تسجيل الدخول

اعرض النسخة الكاملة : من هم أهل "الرأي" وأهل "الأثر"؟!


زهراء
28.10.2010, 21:00
السلام عليكم

من هم أهل "الرأي" وأهل "الأثر أو الحديث"؟
وما الفرق بينهم؟ ومن هو الأصوب..

وجزاكم الله خيراً

Eng.Con
28.10.2010, 21:34
أهل الرأى .. زعيمهم ابو حنيفة من اتبعة .....وكان الرأى والعقل لية نصيب كبير من فقهم ... وربما يفتون بما يخالف ظاهر أحاديث الرسول


وأهل الحديث هم الأمام مالك واحمد ابن حنبل .... وكان الحديث عندهم عظيم ...وكانوا غالبا يأخذون بظاهرة .... .لدرجة ان الأمام مالك .. فى مذهبة جعل قدرا ... لعرف أهل المدينة !!


والحقيقة ان كان فى صراع جميل جداا ..صراع مثمر بالعلم والفهم ... .. بين الائمة وبعضهم .. وفى مناظرة بين الأمام ابو حنيفة والأمام مالك .... تعتبر من أجمل المناظرات فى التاريخ ....وكانت قمة فى الفهم وقبول الأخر ..والاتنين سمعوا بعض .. وشكروا فى بعض .... مع ان كل واحد خرج من المناظرة ولازال على مذهبة وتفكيره ..!


انما للأسف كعادة العرب يعنى ...بعض اتباع كل مذهب تعصبوا لمذهبهم ...ووصل الأمر عند بعض
الجهلة وبعض الأغبياء .. لوضع أحاديث عن الرسول علية الصلاة والسلام تذم فى المذهب الأخر .!!


شوفى مثلا الحديث دة ....


يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس ، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة ، هو سراج أمتي ، هو سراج أمتي


دة واحد جاهل .. من أتباع ابو حنيفة ...وضع حديث عن الرسول بيمدح فى ابو حنيفة .. وبيذم فى محمد بن ادريس ( الأمام الشافعى .!!)


ومن هو الأصوب..



لو كان فى حد منهم غلط 100 % ... مكناش درسنا مذاهبهم الأربعة ....

كل مذهب لة ما له .. وعلية ما علية ....

نفعنا أهل الحديث ... مثلا فى حفظ حديث الرسول علية الصلاة والسلام ... وتقديره

ونفعنا أهل الراى .. فى كيفية تطبيق الدين فى الحياة ... وعدم عزل الدين عن الدنيا ...


يعنى مثلا عن أهل الحديث .. فى قاعدة عندهم بتقول ..أنة لا يجوز لمسلم انة يسأل فى مسألة لم تحدث ......لان دة مضيعة للوقت ...

اما أهل الرأى ... معندهمش حاجة اسمها كدة ... اى سؤال ييجى فى بالهم .. لازم يبقى لية اجابة ... حتى لو محصلش


يعنى لو جاز لينا التمثيل فى عصرنا ......


ممكن اقولك .. أن أهل الحديث ...كانوا زى الشيخ ابو اسحاق كدة ...

اما أهل الرأى .....ممكن يتمثلوا مثلا ... فى الدكتور طارق سويدان .. والدكتور عمرو خالد

زهراء
28.10.2010, 21:54
جزاكم الله خيراً على المداخلة الرائعة أخونا المهندس..
تجيدون الشرح المفصل..ما شاء الله..
زادكم الله علماً ويقيناً..
اما أهل الرأى .....ممكن يتمثلوا مثلا ... فى الدكتور طارق سويدان .. والدكتور عمرو خالد

ما سر تلك الأصوات المطالبة بتجنب هؤلاء الدعاة إذن؟
ألأنهم من أهل الرأي؟!
هذا يدل على أن هناك صراع شديد معاصر نشهده هذه الأيام بين أصحاب الرأي وأصحاب الأثر..!
على عكس الصراع الذي كان بين الأئمة وبعضهم..كما ذكرتم..
يعني في نظركم يا أخونا المهندس وحسب ما فهمناه من كلامكم أنه من المفترض ألا نتعصب لأي رأي..
فيكون الإثنين صح!

Eng.Con
28.10.2010, 22:28
ما سر تلك الأصوات المطالبة بتجنب هؤلاء الدعاة إذن؟
ألأنهم من أهل الرأي؟!


لا يا أختى ... المشكلة مش عند بعض مشايخ السلفية بس ... المشكلة عند بعض المشايخ من الطرف التانى ايضا ....

وانا بشوف بعينى بعض المشايخ .. بتعامل مشايخ السلفية .. على أنهم رجعيين ..
ومتخلفين وتكفيرين .... والكلام المُعلب الفارغ دة ...
حتى والله بدون ما يسمعوهم حتى ..!!


اما الهجوم على دكتور عمرو خالد اغبلهم ناس بتغير .. والحقد بيطلع من عينها ...
بدون ذكر اسماء يعنى ...


وفى مشايخ ليها قدرها .. ونعلهم فوق رأسنا
انما ليها منهج معين ....ان اى حد يغلط قدام الملايين .. لازم يتم نقدة أمام الملايين
زى الشيخ الحوينى مثلا ..
ودة راجل لية قدره .....ولية منهجة ...... ومنقدرش نتكلم علية ..


وعاوز أقولك ان مش كل مشايخ السلفية كدة ..
شوفى مثلا الشيخ محمود المصرى ....بيقول اية على دكتور عمرو خالد


http://www.youtube.com/watch?v=IVhAtvm7ZJc&feature=related


حاجة تخلى الواحد عندة أمل كدة .. وثقة فى العلماء والدعاه ...




هذا يدل على أن هناك صراع شديد معاصر نشهده هذه الأيام بين أصحاب الرأي وأصحاب الأثر..!


