آخر 20 مشاركات
خطايا يسوع : كيف تعامل الربّ المزعوم مع أمه ؟؟؟؟!!!! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تواضروس و هروب مدوي من سؤال لنصراني (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          معبود الكنيسة وغنائم الحرب (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          سرقات توراتية ! (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أدعية الوتر : رمضان 1445 هجري (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 18 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 18 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          النصارى و كسر الوصايا (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          القرآن الكريم يعرض لظاهرة عَمَى الفضاء (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          أفلا أكون عبداً شكوراً (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Ramadán 2024 _ el mes del corán / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          Tarawih _ 2024 / 17 (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          تراويح 1445 هجري : ليلة 17 رمضان (الكاتـب : * إسلامي عزّي * - )           »          لماذا يُربط زوراً و بهتاناً الإرهاب و التطرف بإسم الإسلام ؟؟!! (الكاتـب : د/ عبد الرحمن - آخر مشاركة : * إسلامي عزّي * - )           »          كتاب ( خلاصة الترجيح في نجاة المسيح ) أخر ما كتبت في نقد عقيدة الصلب والفداء (الكاتـب : ENG MAGDY - )


رد
 
أدوات الموضوع أنواع عرض الموضوع
   
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 19.11.2010, 01:40
صور نوف الرمزية

نوف

عضو

______________

نوف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 19.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 27  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
02.01.2011 (15:00)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي مساااعده في تفسير 3 آيات من سورة الفتـــــــح .... الرجاااء الدخووول


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"عيد مبارك ع الجميع
وكل عام وانتم بصحه وعافيه"


اخواني واخواتي اتمنى منكم مساعدتي في إعداد بحثي وهو عباره عن :
تفسير الآيات الثلاث(22ـ26) من سورة الفتح وهي تتحدث عن بعض صفات الكفار فيما يتعلق بالقتال.
تفسيرها تفسيرا تحليليًا بتتبع أصح طرق التفسير
ومعتمدة على كتب التفسير التحليلي لكبار المفسرين على أن تراعي:
أهداف السورة العامة، وتحليل المفردات الغريبة وما يراد بها في الآية، وذكر سبب النزول الصحيح إن وجد،
والعناية بإبراز إعجاز القرآن عن طريق ذكر النكت البلاغية و أسرار اختيار اللفظ دون غيره، والمعنى الإجمالي للآيات،
واستنباط الفوائد والإرشادات من الآيات.

وإبراز عنصر الابتكار في البحث من خلال حسن الربط بين الآيات وفي استنباط الإرشادات...
مقدمة بين يدي السورة وتشمل:
اسمائها، فضلها، نزولها، مناسبتها لماقبلها وما بعدها، أغراضها، محورها ..

وجزااااكم الله الجنــــــــــه
للمزيد من مواضيعي

 






رد باقتباس
قديم 19.11.2010, 03:02
نوف
هذه الرسالة حذفها بن الإسلام. السبب: تم الرد فى المشاركات التالية
   
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 19.11.2010, 16:13

ابو علي الفلسطيني

مشرف عام

______________

ابو علي الفلسطيني غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 04.12.2009
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 741  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
26.04.2015 (23:18)
تم شكره 12 مرة في 11 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

اولا تفسير الايات:

من تفسير السعدي رحمه الله تعالى:

{ 22-23 } { وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا } .
هذه بشارة من الله لعباده المؤمنين، بنصرهم على أعدائهم الكافرين، وأنهم لو قابلوهم وقاتلوهم { لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا } يتولى أمرهم، { وَلا نَصِيرًا } ينصرهم ويعينهم على قتالكم، بل هم مخذولون مغلوبون وهذه سنة الله في الأمم السابقة، أن جند الله هم الغالبون، { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا }
{ 24-25 } { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } .
يقول تعالى ممتنا على عباده بالعافية، من شر الكفار ومن قتالهم، فقال: { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ } أي: أهل مكة { عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } أي: من بعد ما قدرتم عليهم، وصاروا تحت ولايتكم بلا عقد ولا عهد، وهم نحو ثمانين رجلا انحدروا على المسلمين ليصيبوا منهم غرة، فوجدوا المسلمين منتبهين فأمسكوهم، فتركوهم ولم يقتلوهم، رحمة من الله بالمؤمنين إذ لم يقتلوهم، { وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا } فيجازي كل عامل بعمله، ويدبركم أيها المؤمنون بتدبيره الحسن.
ثم ذكر تعالى الأمور المهيجة على قتال المشركين، وهي كفرهم بالله ورسوله، وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين، أن يأتوا للبيت الحرام زائرين معظمين له بالحج والعمرة، وهم الذين أيضا صدوا { الهدي مَعْكُوفًا } أي: محبوسا { أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } وهو محل ذبحه وهو مكة، فمنعوه من الوصول إليه ظلما وعدوانا، وكل هذه أمور موجبة وداعية إلى قتالهم، ولكن ثم مانع وهو: وجود رجال ونساء من أهل الإيمان بين أظهر المشركين، وليسوا متميزين بمحلة أو مكان يمكن أن لا ينالهم أذى، فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون، والنساء المؤمنات، الذين لا يعلمهم المسلمون أن تطأوهم، أي: خشية أن تطأوهم { فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ } والمعرة: ما يدخل تحت قتالهم، من نيلهم بالأذى والمكروه، وفائدة أخروية، وهو: أنه ليدخل في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالإيمان بعد الكفر، وبالهدى بعد الضلال، فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب.
{ لَوْ تَزَيَّلُوا } أي: لو زالوا من بين أظهرهم { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } بأن نبيح لكم قتالهم، ونأذن فيه، وننصركم عليهم.
{ 26 } { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } .
يقول تعالى: { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } حيث أنفوا من كتابة { بسم الله الرحمن الرحيم } وأنفوا من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إليهم في تلك السنة، لئلا يقول الناس: " دخلوا مكة قاهرين لقريش " وهذه الأمور ونحوها من أمور الجاهلية، لم تزل في قلوبهم حتى أوجبت لهم ما أوجبت [ ص 795 ] من كثير من المعاصي، { فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به، بل صبروا لحكم الله، والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت، ولم يبالوا بقول القائلين، ولا لوم اللائمين.
{ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } وهي " لا إله إلا الله " وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها، { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا } من غيرهم { و } كانوا { أهلها } الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير، ولهذا قال: { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }

