لكم منه نذير مبين ) أي : أنذركم عقابه على الكفر والمعصية " انتهى.

" الجامع لأحكام القرآن " (17/53-54)



وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" لما دعا العباد للنظر لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه ، أمر بما هو المقصود من ذلك ، وهو الفرار إليه أي : الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا ، إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا ، فرار من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة ، و من الغفلة إلى ذكر الله ، فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله ، وقد زال عنه المرهوب ، وحصل له نهاية المراد والمطلوب .

وسمى الله الرجوع إليه فرارًا : لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره ، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسعادة والفوز ، فيفر العبد من قضائه وقدره إلى قضائه وقدره ، وكل من خفت منه فررت منه ، إلا الله تعالى ؛ فإنه بحسب الخوف منه ، يكون الفرار إليه ، ( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ؛ أي : منذر لكم من عذاب الله ، ومخوف بَيِّنُ النذارة " انتهى.

" تيسير الكريم الرحمن " (ص/811)

المصدر الاسلام سوال وجواب باختصار وتصرف

إيمان 1
15.01.2011, 18:56
جزاكم الله خيرًا
بارك الله فيكم ونفع بكم
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

بنت الجزيرة
15.01.2011, 22:11
جزاك الله خيرا اخي الفاضل جادي على هذه الاضافة الرائعة
بارك الله بك وبمرورك الكريم

بنت الجزيرة
15.01.2011, 22:12
جزاكم الله خيرًا
بارك الله فيكم ونفع بكم
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

جزاك الله خيرا وبارك بك وبمرورك الكريم