نعم ...موجود الى الان ....


على عكس الصراع الذي كان بين الأئمة وبعضهم..كما ذكرتم..


ولكن فكرة التعايش وقبول الاخر لا زالت موجودة الى الان ..
وان قلت

والفيديو اعلاه خير دليل على ذلك ...



يعني في نظركم يا أخونا المهندس وحسب ما فهمناه من كلامكم أنه من المفترض ألا نتعصب لأي رأي..
فيكون الإثنين صح!



لا يا أختى .. التعصب لن يفيد فى شئ ....

منقدرش نقول ان الاتنين صح .... انما مش معنى اننا مقتنعين اننا صح فى حاجة

اننا نهاجم الاخر ... ونتهمة بكذا وبكذا ...ونسعى لتدميرة


ممكن يا أختى نتقبل الخلاف فى الفرعيات .. فى سبيل الحفاظ على وحدة الأمة

ولكى فى تصرف الرسول علية الصلاة والسلام فى صلح الحديبية خير دليل ...

شوفة كمية التنازلات التى قدمها الرسول ل سهيل ابن عمرو ...

فى سبيل الوصول والحفاظ على الهدف الأكبر ...


شوفى مثلا ازاى الرسول كان بيحكم بين اى اتنين مختلفين


حديث الرجلين اللذين صليا بالتيمم ، فلما وجدا الماء أعاد أحدهما ، ولم يعد الآخر ، فذكرا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال للذي لم يعد : أصبت السنة ، وقال للآخر : لك الأجر مرتين

الراوي: - المحدث: الشوكاني (http://www.dorar.net/mhd/1255) - المصدر: الفتح الرباني (http://www.dorar.net/book/9651&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5/2617
خلاصة حكم المحدث: صحيح


اتنين صلوا بالتيمم .... ولما وجدوا الماء .... واحد أعاد الصلاة والتانى لم يعيد الصلاة

النبى قال لواحد منهم ..... أصبت السنة

وقال للتانى ...لك الأجر مرتين


سبحان الاجابة قمة فى الروعة .. وقمة فى التعايش ...وقبول الاخر

مقالش لحد فيهم انت غلط ...ولا عنف حد فيهم

ولا قدم رأى واحد فيهم على التأنى ... مع ان الاتنين مختلفين



شوفى مثلا حادثة بنى قريظة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : ( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) . فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، ثم يرد منا ذلك . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم .

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 4119
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


النبى قالهم صلوا العصر فى بنى قريظة ...

البعض فهم من كلام النبى .. انة يقصد يستعجلهم بحيث يكونوا فى بنى قريظة العصر
ولما العصر جة عليهم فى الطريق ... صلوه


وفريق تانى ... مسك بظاهر كلام النبى .. وقال مش هنصلى العصر الا هناك زى ما النبى قال


ولما رجعوا للنبى ...مقالش لحد فيهم انو غلط ...

مع ان النبى علية الصلاة والسلام .. يقينا كان يقصد معنى واحد بس من كلامة

ومع ذلك .. مقالش هو كان يقصد اية بالظبط ....واحترم اجتهاد الصحابة فى فهم كلامة


حقا الرسول علية الصلاه والسلام ... علم الأمة كتير اوى فى فهم الاخر واحترامة
وقبولة ... انما الأمة للأسف متعلمتش ..

زهراء
28.10.2010, 22:55
وانا بشوف بعينى بعض المشايخ .. بتعامل مشايخ السلفية (http://www.kalemasawaa.com/vb/t3602.html) .. على أنهم رجعيين ..


ومتخلفين وتكفيرين .... والكلام المُعلب الفارغ دة ...
حتى والله بدون ما يسمعوهم حتى ..!!

ربما هناك مشايخ يتعاملون معهم بهذا الشكل ولكن هذا نادر جداً مقارنة بالهجوم الفظيع على مشايخ الطرف الآخر لدرجة جعلتنا نشكك في صحة المادة التي يقدمها أصحاب الرأي..
ولعلكم سمعتم وشاهدتم أمثلة كثيرة لهذا الهجوم..

حاجة تخلى الواحد عندة أمل كدة .. وثقة فى العلماء والدعاه ...




صدقتم والله..
الفيديو رائع جداً سعدت بمشاهدته كثيراً..سلمت يمناكم.

ولما رجعوا للنبى ...مقالش لحد فيهم انو غلط ...




مع ان النبى علية الصلاة والسلام .. يقينا كان يقصد معنى واحد بس من كلامة

ومع ذلك .. مقالش هو كان يقصد اية بالظبط ....واحترم اجتهاد الصحابة فى فهم كلامة

أين نحن إذن من منهج الرسول هذا في تعامله مع هذه الخلافات

سؤال أخير أخونا المهندس..

زى الشيخ الحوينى مثلا ..
ودة راجل لية قدره .....ولية منهجة ...... ومنقدرش نتكلم علية ..


أنا لم أسمع للشيخ الحويني كثيراً ونادراً ما أتابع محاضراته..
ولكن هل لي أن أعرف ما السر وراء هذا التعصب للشيخ الحويني؟
سؤال للمعرفة فقط..وجزاكم الله خيراً

Eng.Con
28.10.2010, 23:12
ربما هناك مشايخ يتعاملون معهم بهذا الشكل ولكن هذا نادر جداً مقارنة بالهجوم الفظيع على مشايخ الطرف الآخر لدرجة جعلتنا نشكك في صحة المادة التي يقدمها أصحاب الرأي..
ولعلكم سمعتم وشاهدتم أمثلة كثيرة لهذا الهجوم..



نعم ....اغلب الناس دى ماشية على مبدأ خالف تُعرف ...

بيبقى عاوز يشتهر ... فبيشوف اى حد مشهور ويغلط فية ...