من كتاب اعراب القران وبيانه لمؤلفه: محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش

(22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)

اللغة:
(الْهَدْيَ) تقدم تفسيره وفيه ثلاث لغات حكاها ابن خالويه:
الهدي وهي الشهيرة، والهدي بتشديد الياء، والهداء وهو ما يهدى إلى الكعبة.
(مَعْكُوفاً) محبوسا يقال عكفت الرجل عن حاجته إذا حبسته عنها، وأنكر الفارسي تعدية عكف بنفسه وهو محجوج كما يقول الأزهري وابن سيده ببناء اسم المفعول منه.
(مَعَرَّةٌ) مفعلة من عره بمعنى عراه إذا داهاه ما يكره وفي القاموس واللسان: المعرة المساءة والإثم والأذى والجناية والعيب والأمر القبيح والشدّة والمسبة وتلوّن الوجه غضبا وكوكب دون المجرة وبلد معروف.
الإعراب:
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) الواو استئنافية ولو شرطية وقاتلكم فعل ومفعول به مقدّم والذين فاعل وجملة كفروا صلة، ولولّوا اللام واقعة في جواب لو وولّوا فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب لو والأدبار مفعول به وثم حرف عطف ولا نافية ويجدون فعل مضارع مرفوع وفاعل ووليّا مفعول به ولا نصيرا عطف عليه (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) سنّة مفعول مطلق لأنه مصدر مؤكد أي سنّ الله غلبة أنبيائه سنّة، والتي صفة لسنّة الله وجملة قد خلت صلة التي ومن قبل متعلقان بخلت والواو عاطفة ولن حرف نفي ونصب واستقبال وتجد فعل مضارع منصوب بلن ولسنّة الله متعلقان بتجد وتبديلا مفعول به (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) كلام مستأنف وهو مبتدأ والذي خبره وجملة كفّ صلة وأيديهم مفعول به وعنكم متعلقان بكفّ وأيديكم عنهم عطف على أيديهم عنكم وببطن مكة بيان للموقع وهو الحديبية فهو متعلق بمحذوف حال أي كائنين ببطن مكة والحديبية ملاصقة للحرم ومن بعد متعلقان بكف أيضا وأن وما في حيزها في محل جر بالإضافة إلى الظرف وعليهم متعلقان بأظفركم (وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) كان واسمها وبصيرا خبرها وبما تعملون متعلقان ببصيرا (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) كلام مستأنف لبيان الذين صدّوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام، وهم مبتدأ والذين خبره وجملة كفروا صلة وصدّوكم عطف على الصلة وعن المسجد متعلقان بصدّوكم والحرام نعت والهدي عطف على الضمير المنصوب في صدّوكم وهو الكاف ويجوز أن تكون مفعولا معه والواو للمعية ومعكوفا حال، وأن يبلغ أن وما في حيزها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض أي عن أن يبلغ أو من أن يبلغ وحينئذ يجوز في هذا الجار المقدّر أن يتعلق بصدّوكم وأن يتعلق بمعكوفا أي محبوسا عن بلوغ محله ويجوز أن يكون المصدر المؤول في موضع نصب على أنه مفعول من أجله لأنه علة الصدّ والتقدير صدّوا الهدي كراهة أن يبلغ محله أو هو علة لمعكوفا أي لأجل أن يبلغ محله، وأعربه بعضهم بدل اشتمال من الهدي أي مسددا بلوغ الهدي محله (وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) الواو عاطفة ولولا حرف امتناع لوجود ورجال مبتدأ خبره محذوف تقديره موجودون بمكة ومؤمنون نعت رجال ونساء مؤمنات عطف على رجال مؤمنون وجملة لم تعلموهم صفة للرجال والنساء جميعا وأن وما في حيزها في تأويل مصدر بدل اشتمال منهم أو من الضمير المنصوب في تعلموهم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الفاء سببية وتصيبكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية والكاف مفعول به ومنهم متعلقان بتصيبكم ومعرّة فاعل تصيبكم وبغير علم متعلقان بمحذوف حال من الكاف أو بمحذوف صفة لمعرّة وسيأتي الكلام في جواب لولا (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) اللام للتعليل ويدخل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بمقدر أي كان انتفاء التسليط على أهل مكة وانتفاء العذاب ليدخل الله فهو علّة لما دلّ عليه كفّ الأيدي المفهوم من السياق عن أهل مكة صونا لمن فيها من المؤمنين وفي رحمته متعلقان بيدخل ومن يشاء مفعول به وجملة يشاء صلة ولو شرطية وتزيلوا فعل ماض وفاعل أي لو تميز بعضهم من بعض واللام رابطة وجملة عذبنا لا محل لها لأنها جواب لو وقد دلّ على جواب لولا وسيأتي مزيد من هذا البحث في باب البلاغة وعذبنا فعل وفاعل والذين كفروا مفعول به ومنهم حال وعذابا مفعول مطلق وأليما صفة (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بعذبنا أو بصدّوهم عن المسجد الحرام ولك أن تنصبه بإضمار اذكر وجملة جعل في محل جر بإضافة الظرف إليها
والذين فاعل وجملة كفروا صلة وفي قلوبهم متعلقان بجعل إذا كانت بمعنى ألقى أو بمحذوف مفعول به ثان لجعل إن كانت بمعنى صيّر والحمية مفعول به أول وحمية الجاهلية بدل والحمية الأنفة يقال حميت عن كذا حمية إذا أنفت عنه وداخلك عار وأنفة لفعله، قال المتلمس:
ألا إنني منهم وعرضي عرضهم ... كذا الرأس يحمي أنفه أن يهشما
(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) الفاء عاطفة على مقدّر لا بدّ منه يفهم من السياق أي فهمّ المسلمون أن يخالفوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح ودخلوا من ذلك في أمر موبق أو يساور قلوبهم الشك فأنزل. والله فاعله وسكينته مفعول به وعلى رسوله متعلقان بأنزل وعلى المؤمنين عطف على ما تقدم وألزمهم عطف أيضا والهاء مفعول أول وكلمة التقوى مفعول به ثان وسيأتي المراد بها في باب الفوائد وكانوا عطف على ما تقدم وأحقّ خبر كانوا وبها متعلقان بأحق وأهلها عطف على أحق عطف تفسير (وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) كان واسمها وبكل شيء متعلقان بعليما وعليما خبرها.

