موحد لله
10.11.2010, 12:52
الحمد لله الذي بعث النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد هو سبحانه وتعالى أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي ختم به أنبياءه وهدى به أولياءه ونعته بقوله في القرآن الكريم لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم صلى الله عليه وعلى آله أفضل صلاة وأفضل تسليم
فإن الحديث عن الروافض وبيان ضلالهم وجهلهم أمر مهم وضروري في كل زمان ، وفي هذا الوقت تشتد الحاجة وتدعو الضرورة إلى بيان ضلالهم وزيف نقولاتهم من أي وقت، ذلك أن العديد ممن يغتر بما ينقله هؤلاء، وحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» خير دليل على زيف وكذب هؤلاء الجهلة من الروافض
ننتقل الآن مع حديث «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» الذي ضعفه الرافضي علي الميلاني الكذاب.
قال الرافضي في كتابه الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين.
وبعد، فلا يخفى أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي عند المسلمين -وإن وقع الخلاف بينهم في طريقها ـ فمنها ـ بعد القرآن الكريم- تستخرج الأحكام الإلهية، وأصول العقائد الدينية، والمعارف الفذّة، والأخلاق الكريمة، بل فيها بيان ما أجمله الكتاب، وتفسير ما أبهمه، وتقييد ما أطلقه وإيضاح ما أغلقه...
فنحن مأمورون باتباع السنة والعمل بما ثبت منها، ومحتاجون إليها في جميع الشؤون ومناحي الحياة، الفردية والاجتماعية...
إلاّ أن الأيدي الأثيمة تلاعبت بالسُنة الشريفة حسب أهوائها وأهدافها... وهذا أمر ثابت يعترف به الكلّ...
ولهذا وذاك.. انبرى علماء الحديث لتمييز الصحيح من السقيم، والحق من
الباطل.. فكانت كتب (الصحاح) وكتب (الموضوعات)...
ولكن الحقيقة هي تسرب الأغراض والدوافع الباعثة إلى الاختلاق والتحريف إلى المعايير التي اتخذوها للتمييز والتمحيص... فلم تخل (الصحاح) من الموضوعات والأباطيل، ولم تخل (الموضوعات) من الصحاح والحقائق... وهذا ما دعا آخرين إلى وضع كتب تكلّموا فيها على ما أخرج في الصحاح وأخرى تعقبوا فيها ما أدرج في الموضوعات... وقد تعرضنا لهذا في بعض بحوثنا المنشورة...
وحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» أخرجه غير واحد من أصحاب الصحاح.. وقال بصحته غيرهم تبعاً لهم.. ومن ثمّ استندوا إليه في البحوث العلميّة.
ففي كتب العقائد... في مبحث الإمامة... جعلوه من أقوى الحجج على إمامة أبي بكر وعمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم...
وفي الفقه... استدلوا به لترجيح فتوى الشيخين في المسألة إذا خالفهما غيرهما من الأصحاب..
وفي الأصول... في مبحث الإجماع... يحتجّون به لحجّيّة اتفاقهما وعدم جواز مخالفتهما فيما اتفقا عليه... فهل هو حديث صحيح حقاً؟
لقد تناولنا هذا الحديث بالنقد، فتتبّعنا أسانيده في كتب القوم، ودققنا النظر فيها على ضوء كلمات أساطينهم، ثم عثرنا على تصريحات لجماعة من كبار أئمتهم في شأنه، ثم كانت لنا تأمّلات في معناه ومتنه...
فإلى أهل الفضل والتحقيق هذه الصفحات اليسيرة المتضمنة تحقيق هذا الحديث في ثلاثة فصول... والله أسأل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم... إنه خير مسؤول.
*كلمات الأئمة وكبار العلماء حول سند حديث الاقتداء
قد عرفت سقوط أسانيد هذا الحديث فيما عرف بالصحيح من الكتب فضلاً عن غيره... وفي هذا الفصل نذكر نصوص عبارات أئمتهم في الطّعن فيه إمّا على الإطلاق بكلمة: «موضوع» و«باطل» و«لم يصحّ» و«منكر» وإمّا على بعض الوجوه التي وقفنا على كلماتهم فيها... فنقول:
(1)أبو حاتم الرازي
لقد طعن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي في هذا الحديث... فقد ذكر العلاّمة المناوي بشرحه: «... وأعلّه أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصحّ، لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد..».