انا بشبهم والله بالرجل الذى بال فى بئر زمزم ....

ولما الناس سألتة عن سبب الفعل الشنيع دة ... فقال فعلته حتى يعرفني الناس

الراجل عاوز يبقى مشهور وخلاص ... راج جاى فى بئر زمزم .. وقضى حاجتة

وبالفعل حقق مرادة ... ولازال مشهور الى الان

هى دى كل الحكاية


أنا لم أسمع للشيخ الحويني كثيراً ونادراً ما أتابع محاضراته..
ولكن هل لي أن أعرف ما السر وراء هذا التعصب للشيخ الحويني؟

سؤال للمعرفة فقط..وجزاكم الله خيراً



كان فى حلقة من كام يوم لبرنامج ..من قلب مصر ...

كان فيها الدكتور صفوت حجازى ... والشيخ محمود عاشور بتاع الأزهر ... وراجل علمانى
وراجل مسيحى ..... كانت حلقة ضرب نار ... على الفضائيات الدينية

كانوا جايبين مقطع كدة للشيخ الحوينى ...بيحرم فية حلق اللحية تقريبا حاجة كدة ...

المهم الراجل بتاع الازهر والعلمانى والمسيحى .. كانوا ضد الدكتور صفوت .. وعاوزين يقفلوا القنوات

وكان كل حاجة واى حاجة يقولها الدكتور صفوت .. يعارضوه فيها ... حتى لو عطس حتى

المهم جت سيرة الشيخ الحوينى ..

فسأل الدكتور صفوت ...الراجل بتاع الازهر

هل الشيخ الحوينى من علماء الأمة أم لا ...

الراجل سكت .. ومنطقش ومتكلمش ولا كلمة ...هو وكل الحاضرين

وتحداهم الدكتور صفوت وقالهم ... هاتوا شيخ الأزهر نفسة وأسالوه عن الراجل دة


القصة مش تعصب أختنا .... القصة قصة تقدير واحترام ... هذا الرجل الأمة تفخر بوجود أمثالة

فهو يحمل علم ..قليل من يجيدة ... الا وهو علم الحديث ....والكل يشهد لة بذلك

ولا يخطئ من يقول ..أنة أعلم أهل الأرض بالحديث ....


عموما .. الشيخ نفسة اسلوبة اتغير كتير جدااااااااااااااااا ... فى اسلوب الرد على المخالف

وبإمكانك تقارنى .. ردودة على عمرو خالد ... وردودة على الشيخ خالد الجندى

زهراء
28.10.2010, 23:26
عموما .. الشيخ نفسة اسلوبة اتغير كتير جدااااااااااااااااا ... فى اسلوب الرد على المخالف

وبإمكانك تقارنى .. ردودة على عمرو خالد ... وردودة على الشيخ خالد الجندى
أفعل إن شاء الله وأتابع ردوده على المشايخ وسأستمع لمحاضراته..
فالإهتمام الكبير بالشيح الحويني في معظم المنتديات أمر أثار فضولي وأريد ان أعرف المزيد عنه..
جزاكم الله خيراً على ردكم الكافي والوافي أخونا المهندس..
نفع الله بكم وأثابكم الجنة..

فداء الرسول
28.10.2010, 23:27
جزاكم الله خير

اختلف مع اخي الفاضل انج الأستاذ عمرو خالد له أخطاء كثير والنقد الموجه اليه من الدعاة ليس من باب

الغيرة او حقد فهم أعلم منه وهم بمكانة اساتذة له لانه باحث فقط كذلك الدكتور طارق السويدان

فنصحهم او نقدهم من باب النهي عن المنكر في اجتهاد اخطؤوا فيه

هذا مع احترامي لكل الدعاة وعلماء المسلمين على الساحة العربية والاسلامية

Eng.Con
28.10.2010, 23:56
جزاكم الله خير

اختلف مع اخي الفاضل انج الأستاذ عمرو خالد له أخطاء كثير والنقد الموجه اليه من الدعاة ليس من باب

الغيرة او حقد فهم أعلم منه وهم بمكانة اساتذة له لانه باحث فقط كذلك الدكتور طارق السويدان

فنصحهم او نقدهم من باب النهي عن المنكر في اجتهاد اخطؤوا فيه

هذا مع احترامي لكل الدعاة وعلماء المسلمين على الساحة العربية والاسلامية


نعم يا أختى الفاضلة ... لة أخطاء كثيرة ... ولكن هذا هو المعلوم فقط

اما غير المعلوم ... انة يعتذر عن هذة الأخطاء

على سبيل المثال

http://www.youtube.com/watch?v=xV7N58l0xOE&feature=related

ولا أعلم فى مصلحة من .. التكتم عن هذة الأعتذارات .....


والعصمة ماتت بموت الرسول .. وكل العلماء يخطئون ....مش عارف لية التركيز على هذا الرجل



ما الأمام ابن حزم اباح الغناء .. وضعف حديث البخارى ..!!


وادى الشيخ حسان بيعتذر عن خطأ لية فى محاضرة سابقة ... بعد ان اتهم احد الصحابة بالمشاركة فى قتل سيدنا عثمان .....


http://www.youtube.com/watch?v=g8vph464MkM&feature=related

والامثلة فى هذا الباب لا تعد ولا تحصى ...

أبوحمزة السيوطي
24.11.2010, 10:53
كيف غاب عني هذا الموضوع ؟

لي عودة إن شاء الله

ليلتك بيضة يا هندسة ههههه

نضال 3
25.11.2010, 23:56
توضيح رائع

كفيتم ووفيتم

ولقد استفدت منه الكثير

جزاكم الله خيراا _ ونفع بكم الاسلام والمسلمين

زهراء
01.12.2010, 20:19
ليلتك بيضة يا هندسة ههههه

متى تقال هذه العبارة؟
في حالة الرضى عن الكلام المكتوب أم في حالة الرفض وعدم القبول
:p016:
في انتظار مداخلتكم شيخنا الكريم.