البلاغة:
في هذه الآية لطائف معنوية وهو أنه تعالى أبان غاية البون بين الكافر والمؤمن، باين بين الفاعلين إذ فاعل جعل هو الكفار وفاعل أنزل هو الله تعالى، وبين المفعولين إذ تلك حمية وهذه سكينة، وبين الإضافتين أضاف الحمية إلى الجاهلية وأضاف السكينة إلى الله تعالى، وبين الفعل جعل وأنزل فالحمية مجعولة في الحال في العرض الذي لا يبقى والسكينة كالمحفوظة في خزانة الرحمة فأنزلها والحمية قبيحة مذمومة في نفسها وازدادت قبحا بالإضافة إلى الجاهلية والسكينة حسنة في نفسها وازدادت حسنا بإضافتها إلى الله تعالى والعطف في فأنزل بالفاء لا بالواو يدل على المقابلة تقول أكرمني زيد فأكرمته فدلّت على المجازاة للمقابلة ولذلك جعل فأنزل، ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أجاب أولا إلى الصلح وكان المؤمنون عازمين على القتال لا يرجعوا إلى أهلهم إلا بعد فتح مكة أو النحر في المنحر وأبوا إلا أن يكتبوا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وباسم الله قال تعالى «على رسوله» ولما سكن هو صلى الله عليه وسلم للصلح سكن المؤمنون فقال «وعلى المؤمنين» ولما كان المؤمنون عند الله تعالى ألزموا تلك الكلمة قال تعالى «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» .

من كتاب غريب القران لابن قتيبة:

21- وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها: مكة.
25- وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أي محبوسا. يقال: عكفته عن كذا، إذا حبسته، ومنه: «العاكف في المسجد» إنما هو: الذي حبس نفسه فيه. أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ أي منحره.
وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ، مفسر في كتاب «التأويل» .
26- وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى: قول «لا إله إلا الله» .