ترجمته: وأبو حاتم الرازي، المتوفى سنة 277 هـ، يعد من أكابر الأئمة الحفاظ المجمع على ثقتهم وجلالتهم، بل جعلوه من أقران البخاري ومسلم....
قال السمعاني: «إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث... كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة... وكان أول من كتب الحديث...».
وقال ابن الأثير: «هو من أقران البخاري ومسلم».
وقال الذهبي: «أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أحد الأعلام...».
وقال أيضاً: «الإمام الحافظ الناقد، شيخ المحدثين... وهو من نظراء البخاري...».
وله ترجمة في: تاريخ بغداد 2|73، تهذيب التهذيب 9|31، البداية والنهاية 11|59، الوافي بالوفيات 2|183، طبقات الحفّاظ: 255.
(2) أبو عيسى الترمذي
وكذا طعن فيه أبو عيسى الترمذي صاحب «الجامع الصحيح» فإنه قال ما نصّه: «حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، ثني أبي، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن مسعود.
هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه إلآ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل. ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث. وأبو الزعراء اسمه عبد الله بن هاني، وأبو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري و ابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو، وهو ابن أخي أبي الأحوص صاحب ابن مسعود».
ترجمته: والترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى، المتوفى سنة 279 هـ، صاحب أحد الصحاح الستة... غنّي عن الترجمة والتعريف، إذ لا كلام بينهم في جلالته وعظمته واعتبار كتابه، وهذه أسماء بعض مواضع ترجمته:
وفيات الأعيان 4|278، تذكرة الحفّاظ 2|623، سير أعلام النبلاء 13|270، تهذيب التهذيب 9|387، البداية والنهاية 11|66، الوافي بالوفيات 4|294، طبقات الحفّاظ: 278.
(3) أبو بكر البزار
وأبطله الحافظ الشهير أبو بكر أحمد بن عبد الخالق البزار صاحب «المسند» المتوفى سنة 292 هـ، كما عرفت من كلام العلاّمة المناوي الآنف الذكر.
ترجمته: قال الذهبي: «الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، صاحب المسند الكبير والمعلّل...».
ووصفه الذهبي أيضاً بـ «الشيخ الإمام الحافظ الكبير...».
وهكذا وصف واُثني عليه في المصادر التاريخية والرجالية... فراجع: تاريخ بغداد 4|334، النجوم الزاهرة 3|157، المنتظم 6|50، تذكرة الحفاظ 2|653 الوافي بالوفيات 7|268، طبقات الحفاظ: 285، تاريخ أصفهان 1|104، شذرات الذهب 2 | 209.
(4) أبو جعفر العقيلي
وقال الحافظ الكبير أبو جعفر العقيلي، المتوفى سنة 322 هـ، في كتابه في الضعفاء: «محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم العمري عن مالك. ولا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث حدثناه أحمد بن الخليل الخريبي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحلبي، حدثني محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن إبراهيم بن عمر بن الخطاب، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا بالأميرين من بعدي أبي بكر وعمر.
حديث منكر لا أصل له من حديث مالك».
وقد أورد الحافظان الذهبي وابن حجر طعن العقيلي هذا واعتمدا عليه كما ستعرف.
وأيضاً: ترجم العقيلي «يحيى بن سلمة بن كهيل» في «الضعفاء» وأورد الحديث عنه عن ابن مسعود بنفس السند الذي في «صحيح الترمذي» وقد تقدّم نصّ عبارته في الفصل الأول.
ترجمته: وقد أثنى على العقيلي كل من ترجم له... قال الذهبي: «الحافظ الإمام أبو جعفر... قال مسلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر، عظيم الخطر، ما رأيت مثله... وقال الحافظ أبو الحسن ابن سهل القطّان: أبو جعفر ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدّم في الحفظ، توفى سنة 322».
وانظر: سير أعلام النبلاء 1|236، الوافي بالوفيات 4|291، طبقات
الحفّاظ: 346، وغيرها.
(5) أبو بكر النقّاش
وطعن فيه الحافظ الكبير أبو بكر النقّاش ـ المتوفى سنة 354 هـ ـ فقد قال الحافظ الذهبي بعد أن رواه بترجمة أحمد بن محمد بن غالب الباهلي: «وقال أبو بكر النقاش: وهو واهٍ».