ابوالسعودمحمود
01.12.2010, 20:57
الشيخ السيوطى والشيخ انج دى احلوت اوى

أسد هادئ
01.12.2010, 23:38
متى تقال هذه العبارة؟
في حالة الرضى عن الكلام المكتوب أم في حالة الرفض وعدم القبول
:p016:
في انتظار مداخلتكم شيخنا الكريم. في حالة الاعتراض الشديد .. تهديد كدة يعني:p018:

Eng.Con
03.12.2010, 01:24
هههههههههههه ... مستنى يا سيوطى .. بس اربط الحزام بقى على رأى جون :p018:

قُبلة مُقدسة :36_3_16:

زهراء
10.12.2010, 22:30
أين اعتراضكم يا شيخنا السيوطي؟
في الإنتظار بارك الله فيكم

أبوحمزة السيوطي
11.12.2010, 22:26
إذا كان هناك مقارنة بين أهل الرأي وأهل الحديث أو أهل الأثر فالمقصود بأهل الرأي حينئذ الطائفة التي تشددت في قبول الحديث وأكثرت من الأقيسة والافتراضات العقلية سواء في الفقه أو العقيدة أو تفسير كلام الله عز وجل .
وبالغوا في هذه الأمور حتى قال قائلهم أن أصول الشريعة الكتاب والسنة لم تفي بعشر احتياجات الناس فاضطر الناس إلى القياس .

ويقال عنهم أهل الرأي وأهل الكلام وأهل القياس ..
والرأي ليس مذهباً وإنما هو منهج فكري وهذا المنهج ذمه السلف رضي الله عنهم ونقل ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين نقولات في ذم الرأي في الشريعة أنقل منها مثلة :

عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال " أصبح أهل الرأي أعداء السنن أعيتهم أن يعوها وتفلتت منهم أن يرووها فاستبقوها بالرأي "

عن عبيد الله ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال " اتقوا الرأي في دينكم "

عن مسروق عن عبد الله قال " لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر من الذي قبله أما أني لا أقول أمير خير من أمير ولا عام أخصب من عام ولكن فقهاؤكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا ويجيء قوم يقيسون الأمور برأيهم "

وقال ابن وهب ثنا شقيق عن مجالد به قال " ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فينهدم الإسلام ويثلم "

عن عبد خير عن علي رضي الله عنه أنه قال " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه "

عن أبي فزارة قال قال ابن عباس " إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله فمن قال بعد ذلك برأيه فلا أدري أفي حسناته يجد ذلك أم في سيئاته "

قال ابن القيم رحمه الله معقباً :
" فهؤلاء من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد ابن ثابت وسهل بن حنيف ومعاذ بن جبل ومعاوية خال المؤمنين وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم يخرجون الرأي عن العلم ويذمونه ويحذرون منه وينهون عن الفتيا به ومن اضطر منهم إليه أخبر أنه ظن وأنه ليس على ثقة منه وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان وأن الله ورسوله بريء منه وأن غايته أن يسوغ الأخذ به عند الضرورة من غير لزوم لاتباعه ولا العمل به فهل تجد من أحد منهم قط أنه جعل رأي رجل بعينه دينا تترك له السنن الثابتة عن رسول الله ص - ويبدع ويضلل من خالفه إلى اتباع السنن فهؤلاء برك الإسلام وعصابة الإيمان وأئمة الهدى ومصابيح الدجى وأنصح الأئمة للأمة وأعلمهم بالأحكام وأدلتها وأفقههم في دين الله وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا وعليهم دارت الفتيا وعنهم انتشر العلم وأصحابهم هم فقهاء الأمة ومنهم من كان مقيما بالكوفة كعلي وابن مسعود وبالمدينة كعمر ابن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت وبالبصرة كأبي موسى الأشعري وبالشام كمعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان وبمكة كعبد الله بن عباس وبمصر كعبد الله بن عمرو بن العاص وعن هذه الأمصار انتشر العلم في الآفاق واكثر من روى عنه التحذير من الرأي من كان بالكوفة إرهاصا بين يدي ما علم الله سبحانه أنه يحدث فيها بعدهم "

وأهل الرأي ومن استعمل هذا المنهج في مذهبه كأبي حنيفة رحمه الله نجد مذهبهم أكثره مرجوح ونجده الأبعد عن السنة ويتبناه - في الغالب - أصحاب العقيدة المنحرفة مثل المرجئة والأشعرية والماتريدية وغيرها من مناهج أهل الكلام .

ومن أهل الرأي يذكرون ابراهيم النخعي وربية الرأي شيخ الإمام مالك وأبو حنيفة وأصحابه .

أما أهل الحديث فشامة حراس الأرض وفرسان هذا الدين يرون أن دين الله كامل شامل لقوله تعالى :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

وقال تعالى :
{ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }

حتى قال سفيان الثوري رحمه الله " إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل "

لا يرون رأياً بعد كلام الله ورسوله ولا يقدمون رأياً ولا قياساً ولا هوى على كتاب الله وسنة رسوله وهم الطائفة المنصورة كما تواتر عن أئمة السلف وأنقل لكم شيئاً من نورهم ..

قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (270) :
تحت حديث " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة "

1 - عبد الله بن المبارك ( 118 - 181 ) ، فروى الخطيب بسنده عن سعيد ابن يعقوب الطالقاني أو غيره قال :
" ذكر ابن المبارك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة ... قال ابن المبارك : هم عندي أصحاب الحديث " .
2 - علي بن المديني ( 161 - 234 ) ، و روى الخطيب أيضا من طريق الترمذي و هذا في " سننه " ( 2 / 30 ) و قد ساق الحديث من رواية المزني المتقدمة ( رقم 5 )
ثم قال :
" قال محمد بن إسماعيل ( هو البخاري ) قال علي بن المديني : هم أصحاب الحديث "
3 - أحمد بن حنبل ( 164 - 241 ) ، روى الحاكم في " معرفة علوم الحديث " ( ص 2 ) و الخطيب بإسنادين ، صحح أحدهما الحافظ ابن حجر عن الإمام أحمد أنه سئل عن معنى هذا الحديث فقال :
" إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم " .
و روى الخطيب ( 33 / 3 ) مثل هذا في تفسير الفرقة الناجية .
4 - أحمد بن سنان الثقة الحافظ ( ... - 259 ) روى الخطيب عن أبي حاتم قال :
سمعت أحمد بن سنان و ذكر حديث " لا تزال طائفة من أمتي على الحق " فقال : هم
أهل العلم و أصحاب الآثار ."
5 - البخاري محمد بن إسماعيل ( 194 - 256 ) ، روى الخطيب عن إسحاق بن أحمد
قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري - و ذكر حديث موسى بن عقبة عن أبي الزبير
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي " ، فقال البخاري : يعني أصحاب الحديث . و قال في " صحيحه " و قد علق الحديث و جعله بابا : " و هم أهل العلم " و لا منافاة بينه و بين ما قبله كما هو ظاهر ، لأن أهل العلم هم أهل الحديث ، و كلما كان المرء أعلم بالحديث كان أعلم في العلم ممن هو دونه في الحديث كما لا يخفى .
و قال في كتابه " خلق أفعال العباد " ( ص 77 - طبع الهند ) و قد ذكر بسنده حديث أبي سعيد الخدري في قوله تعالى ( و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) قال البخاري :
" هم الطائفة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فذكر الحديث .

قال الشيخ الألباني : و يعجبني بهذا الصدد قول الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه " شرف أصحاب الحديث " انتصارا لهم و ردا على من خالفهم :
" و لو أن صاحب الرأي المذموم شغل بما ينفعه من العلوم ، و طلب سنن رسول رب العالمين ، و اقتفى آثار الفقهاء و المحدثين ، لوجد في ذلك ما يغنيه عن سواه ،و اكتفي بالأثر عن رأيه الذي يراه ، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد و بيان ما جاء من وجوه الوعد و الوعيد ، و صفات رب العالمين - تعالى عن مقالات الملحدين - و الإخبار عن صفة الجنة و النار ، و ما أعد الله فيها للمتقين و الفجار ، و ما خلق الله في الأرضين و السماوات و صنوف العجائب و عظيم الآيات و ذكر الملائكة المقربين ، و نعت الصافين و المسبحين .
و في الحديث قصص الأنبياء و أخبار الزهاد و الأولياء و مواعظ البلغاء ، و كلام الفقهاء ، و سير ملوك العرب و العجم ، و أقاصيص المتقدمين من الأمم ، و شرح مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم ، و سراياه ، و جمل أحكامه و قضاياه ، و خطبه و عظاته ، و أعلامه و معجزاته ، و عدة أزواجه و أولاده ، و أصهاره و أصحابه ، و ذكر فضائلهم و مآثرهم ، و شرح أخبارهم و مناقبهم ، و مبلغ أعمارهم ، و بيان أنسابهم .
و فيه تفسير القرآن العظيم ، و ما فيه من النبأ و الذكر الحكيم ، و أقاويل الصحابة في الأحكام المحفوظة عنهم ، و تسمية من ذهب إلى قول كل واحد منهم ، من الأئمة الخالفين ، و الفقهاء المجتهدين .
و قد جعل الله أهله أركان الشريعة ، و هدم بهم كل بدعة شنيعة ، فهم أمناء الله في خليقته ، و الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم و أمته ، و المجتهدون في حفظ ملته ، أنوارهم زاهرة ، و فضائلهم سائرة ، و آياتهم باهرة ، و مذاهبهم ظاهرة ، و حججهم قاهرة . و كل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه ، و تستحسن رأيا تعكف عليه ، سوى أصحاب الحديث ، فإن الكتاب عدتهم ، و السنة حجتهم ، و الرسول فئتهم ، و إليه نسبتهم ، لا يعرجون على الأهواء ، و لا يلتفتون إلى الآراء .
يقبل منهم ما رووا عن الرسول ، و هم المأمونون عليه العدول . حفظة الدين و خزنته ، و أوعية العلم و حملته ، إذا اختلف في حديث كان إليهم الرجوع ، فما حكموا به فهو المقبول المسموع . منهم كل عالم فقيه ، و إمام رفيع نبيه ، و زاهد في قبيلة ، و مخصوص بفضيلة ، و قارىء متقن ، و خطيب محسن . و هم الجمهور العظيم و سبيلهم السبيل المستقيم ، و كل مبتدع باعتقادهم يتظاهر ، و على الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر ، من كادهم قصمهم الله ، و من عاندهم خذله الله ، لا يضرهم من خذلهم ، و لا يفلح من اعتزلهم ، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير ، و بصر الناظر بالسوء إليهم حسير ، و إن الله على نصرهم لقدير . ( ثم ساق الحديث من رواية قرة ثم روى بسنده عن علي بن المديني أنه قال : هم أهل الحديث و الذين يتعاهدون مذاهب الرسول ، و يذبون عن العلم لولاهم لم تجد عند المعتزلة و الرافضة و الجهمية و أهل الإرجاء و الرأي شيئا من السنن : قال الخطيب ) فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين ، و صرف عنهم كيد العاندين ، لتمسكهم بالشرع المتين ، و اقتفائهم آثار الصحابة و التابعين ، فشأنهم حفظ
الآثار ، و قطع المفاوز و القفار ، و ركوب البراري و البحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ، لا يعرجون عنه إلى رأي و لا هوى . قبلوا شريعته قولا و فعلا ، و حرسوا سنته حفظا و نقلا ، حتى ثبتوا بذلك أصلها ، و كانوا أحق بها و أهلها ، و كم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها ، و الله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها ، فهم الحفاظ لأركانها ، و القوامون بأمرها و شأنها ، إذا صدف عن الدفاع عنها ، فهم دونها يناضلون ، أولئك حزب الله ، ألا إن حزب الله هم المفلحون " . انتهى