من كتاب اسباب النزول للواحدي:

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الْآيَةَ {24} .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَمْرَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ قال: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَهُمْ أُسَرَاءَ فَاسْتَحْيَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}
(2) - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا ثَلَاثُونَ شَابًّا عَلَيْهِمُ السِّلَاحُ فَثَارُوا فِي وُجُوهِنَا، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَبْصَارِهِمْ وَقُمْنَا إِلَيْهِمْ فَأَخَذْنَاهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "هَلْ جِئْتُمْ فِي عَهْدِ أَحَدٍ؟ وَهَلْ جَعَلَ لَكُمْ أَحَدٌ أَمَانًا؟" فَقَالُوا: اللَّهُمَّ لَا، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الْآيَةَ.

واترك لكِ ترتيب البحث وتنسيقه ... والله الموفق







توقيع ابو علي الفلسطيني
تتسامى أرواحُنا للمعالي = قد حَدَاها عزم كحد الظَّــباتِ


هَـمُّــنا بعد الموت عيشُ خلود = لا نرى الموتَ غاية للحياةِ


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 04:14
صور نوف الرمزية

نوف

عضو

______________

نوف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 19.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 27  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
02.01.2011 (15:00)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


مشكووور اخي ابو علي
ولكن لم تذكر لي اهداف السوره وفضلها واسمائها و ...
الله يعطيك العافيه

واتمنى اللي عنده تفسير الطبري وابن كثير يكتب لي تفسير الأيات المحدده

وجزاااكم الله الجنه





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 07:51
صور أحمد شرارة الرمزية

أحمد شرارة

عضو

______________

أحمد شرارة غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 06.04.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 793  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
05.10.2011 (08:19)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
******
أخت الفاضله اليك ماقاله العلامه ابن كثير فى تفسيره عن طلبك -

وقوله : ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) يقول تعالى مبشرا لعباده المؤمنين : بأنه لو ناجزهم المشركون لنصر الله رسوله وعباده المؤمنين عليهم ، ولانهزم جيش الكفار فارا مدبرا لا يجدون وليا ولا نصيرا ; لأنهم محاربون لله ولرسوله ولحزبه المؤمنين .
ثم قال : ( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) أي : هذه سنة الله وعادته في خلقه ، ما تقابل الكفر والإيمان في موطن فيصل إلى نصر الله الإيمان على الكفر ، فرفع الحق ووضع الباطل ، كما فعل تعالى يوم بدر بأوليائه المؤمنين نصرهم على أعدائه من المشركين ، مع قلة عدد المسلمين وعددهم ، وكثرة المشركين وعددهم .
[ ص: 342 ] وقوله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا ) : هذا امتنان من الله على عباده المؤمنين حين كف أيدي المشركين عنهم ، فلم يصل إليهم منهم سوء ، وكف أيدي المؤمنين من المشركين فلم يقاتلوهم عند المسجد الحرام ، بل صان كلا من الفريقين ، وأوجد بينهم صلحا فيه خيرة للمؤمنين ، وعاقبة لهم في الدنيا والآخرة . وقد تقدم في حديث سلمة بن الأكوع حين جاءوا بأولئك السبعين الأسارى فأوثقوهم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليهم وقال : " أرسلوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه " . قال : وفي ذلك أنزل الله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) الآية .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح ، من قبل جبل التنعيم ، يريدون غرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا عليهم فأخذوا - قال عفان : فعفا عنهم - ونزلت هذه الآية : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم )
ورواه مسلم وأبو داود في سننه ، والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما ، من طرق ، عن حماد بن سلمة ، به .