ترجمته: ترجم له الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ووصف بـ «العلامة المفسّر شيخ القرّاء». وهكذا ترجم له ووصفه بجلائل الأوصاف غيره من الأعلام... فراجع:
تذكرة الحفاظ 3|908، تاريخ بغداد 2|201، المنتظم 7|14، وفيات الأعيان 4|298، الوافي بالوفيات 2|345، مرآة الجنان 2|247، طبقات الحفاظ: 371.
(6) ابن عديّ
وأورد الحافظ أبو أحمد ابن عدي، المتوفى سنة 365 هـ، عن أنس بن مالك بترجمة حماد بن دليل في «الضعفاء» وعنه السيوطي في الجامع الصغير، ونصّ هناك على أن «هذا الحديث قد روى له حمّاد بن دليل إسنادين، ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل».
وقد تقدّم ذكر عبارته كاملة، حيث عرفت ما في الإسنادين المذكورين عند ابن عديّ وغيره من الأئمة في الفصل الأول.
ترجمته: والحافظ ابن عديّ من أعاظم أئمّة الجرح والتعديل لدى القوم...
قال السمعاني بترجمته: «كان حافظ عصره، رحل إلى الاسكندرية وسمرقند، ودخل البلاد وأدرك الشيوخ. كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله.
قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدّثين، قال: أليس عندك كتاب ابن عديّ ؟ فقلت: نعم، فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه».
وانظر: تذكرة الحفاظ 3|161، شذرات الذهب 3|51، مرآة الجنات 2|381، وغيرها.
(7) أبو الحسن الدارقطنى
وقال الحافظ الشهير أبو الحسن الدار قطني -المتوفى سنة 385 هـ- بعد أن أخرج الحديث بسنده عن العمري: «لا يثبت، والعمري هذا ضعيف».
ترجمته: وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدارقطني...
قال الذهبي: «الدارقطني -أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور، صاحب التصانيف.... ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ
والفهم والورع، وإماماً في القرّاء والنحاة، صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان فريد عصره، و فزيع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته.... وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث!!».
وقال ابن كثير: «.... الحافظ الكبير، اُستاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا...كان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره.... وله كتابه المشهور.... وقال ابن الجوزي: قد اجتمع له معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر، مع الإمامة والعدالة وصحّة العقيدة».
وراجع: وفيات الأعيان 2|459، تاريخ بغداد 12|34، النجوم الزاهرة 4|172، طبقات الشافعية 3|462، طبقات القراء 1|558، وغيرها.
يتبع إن شاء الله تعالى:..............
فإن الحديث عن الروافض وبيان ضلالهم وجهلهم أمر مهم وضروري في كل زمان ، وفي هذا الوقت تشتد الحاجة وتدعو الضرورة إلى بيان ضلالهم وزيف نقولاتهم من أي وقت، ذلك أن العديد ممن يغتر بما ينقله هؤلاء، وحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» خير دليل على زيف وكذب هؤلاء الجهلة من الروافض
ننتقل الآن مع حديث «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» الذي ضعفه الرافضي علي الميلاني الكذاب.
قال الرافضي في كتابه الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين.
وبعد، فلا يخفى أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي عند المسلمين -وإن وقع الخلاف بينهم في طريقها ـ فمنها ـ بعد القرآن الكريم- تستخرج الأحكام الإلهية، وأصول العقائد الدينية، والمعارف الفذّة، والأخلاق الكريمة، بل فيها بيان ما أجمله الكتاب، وتفسير ما أبهمه، وتقييد ما أطلقه وإيضاح ما أغلقه...
فنحن مأمورون باتباع السنة والعمل بما ثبت منها، ومحتاجون إليها في جميع الشؤون ومناحي الحياة، الفردية والاجتماعية...
إلاّ أن الأيدي الأثيمة تلاعبت بالسُنة الشريفة حسب أهوائها وأهدافها... وهذا أمر ثابت يعترف به الكلّ...
ولهذا وذاك.. انبرى علماء الحديث لتمييز الصحيح من السقيم، والحق من
الباطل.. فكانت كتب (الصحاح) وكتب (الموضوعات)...
ولكن الحقيقة هي تسرب الأغراض والدوافع الباعثة إلى الاختلاق والتحريف إلى المعايير التي اتخذوها للتمييز والتمحيص... فلم تخل (الصحاح) من الموضوعات والأباطيل، ولم تخل (الموضوعات) من الصحاح والحقائق... وهذا ما دعا آخرين إلى وضع كتب تكلّموا فيها على ما أخرج في الصحاح وأخرى تعقبوا فيها ما أدرج في الموضوعات... وقد تعرضنا لهذا في بعض بحوثنا المنشورة...
وحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» أخرجه غير واحد من أصحاب الصحاح.. وقال بصحته غيرهم تبعاً لهم.. ومن ثمّ استندوا إليه في البحوث العلميّة.
ففي كتب العقائد... في مبحث الإمامة... جعلوه من أقوى الحجج على إمامة أبي بكر وعمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم...
وفي الفقه... استدلوا به لترجيح فتوى الشيخين في المسألة إذا خالفهما غيرهما من الأصحاب..
وفي الأصول... في مبحث الإجماع... يحتجّون به لحجّيّة اتفاقهما وعدم جواز مخالفتهما فيما اتفقا عليه... فهل هو حديث صحيح حقاً؟
لقد تناولنا هذا الحديث بالنقد، فتتبّعنا أسانيده في كتب القوم، ودققنا النظر فيها على ضوء كلمات أساطينهم، ثم عثرنا على تصريحات لجماعة من كبار أئمتهم في شأنه، ثم كانت لنا تأمّلات في معناه ومتنه...
فإلى أهل الفضل والتحقيق هذه الصفحات اليسيرة المتضمنة تحقيق هذا الحديث في ثلاثة فصول... والله أسأل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم... إنه خير مسؤول.
*كلمات الأئمة وكبار العلماء حول سند حديث الاقتداء
قد عرفت سقوط أسانيد هذا الحديث فيما عرف بالصحيح من الكتب فضلاً عن غيره... وفي هذا الفصل نذكر نصوص عبارات أئمتهم في الطّعن فيه إمّا على الإطلاق بكلمة: «موضوع» و«باطل» و«لم يصحّ» و«منكر» وإمّا على بعض الوجوه التي وقفنا على كلماتهم فيها... فنقول:
(1)أبو حاتم الرازي
لقد طعن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي في هذا الحديث... فقد ذكر العلاّمة المناوي بشرحه: «... وأعلّه أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصحّ، لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد..».
ترجمته: وأبو حاتم الرازي، المتوفى سنة 277 هـ، يعد من أكابر الأئمة الحفاظ المجمع على ثقتهم وجلالتهم، بل جعلوه من أقران البخاري ومسلم....
قال السمعاني: «إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث... كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة... وكان أول من كتب الحديث...».
وقال ابن الأثير: «هو من أقران البخاري ومسلم».
وقال الذهبي: «أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أحد الأعلام...».
وقال أيضاً: «الإمام الحافظ الناقد، شيخ المحدثين... وهو من نظراء البخاري...».
وله ترجمة في: تاريخ بغداد 2|73، تهذيب التهذيب 9|31، البداية والنهاية 11|59، الوافي بالوفيات 2|183، طبقات الحفّاظ: 255.
(2) أبو عيسى الترمذي
وكذا طعن فيه أبو عيسى الترمذي صاحب «الجامع الصحيح» فإنه قال ما نصّه: «حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، ثني أبي، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن مسعود.
هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه إلآ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل. ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث. وأبو الزعراء اسمه عبد الله بن هاني، وأبو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري و ابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو، وهو ابن أخي أبي الأحوص صاحب ابن مسعود».
ترجمته: والترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى، المتوفى سنة 279 هـ، صاحب أحد الصحاح الستة... غنّي عن الترجمة والتعريف، إذ لا كلام بينهم في جلالته وعظمته واعتبار كتابه، وهذه أسماء بعض مواضع ترجمته:
وفيات الأعيان 4|278، تذكرة الحفّاظ 2|623، سير أعلام النبلاء 13|270، تهذيب التهذيب 9|387، البداية والنهاية 11|66، الوافي بالوفيات 4|294، طبقات الحفّاظ: 278.
(3) أبو بكر البزار
وأبطله الحافظ الشهير أبو بكر أحمد بن عبد الخالق البزار صاحب «المسند» المتوفى سنة 292 هـ، كما عرفت من كلام العلاّمة المناوي الآنف الذكر.
ترجمته: قال الذهبي: «الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، صاحب المسند الكبير والمعلّل...».
ووصفه الذهبي أيضاً بـ «الشيخ الإمام الحافظ الكبير...».
وهكذا وصف واُثني عليه في المصادر التاريخية والرجالية... فراجع: تاريخ بغداد 4|334، النجوم الزاهرة 3|157، المنتظم 6|50، تذكرة الحفاظ 2|653 الوافي بالوفيات 7|268، طبقات الحفاظ: 285، تاريخ أصفهان 1|104، شذرات الذهب 2 | 209.