قال ابن حبان في كتابه " الثقات " :
قال أبو حاتم:
" فرسان هذا العلم الذين حفظوا على المسلمين الدين، وهدوهم إلى الصراط المستقيم.
الذين آثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الديار والاوطان في طلب السنن في الامصار، وجمعها بالوجل والاسفار والدوران في جميع الافطار، حتى إن أحدهم ليرحل في الحديث الواحد الفراسخ البعيدة، وفى الكلمة الواحدة الايام الكثيرة لئلا يدخل مضل في السنن شيئا يضل به، وإن فعل فهم الذابون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكذب، والقائمون بنصرة الدين "

ويقولون اعرف الحق تعرف أهل وأهل الأثر والحديث أكثر السلف والإمام مالك وأيوب السختياني شيخ مالك والشافعي وأحمد وسفيان الثوري وسفيان ابن عيينة وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدي واسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة وابن المديني والبخاري ومسلم وأصحاب السنن والمسانيد والمصنفات وابن حبان وابن خزيمة والدارقطني وغيرهم الكثير والكثير من الأسماء الامعة والأنوار الساطعة .
كلهم منهجهم الفكري " إذا صح الحديث فهو مذهبي " و " إذا خالف قول الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط "

الكلام عن فضلهم ووصفهم كثير وتحقيق أن منهجهم هو الحق أيضاً يحتاج لبسط أكثر وإسهاب ليس المقام له .

أما الاختلاف في الرأي وقبوله الاجتهادات فهو أمر أدبي يجب أن يتحلى به الجميع وأيضاً الأئمة ضربوا في ذلك أعظم الأمثلة ولكن عند بيان المنهج الفكري والأصول التي يبني عليها كل مسلم مذهبه يجب أن تكون مبينة على محجة بيضاء ناصعة فكل عمل في الدنيا ليس إلا سنة أو بدعة وكل فعل إما أن يوافق الشرع أو يوافق الهوى والدين مبني على أصول معروفة كتاب وسنة وقال صلى الله عليه وسلم :
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم

فليس ثمَّة شرع أو هوى
سنة أو بدعة
نص أو رأي

لذا نجد أن منهج أهل الحديث وفكرهم لا يتبناه - في الكثرة الكاثرة - إلا أصحاب المعتقد السليم فكان منهجهم باعتراف الموافق والمخالف الأسلم والأورع .

فمن تبعهم بإحسان لا يضل سعيه وهو مع الطائفة المنصورة إن شاء الله

والله أعلم

جادي
11.12.2010, 22:40
إذا كان هناك مقارنة بين أهل الرأي وأهل الحديث أو أهل الأثر فالمقصود بأهل الرأي حينئذ الطائفة التي تشددت في قبول الحديث وأكثرت من الأقيسة والافتراضات العقلية سواء في الفقه أو العقيدة أو تفسير كلام الله عز وجل .
وبالغوا في هذه الأمور حتى قال قائلهم أن أصول الشريعة الكتاب والسنة لم تفي بعشر احتياجات الناس فاضطر الناس إلى القياس .

ويقال عنهم أهل الرأي وأهل الكلام وأهل القياس ..
والرأي ليس مذهباً وإنما هو منهج فكري وهذا المنهج ذمه السلف رضي الله عنهم ونقل ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين نقولات في ذم الرأي في الشريعة أنقل منها مثلة :

عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال " أصبح أهل الرأي أعداء السنن أعيتهم أن يعوها وتفلتت منهم أن يرووها فاستبقوها بالرأي "

عن عبيد الله ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال " اتقوا الرأي في دينكم "

عن مسروق عن عبد الله قال " لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر من الذي قبله أما أني لا أقول أمير خير من أمير ولا عام أخصب من عام ولكن فقهاؤكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا ويجيء قوم يقيسون الأمور برأيهم "

وقال ابن وهب ثنا شقيق عن مجالد به قال " ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فينهدم الإسلام ويثلم "

عن عبد خير عن علي رضي الله عنه أنه قال " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه "

عن أبي فزارة قال قال ابن عباس " إنما هو كتاب الله وسنة رسول الله فمن قال بعد ذلك برأيه فلا أدري أفي حسناته يجد ذلك أم في سيئاته "

قال ابن القيم رحمه الله معقباً :
" فهؤلاء من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد ابن ثابت وسهل بن حنيف ومعاذ بن جبل ومعاوية خال المؤمنين وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم يخرجون الرأي عن العلم ويذمونه ويحذرون منه وينهون عن الفتيا به ومن اضطر منهم إليه أخبر أنه ظن وأنه ليس على ثقة منه وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان وأن الله ورسوله بريء منه وأن غايته أن يسوغ الأخذ به عند الضرورة من غير لزوم لاتباعه ولا العمل به فهل تجد من أحد منهم قط أنه جعل رأي رجل بعينه دينا تترك له السنن الثابتة عن رسول الله ص - ويبدع ويضلل من خالفه إلى اتباع السنن فهؤلاء برك الإسلام وعصابة الإيمان وأئمة الهدى ومصابيح الدجى وأنصح الأئمة للأمة وأعلمهم بالأحكام وأدلتها وأفقههم في دين الله وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا وعليهم دارت الفتيا وعنهم انتشر العلم وأصحابهم هم فقهاء الأمة ومنهم من كان مقيما بالكوفة كعلي وابن مسعود وبالمدينة كعمر ابن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت وبالبصرة كأبي موسى الأشعري وبالشام كمعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان وبمكة كعبد الله بن عباس وبمصر كعبد الله بن عمرو بن العاص وعن هذه الأمصار انتشر العلم في الآفاق واكثر من روى عنه التحذير من الرأي من كان بالكوفة إرهاصا بين يدي ما علم الله سبحانه أنه يحدث فيها بعدهم "