وقال أحمد - أيضا - : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا الحسين بن واقد ، حدثنا ثابت البناني ، عن عبد الله بن مغفل المزني قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن ، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب وسهل بن عمرو بين يديه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : " اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم " ، فأخذ سهل بيده وقال : ما نعرف الرحمن الرحيم . اكتب في قضيتنا ما نعرف . قال : " اكتب باسمك اللهم " ، وكتب : " هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة " . فأمسك سهل بن عمرو بيده وقال : لقد ظلمناك إن كنت رسوله ، اكتب في قضيتنا ما نعرف . فقال : " اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله " . فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح ، فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ الله بأسماعهم ، فقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل جئتم في عهد أحد ؟ أو : هل جعل لكم أحد أمانا ؟ " فقالوا : لا . فخلى سبيلهم ، فأنزل الله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا ) . رواه النسائي من حديث حسين بن واقد ، به .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، حدثنا جعفر ، عن ابن أبزى قال : لما [ ص: 343 ] خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة ، قال له عمر : يا نبي الله ، تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع ؟ قال : فبعث إلى المدينة ، فلم يدع فيها كراعا ولا سلاحا إلا حمله ، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل ، فسار حتى أتى منى ، فنزل بمنى ، فأتاه عينه أن عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليك في خمسمائة ، فقال لخالد بن الوليد : " يا خالد ، هذا ابن عمك أتاك في الخيل ، فقال خالد : أنا سيف الله ، وسيف رسوله - فيومئذ سمي سيف الله - يا رسول الله ، ارم بي أين شئت . فبعثه على خيل ، فلقي عكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان مكة ، ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة ، ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخله حيطان مكة ، فأنزل الله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة [ من بعد أن أظفركم عليهم ] ) إلى : ( عذابا أليما ) . قال : فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها كراهية أن تطأهم الخيل .
ورواه ابن أبي حاتم عن ابن أبزى بنحوه . وهذا السياق فيه نظر ; فإنه لا يجوز أن يكون عام الحديبية ; لأن خالدا لم يكن أسلم ; بل قد كان طليعة المشركين يومئذ ، كما ثبت في الصحيح . ولا يجوز أن يكون في عمرة القضاء ، لأنهم قاضوه على أن يأتي من العام المقبل فيعتمر ويقيم بمكة ثلاثة أيام ، فلما قدم لم يمانعوه ، ولا حاربوه ولا قاتلوه . فإن قيل : فيكون يوم الفتح ؟ فالجواب : ولا يجوز أن يكون يوم الفتح ; لأنه لم يسق عام الفتح هديا ، وإنما جاء محاربا مقاتلا في جيش عرمرم ، فهذا السياق فيه خلل ، قد وقع فيه شيء فليتأمل ، والله أعلم .
وقال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم ، عن عكرمة مولى ابن عباس : أن قريشا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين ، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصيبوا من أصحابه أحدا ، فأخذوا أخذا ، فأتي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعفا عنهم وخلى سبيلهم ، وقد كانوا رموا إلى عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة والنبل . قال ابن إسحاق : وفي ذلك أنزل الله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) الآية .
وقال قتادة : ذكر لنا أن رجلا يقال له : " ابن زنيم " اطلع على الثنية من الحديبية ، فرماه المشركون بسهم فقتلوه ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلا فأتوه باثني عشر فارسا من الكفار ، فقال لهم : " هل لكم علي عهد ؟ هل لكم علي ذمة ؟ " . قالوا : لا . فأرسلهم ، وأنزل الله في ذلك : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) الآية
يقول تعالى مخبرا عن الكفار من مشركي العرب من قريش ومن مالأهم على نصرتهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هم الذين كفروا ) أي : هم الكفار دون غيرهم ، ( وصدوكم عن المسجد الحرام ) أي : وأنتم أحق به ، وأنتم أهله في نفس الأمر ، ( والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) أي : وصدوا الهدي أن يصل إلى محله ، وهذا من بغيهم وعنادهم ، وكان الهدي سبعين بدنة ، كما سيأتي بيانه .