(4) أبو جعفر العقيلي
وقال الحافظ الكبير أبو جعفر العقيلي، المتوفى سنة 322 هـ، في كتابه في الضعفاء: «محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم العمري عن مالك. ولا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث حدثناه أحمد بن الخليل الخريبي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحلبي، حدثني محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن إبراهيم بن عمر بن الخطاب، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا بالأميرين من بعدي أبي بكر وعمر.
حديث منكر لا أصل له من حديث مالك».
وقد أورد الحافظان الذهبي وابن حجر طعن العقيلي هذا واعتمدا عليه كما ستعرف.
وأيضاً: ترجم العقيلي «يحيى بن سلمة بن كهيل» في «الضعفاء» وأورد الحديث عنه عن ابن مسعود بنفس السند الذي في «صحيح الترمذي» وقد تقدّم نصّ عبارته في الفصل الأول.
ترجمته: وقد أثنى على العقيلي كل من ترجم له... قال الذهبي: «الحافظ الإمام أبو جعفر... قال مسلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر، عظيم الخطر، ما رأيت مثله... وقال الحافظ أبو الحسن ابن سهل القطّان: أبو جعفر ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدّم في الحفظ، توفى سنة 322».
وانظر: سير أعلام النبلاء 1|236، الوافي بالوفيات 4|291، طبقات
الحفّاظ: 346، وغيرها.
(5) أبو بكر النقّاش
وطعن فيه الحافظ الكبير أبو بكر النقّاش ـ المتوفى سنة 354 هـ ـ فقد قال الحافظ الذهبي بعد أن رواه بترجمة أحمد بن محمد بن غالب الباهلي: «وقال أبو بكر النقاش: وهو واهٍ».
ترجمته: ترجم له الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ووصف بـ «العلامة المفسّر شيخ القرّاء». وهكذا ترجم له ووصفه بجلائل الأوصاف غيره من الأعلام... فراجع:
تذكرة الحفاظ 3|908، تاريخ بغداد 2|201، المنتظم 7|14، وفيات الأعيان 4|298، الوافي بالوفيات 2|345، مرآة الجنان 2|247، طبقات الحفاظ: 371.
(6) ابن عديّ
وأورد الحافظ أبو أحمد ابن عدي، المتوفى سنة 365 هـ، عن أنس بن مالك بترجمة حماد بن دليل في «الضعفاء» وعنه السيوطي في الجامع الصغير، ونصّ هناك على أن «هذا الحديث قد روى له حمّاد بن دليل إسنادين، ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل».
وقد تقدّم ذكر عبارته كاملة، حيث عرفت ما في الإسنادين المذكورين عند ابن عديّ وغيره من الأئمة في الفصل الأول.
ترجمته: والحافظ ابن عديّ من أعاظم أئمّة الجرح والتعديل لدى القوم...
قال السمعاني بترجمته: «كان حافظ عصره، رحل إلى الاسكندرية وسمرقند، ودخل البلاد وأدرك الشيوخ. كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله.
قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدّثين، قال: أليس عندك كتاب ابن عديّ ؟ فقلت: نعم، فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه».
وانظر: تذكرة الحفاظ 3|161، شذرات الذهب 3|51، مرآة الجنات 2|381، وغيرها.
(7) أبو الحسن الدارقطنى
وقال الحافظ الشهير أبو الحسن الدار قطني -المتوفى سنة 385 هـ- بعد أن أخرج الحديث بسنده عن العمري: «لا يثبت، والعمري هذا ضعيف».
ترجمته: وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدارقطني...
قال الذهبي: «الدارقطني -أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور، صاحب التصانيف.... ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ
والفهم والورع، وإماماً في القرّاء والنحاة، صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان فريد عصره، و فزيع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته.... وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث!!».
وقال ابن كثير: «.... الحافظ الكبير، اُستاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا...كان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره.... وله كتابه المشهور.... وقال ابن الجوزي: قد اجتمع له معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر، مع الإمامة والعدالة وصحّة العقيدة».
وراجع: وفيات الأعيان 2|459، تاريخ بغداد 12|34، النجوم الزاهرة 4|172، طبقات الشافعية 3|462، طبقات القراء 1|558، وغيرها.
يتبع إن شاء الله تعالى:..............