وأهل الرأي ومن استعمل هذا المنهج في مذهبه كأبي حنيفة رحمه الله نجد مذهبهم أكثره مرجوح ونجده الأبعد عن السنة ويتبناه - في الغالب - أصحاب العقيدة المنحرفة مثل المرجئة والأشعرية والماتريدية وغيرها من مناهج أهل الكلام .

ومن أهل الرأي يذكرون ابراهيم النخعي وربية الرأي شيخ الإمام مالك وأبو حنيفة وأصحابه .

أما أهل الحديث فشامة حراس الأرض وفرسان هذا الدين يرون أن دين الله كامل شامل لقوله تعالى :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }

وقال تعالى :
{ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ }

حتى قال سفيان الثوري رحمه الله " إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل "

لا يرون رأياً بعد كلام الله ورسوله ولا يقدمون رأياً ولا قياساً ولا هوى على كتاب الله وسنة رسوله وهم الطائفة المنصورة كما تواتر عن أئمة السلف وأنقل لكم شيئاً من نورهم ..

قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (270) :
تحت حديث " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة "
1 - عبد الله بن المبارك ( 118 - 181 ) ، فروى الخطيب بسنده عن سعيد ابن يعقوب الطالقاني أو غيره قال :
" ذكر ابن المبارك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة ... قال ابن المبارك : هم عندي أصحاب الحديث " .
2 -
علي بن المديني ( 161 - 234 ) ، و روى الخطيب أيضا من طريق الترمذي و هذا في " سننه " ( 2 / 30 ) و قد ساق الحديث من رواية المزني المتقدمة ( رقم 5 )
ثم قال :
" قال محمد بن إسماعيل ( هو البخاري ) قال علي بن المديني : هم أصحاب الحديث "
3 -
أحمد بن حنبل ( 164 - 241 ) ، روى الحاكم في " معرفة علوم الحديث " ( ص 2 ) و الخطيب بإسنادين ، صحح أحدهما الحافظ ابن حجر عن الإمام أحمد أنه سئل عن معنى هذا الحديث فقال :
" إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم " .
و روى الخطيب ( 33 / 3 ) مثل هذا في تفسير الفرقة الناجية .
4 -
أحمد بن سنان الثقة الحافظ ( ... - 259 ) روى الخطيب عن أبي حاتم قال :
سمعت أحمد بن سنان و ذكر حديث " لا تزال طائفة من أمتي على الحق " فقال : هم
أهل العلم و أصحاب الآثار ."
5 -
البخاري محمد بن إسماعيل ( 194 - 256 ) ، روى الخطيب عن إسحاق بن أحمد
قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري - و ذكر حديث موسى بن عقبة عن أبي الزبير
عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزال طائفة من أمتي " ، فقال البخاري : يعني أصحاب الحديث . و قال في " صحيحه " و قد علق الحديث و جعله بابا : " و هم أهل العلم " و لا منافاة بينه و بين ما قبله كما هو ظاهر ، لأن أهل العلم هم أهل الحديث ، و كلما كان المرء أعلم بالحديث كان أعلم في العلم ممن هو دونه في الحديث كما لا يخفى .
و قال في كتابه " خلق أفعال العباد " ( ص 77 - طبع الهند ) و قد ذكر بسنده حديث أبي سعيد الخدري في قوله تعالى ( و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) قال البخاري :
" هم الطائفة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فذكر الحديث .