وقوله : ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) أي : بين أظهرهم ممن يكتم إيمانه ويخفيه منهم خيفة على أنفسهم من قومهم ، لكنا سلطناكم عليهم فقتلتموهم وأبدتم خضراءهم ، ولكن بين أفنائهم من المؤمنين والمؤمنات أقوام لا تعرفونهم حالة القتل ; ولهذا قال : ( لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة ) أي : إثم وغرامة ( بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء ) أي : يؤخر عقوبتهم ليخلص من بين أظهرهم المؤمنين ، وليرجع كثير منهم إلى الإسلام .
ثم قال : ( لو تزيلوا ) أي : لو تميز الكفار من المؤمنين الذين بين أظهرهم ( لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) أي : لسلطناكم عليهم فلقتلتموهم قتلا ذريعا .
قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج - حدثنا عبد الرحمن بن أبي عباد المكي ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد - مولى بني هاشم - حدثنا حجر بن خلف : سمعت عبد الله بن عوف يقول : سمعت جنيد بن سبع يقول : قاتلت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول النهار كافرا ، وقاتلت معه آخر النهار مسلما ، وفينا نزلت : ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) قال : كنا تسعة نفر : سبعة رجال وامرأتين .
ثم رواه من طريق أخرى عن محمد بن عباد المكي به ، وقال فيه : عن أبي جمعة جنيد بن سبع ، فذكره والصواب أبو جعفر : حبيب بن سباع . ورواه ابن أبي حاتم من حديث حجر بن خلف ، [ ص: 345 ] به . وقال : كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة ، وفينا نزلت : ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة ، عن أبي حمزة ، عن عطاء عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) يقول : لو تزيل الكفار من المؤمنين ، لعذبهم الله عذابا أليما بقتلهم إياهم .
وقوله : ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ) ، وذلك حين أبوا أن يكتبوا " بسم الله الرحمن الرحيم " ، وأبوا أن يكتبوا : " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " ، ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى ) ، وهي قول : " لا إله إلا الله " ، كما قال ابن جرير ، وعبد الله ابن الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن قزعة أبو علي البصري ، حدثنا سفيان بن حبيب ، حدثنا شعبة ، عن ثوير ، عن أبيه عن الطفيل - يعني : ابن أبي بن كعب [ رضي الله عنه ] - عن أبيه [ أنه ] سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : " لا إله إلا الله " .
وكذا رواه الترمذي عن الحسن بن قزعة ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديثه ، وسألت أبا زرعة عنه فلم يعرفه إلا من هذا الوجه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني عبد الرحمن بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة أخبره ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله ، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله " ، وأنزل الله في كتابه ، وذكر قوما فقال : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) [ الصافات : 35 ] ، وقال الله جل ثناؤه : ( وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ) وهي : " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " ، فاستكبروا عنها واستكبر عنها المشركون يوم الحديبية ، وكاتبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قضية المدة .
وكذا رواه بهذه الزيادات ابن جرير من حديث الزهري ، والظاهر أنها مدرجة من كلام الزهري ، والله أعلم .
وقال مجاهد : ( كلمة التقوى ) : الإخلاص . وقال عطاء بن أبي رباح : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير .
[ ص: 346 ] وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن المسور : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له .
وقال الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن عباية بن ربعي ، عن علي : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله ، والله أكبر . وكذا قال ابن عمر ، رضي الله عنهما .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : يقول : شهادة أن لا إله إلا الله ، وهي رأس كل تقوى .
وقال سعيد بن جبير : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله والجهاد في سبيله .
وقال عطاء الخراساني : هي : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله .
وقال عبد الله بن المبارك ، عن معمر عن الزهري : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : بسم الله الرحمن الرحيم .
وقال قتادة : ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله .
( وكانوا أحق بها وأهلها ) : كان المسلمون أحق بها ، وكانوا أهلها .
( وكان الله بكل شيء عليما ) أي : هو عليم بمن يستحق الخير ومن يستحق الشر .
وقد قال النسائي : حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا شبابة بن سوار ، عن أبي رزين ، عن عبد الله بن العلاء بن زبر ، عن بسر بن عبيد الله ، عن أبي إدريس ، عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ : ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ) [ الفتح : 26 ] ، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام . فبلغ ذلك عمر فأغلظ له ، فقال : إنك لتعلم أني كنت أدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيعلمني مما علمه الله . فقال عمر : بل أنت رجل عندك علم وقرآن ، فاقرأ وعلم مما علمك الله ورسوله .
وهذا ذكر الأحاديث الواردة في قصة الحديبية وقصة الصلح :
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية يريد زيارة البيت ، لا يريد قتالا وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وكان الناس سبعمائة رجل ، فكانت كل بدنة عن عشرة ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي ، فقال : يا رسول الله ، هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل ، قد لبست جلود النمور ، يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عنوة أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموه إلى كراع الغميم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا ويح قريش ! قد أكلتهم الحرب ، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر [ ص: 347 ] الناس ؟ فإن أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله [ عليهم ] دخلوا في الإسلام وهم وافرون ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فماذا تظن قريش ؟ فوالله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله به حتى يظهرني الله أو تنفرد هذه السالفة " . ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض على طريق تخرجه على ثنية المرار والحديبية من أسفل مكة . قال : فسلك بالجيش تلك الطريق ، فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم ، ركضوا راجعين إلى قريش ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا سلك ثنية المرار ، بركت ناقته ، فقال الناس : خلأت . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما خلأت ، وما ذلك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ، والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم ، إلا أعطيتهم إياها " [ ثم ] قال للناس : " انزلوا " . قالوا : يا رسول الله ، ما بالوادي من ماء ينزل عليه الناس . فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه ، فنزل في قليب من تلك القلب ، فغرزه فيه فجاش بالماء حتى ضرب الناس عنه بعطن . فلما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة ، فقال لهم كقوله لبشر بن سفيان ، فرجعوا إلى قريش فقالوا : يا معشر قريش ، إنكم تعجلون على محمد ، وإن محمدا لم يأت لقتال ، إنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحقه ، فاتهموهم .