قال الشيخ الألباني : و يعجبني بهذا الصدد قول الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه " شرف أصحاب الحديث " انتصارا لهم و ردا على من خالفهم :
" و لو أن صاحب الرأي المذموم شغل بما ينفعه من العلوم ، و طلب سنن رسول رب العالمين ، و اقتفى آثار الفقهاء و المحدثين ، لوجد في ذلك ما يغنيه عن سواه ،و اكتفي بالأثر عن رأيه الذي يراه ، لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد و بيان ما جاء من وجوه الوعد و الوعيد ، و صفات رب العالمين - تعالى عن مقالات الملحدين - و الإخبار عن صفة الجنة و النار ، و ما أعد الله فيها للمتقين و الفجار ، و ما خلق الله في الأرضين و السماوات و صنوف العجائب و عظيم الآيات و ذكر الملائكة المقربين ، و نعت الصافين و المسبحين .
و في الحديث قصص الأنبياء و أخبار الزهاد و الأولياء و مواعظ البلغاء ، و كلام الفقهاء ، و سير ملوك العرب و العجم ، و أقاصيص المتقدمين من الأمم ، و شرح مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم ، و سراياه ، و جمل أحكامه و قضاياه ، و خطبه و عظاته ، و أعلامه و معجزاته ، و عدة أزواجه و أولاده ، و أصهاره و أصحابه ، و ذكر فضائلهم و مآثرهم ، و شرح أخبارهم و مناقبهم ، و مبلغ أعمارهم ، و بيان أنسابهم .
و فيه تفسير القرآن العظيم ، و ما فيه من النبأ و الذكر الحكيم ، و أقاويل الصحابة في الأحكام المحفوظة عنهم ، و تسمية من ذهب إلى قول كل واحد منهم ، من الأئمة الخالفين ، و الفقهاء المجتهدين .
و قد جعل الله أهله أركان الشريعة ، و هدم بهم كل بدعة شنيعة ، فهم أمناء الله في خليقته ، و الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم و أمته ، و المجتهدون في حفظ ملته ، أنوارهم زاهرة ، و فضائلهم سائرة ، و آياتهم باهرة ، و مذاهبهم ظاهرة ، و حججهم قاهرة . و كل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه ، و تستحسن رأيا تعكف عليه ، سوى أصحاب الحديث ، فإن الكتاب عدتهم ، و السنة حجتهم ، و الرسول فئتهم ، و إليه نسبتهم ، لا يعرجون على الأهواء ، و لا يلتفتون إلى الآراء .
يقبل منهم ما رووا عن الرسول ، و هم المأمونون عليه العدول . حفظة الدين و خزنته ، و أوعية العلم و حملته ، إذا اختلف في حديث كان إليهم الرجوع ، فما حكموا به فهو المقبول المسموع . منهم كل عالم فقيه ، و إمام رفيع نبيه ، و زاهد في قبيلة ، و مخصوص بفضيلة ، و قارىء متقن ، و خطيب محسن . و هم الجمهور العظيم و سبيلهم السبيل المستقيم ، و كل مبتدع باعتقادهم يتظاهر ، و على الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر ، من كادهم قصمهم الله ، و من عاندهم خذله الله ، لا يضرهم من خذلهم ، و لا يفلح من اعتزلهم ، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير ، و بصر الناظر بالسوء إليهم حسير ، و إن الله على نصرهم لقدير . ( ثم ساق الحديث من رواية قرة ثم روى بسنده عن علي بن المديني أنه قال : هم أهل الحديث و الذين يتعاهدون مذاهب الرسول ، و يذبون عن العلم لولاهم لم تجد عند المعتزلة و الرافضة و الجهمية و أهل الإرجاء و الرأي شيئا من السنن : قال الخطيب ) فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين ، و صرف عنهم كيد العاندين ، لتمسكهم بالشرع المتين ، و اقتفائهم آثار الصحابة و التابعين ، فشأنهم حفظ
الآثار ، و قطع المفاوز و القفار ، و ركوب البراري و البحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ، لا يعرجون عنه إلى رأي و لا هوى . قبلوا شريعته قولا و فعلا ، و حرسوا سنته حفظا و نقلا ، حتى ثبتوا بذلك أصلها ، و كانوا أحق بها و أهلها ، و كم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها ، و الله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها ، فهم الحفاظ لأركانها ، و القوامون بأمرها و شأنها ، إذا صدف عن الدفاع عنها ، فهم دونها يناضلون ، أولئك حزب الله ، ألا إن حزب الله هم المفلحون " . انتهى

قال ابن حبان في كتابه " الثقات " :
قال أبو حاتم:
" فرسان هذا العلم الذين حفظوا على المسلمين الدين، وهدوهم إلى الصراط المستقيم.
الذين آثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الديار والاوطان في طلب السنن في الامصار، وجمعها بالوجل والاسفار والدوران في جميع الافطار، حتى إن أحدهم ليرحل في الحديث الواحد الفراسخ البعيدة، وفى الكلمة الواحدة الايام الكثيرة لئلا يدخل مضل في السنن شيئا يضل به، وإن فعل فهم الذابون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكذب، والقائمون بنصرة الدين "

ويقولون اعرف الحق تعرف أهل وأهل الأثر والحديث أكثر السلف والإمام مالك وأيوب السختياني شيخ مالك والشافعي وأحمد وسفيان الثوري وسفيان ابن عيينة وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدي واسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة وابن المديني والبخاري ومسلم وأصحاب السنن والمسانيد والمصنفات وابن حبان وابن خزيمة والدارقطني وغيرهم الكثير والكثير من الأسماء الامعة والأنوار الساطعة .
كلهم منهجهم الفكري " إذا صح الحديث فهو مذهبي " و " إذا خالف قول الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط "

الكلام عن فضلهم ووصفهم كثير وتحقيق أن منهجهم هو الحق أيضاً يحتاج لبسط أكثر وإسهاب ليس المقام له .

أما الاختلاف في الرأي وقبوله الاجتهادات فهو أمر أدبي يجب أن يتحلى به الجميع وأيضاً الأئمة ضربوا في ذلك أعظم الأمثلة ولكن عند بيان المنهج الفكري والأصول التي يبني عليها كل مسلم مذهبه يجب أن تكون مبينة على محجة بيضاء ناصعة فكل عمل في الدنيا ليس إلا سنة أو بدعة وكل فعل إما أن يوافق الشرع أو يوافق الهوى والدين مبني على أصول معروفة كتاب وسنة وقال صلى الله عليه وسلم :
" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " رواه مسلم

فليس ثمَّة شرع أو هوى
سنة أو بدعة
نص أو رأي

لذا نجد أن منهج أهل الحديث وفكرهم لا يتبناه - في الكثرة الكاثرة - إلا أصحاب المعتقد السليم فكان منهجهم باعتراف الموافق والمخالف الأسلم والأورع .

فمن تبعهم بإحسان لا يضل سعيه وهو مع الطائفة المنصورة إن شاء الله

والله أعلم


جزاكم الله خيرا اخي الحبيب ابا حمزة على هذا العرض الرائع الماتع لاحرمت الاجر جعله في موازين حسناتك استفدت منه جدا
رحم الله علمأنا وجزاهم الله خيرا عن الاسلام والمسلمين
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
ورزقنا واياكم الفردوس الاعلى