قال محمد بن إسحاق : قال الزهري : [ و ] كانت خزاعة في عيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشركها ومسلمها ، لا يخفون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا كان بمكة ، فقالوا : وإن كان إنما جاء لذلك فوالله لا يدخلها أبدا علينا عنوة ، ولا يتحدث بذلك العرب . ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص ، أحد بني عامر بن لؤي ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " هذا رجل غادر " . فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو ما كلم به أصحابه ، ثم رجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] ; فبعثوا إليه الحليس بن علقمة الكناني ، وهو يومئذ سيد الأحابيش ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " هذا من قوم يتألهون ، فابعثوا الهدي " في وجهه ، فبعثوا الهدي ، فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله ، رجع ولم يصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعظاما لما رأى ، فقال : يا معشر قريش ، قد رأيت ما لا يحل صده ، الهدي في قلائده قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله . قالوا : اجلس ، إنما أنت أعرابي لا علم لك . فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي ، فقال : يا معشر قريش ، إن قد رأيت ما يلقى منكم من تبعثون إلى محمد إذا جاءكم ، من التعنيف وسوء اللفظ ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد ، وقد سمعت بالذي نابكم ، فجمعت من أطاعني من قومي ، ثم جئت حتى آسيتكم بنفسي . قالوا : صدقت ما أنت عندنا بمتهم . فخرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس بين يديه ، فقال : يا محمد جمعت أوباش الناس ، ثم جئت بهم لبيضتك لتفضها ، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور ، يعاهدون الله [ ص: 348 ] ألا تدخلها عليهم عنوة أبدا ، وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا . قال : وأبو بكر قاعد خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : امصص بظر اللات ! أنحن ننكشف عنه ؟ ! قال : من هذا يا محمد ؟ قال : " هذا ابن أبي قحافة " . قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ، ولكن هذه بها . ثم تناول لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديد ، قال : فقرع يده . ثم قال : أمسك يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل - والله - لا تصل إليك . قال : ويحك ! ما أفظعك وأغلظك ! فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : من هذا يا محمد ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : " هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة " . قال : أغدر ، وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس ؟ ! قال فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما كلم به أصحابه ، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا . قال : فقام من عند رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] وقد رأى ما يصنع به أصحابه ، لا يتوضأ وضوءا إلا ابتدروه ، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه ، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه . فرجع إلى قريش فقال : يا معشر قريش ، إنى جئت كسرى في ملكه ، وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما ، والله ما رأيت ملكا قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا ، فروا رأيكم . قال : وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك قد بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة ، وحمله على جمل له يقال له : " الثعلب " فلما دخل مكة عقرت به قريش ، وأرادوا قتل خراش ، فمنعتهم الأحابيش ، حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا عمر ليبعثه إلى مكة ، فقال : يا رسول الله ، إنى أخاف قريشا على نفسي ، وليس بها من بني عدي أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ، ولكن أدلك على رجل هو أعز مني : عثمان بن عفان . قال : فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب أحد ، وإنما جاء زائرا لهذا البيت ، معظما لحرمته . فخرج عثمان حتى أتى مكة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص ، فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه ، وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أرسله به ، فقالوا لعثمان : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به ، فقال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] قال : واحتبسته قريش عندها ، قال : وبلغ رسول الله أن عثمان قد قتل .
قال محمد : فحدثني الزهري : أن قريشا بعثوا سهل بن عمرو ، وقالوا : ائت محمدا فصالحه ولا يكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا ، فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا . فأتاه سهل بن عمرو فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل " . فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلما وأطالا الكلام ، وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح ، فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ، وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، أوليس برسول الله ؟ أولسنا بالمسلمين ؟ أوليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى . قال : فعلام نعطى الذلة في ديننا ؟ فقال أبو بكر : يا عمر ، [ ص: 349 ] الزم غرزه حيث كان ، فإني أشهد أنه رسول الله . [ ثم ] قال عمر : وأنا أشهد . ثم أتى رسول الله فقال : يا رسول الله ، أولسنا بالمسلمين أوليسوا بالمشركين ؟ قال : " بلى " قال : فعلام نعطى الذلة في ديننا ؟ فقال : " أنا عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ولن يضيعني " . ثم قال عمر : ما زلت أصوم وأصلي وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن يكون خيرا . قال : ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] فقال : اكتب : " بسم الله الرحمن الرحيم " . فقال سهل بن عمرو : ولا أعرف هذا ، ولكن اكتب : " باسمك اللهم ، فقال رسول الله : " اكتب باسمك اللهم . هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ، سهل بن عمرو " ، فقال سهل بن عمرو : ولو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ، ولكن اكتب : هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله ، وسهل بن عمرو ، على وضع الحرب عشر سنين ، يأمن فيها الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، على أنه من أتى رسول الله من أصحابه بغير إذن وليه ، رده عليهم ، ومن أتى قريشا ممن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يردوه عليه وأن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال ، وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب : أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده ، دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، فتواثبت خزاعة فقالوا : نحن في عقد رسول الله وعهده ، وتواثبت بنو بكر فقالوا : نحن في عقد قريش وعهدهم ، وأنك ترجع عنا عامنا هذا فلا تدخل علينا مكة ، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك ، وأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب لا تدخلها بغير السيوف في القرب ، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب الكتاب ، إذا جاءه أبو جندل بن سهل بن عمرو في الحديد قد انفلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وقد كان أصحاب رسول الله خرجوا وهم لا يشكون في الفتح ، لرؤيا رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع ، وما تحمل رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] على نفسه ، دخل الناس من ذلك أمر عظيم ، حتى كادوا أن يهلكوا . فلما رأى سهل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وقال : يا محمد ، قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا . قال : " صدقت " . فقام إليه فأخذ بتلابيبه . قال : وصرخ أبو جندل بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ، أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني ؟ قال : فزاد الناس شرا إلى ما بهم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا جندل ، اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهدا ، وإنا لن نغدر بهم " . قال : فوثب إليه عمر بن الخطاب فجعل يمشي مع [ أبي ] جندل إلى جنبه وهو يقول : اصبر أبا جندل ، فإنما هم المشركون ، وإنما دم أحدهم دم كلب ، قال : ويدني قائم السيف منه ، قال : يقول : رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال : فضن الرجل بأبيه . قال : ونفذت القضية ، فلما فرغا من الكتاب ، [ ص: 350 ] وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الحرم ، وهو مضطرب في الحل ، قال : فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا أيها الناس ، انحروا واحلقوا " . قال : فما قام أحد . قال : ثم عاد بمثلها ، فما قام رجل حتى عاد - صلى الله عليه وسلم - بمثلها ، فما قام رجل .
فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة فقال : " يا أم سلمة ما شأن الناس ؟ " قالت : يا رسول الله ، قد دخلهم ما رأيت ، فلا تكلمن منهم إنسانا ، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق ، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكلم أحدا حتى أتى هديه فنحره ، ثم جلس فحلق ، قال : فقام الناس ينحرون ويحلقون . قال : حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت سورة الفتح .
هكذا ساقه أحمد من هذا الوجه ، وهكذا رواه يونس بن بكير وزياد البكائي ، عن ابن إسحاق ، بنحوه ، وفيه إغراب ، وقد رواه أيضا عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، به نحوه وخالفه في أشياء وقد رواه البخاري ، رحمه الله ، في صحيحه ، فساقه سياقة حسنة مطولة بزيادات جيدة ، فقال في كتاب الشروط من صحيحه :
حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر : أخبرني الزهري : أخبرني عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه ، قالا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ، فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره ، وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة ، وسار حتى إذا كان بغدير الأشطاط أتاه عينه ، فقال : إن قريشا قد جمعوا لك جموعا ، وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك ومانعوك . فقال : " أشيروا أيها الناس علي ، أترون أن نميل على عيالهم ، وذراري هؤلاء الذين يريدون أن صدونا عن البيت ؟ " وفي لفظ : " أترون أن نميل على ذراري هؤلاء الذين أعانوهم . فإن يأتونا كان الله قد قطع عنقا من المشركين وإلا تركناهم محزونين " ، وفي لفظ : " فإن قعدوا قعدوا موتورين مجهودين محروبين وإن نجوا يكن عنقا قطعها الله ، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ " . فقال أبو بكر [ رضي الله عنه ] : يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت ، لا نريد قتل أحد ولا حربا ، فتوجه له ، فمن صدنا عنه قاتلناه . وفي لفظ : فقال أبو بكر رضي الله عنه : الله ورسوله علم إنما جئنا معتمرين ، ولم نجئ لقتال أحد ، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فروحوا إذن " ، وفي لفظ : " فامضوا على اسم الله " .
حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن خالد بن الوليد في خيل لقريش طليعة ، [ ص: 351 ] فخذوا ذات اليمين " . فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش ، فانطلق يركض نذيرا لقريش ، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها ، بركت به راحلته . فقال الناس : حل حل فألحت ، فقالوا : خلأت القصواء ، خلأت القصواء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل " . ثم قال : " والذي نفسي بيده ، لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله ، إلا أعطيتهم إياها " . ثم زجرها فوثبت ، فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء ، يتبرضه الناس تبرضا ، فلم يلبث الناس حتى نزحوه ، وشكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش ، فانتزع من كنانته سهما ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه ، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة ، وكانوا عيبة نصح رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] من أهل تهامة ، فقال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي ، نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا لم نجئ لقتال أحد ، ولكن جئنا معتمرين ، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب فأضرت بهم ، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس ، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، ولينفذن الله أمره " قال بديل : سأبلغهم ما تقول ، فانطلق حتى أتى قريشا فقال : إنا قد جئنا من عند هذا الرجل ، وسمعناه يقول قولا فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا ، فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء . وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول قال : سمعته يقول كذا وكذا ، فحدثهم بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام عروة بن مسعود فقال : أي قوم ، ألستم بالوالد ؟ قالوا : بلى . قال : أولست بالولد ؟ قالوا : بلى . قال : فهل تتهموني ؟ قالوا : لا . قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى . قال : فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته . قالوا : ائته . فأتاه فجعل يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له نحوا من قوله لبديل بن ورقاء . فقال عروة عند ذلك : أي محمد ، أرأيت إن استأصلت أمر قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك ؟ وإن تك الأخرى فإني والله لأرى وجوها ، وإني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : امصص بظر اللات ! أنحن نفر وندعه ؟ ! قال : من ذا ؟ قالوا : أبو بكر . قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها ، لأجبتك . قال : وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلما كلمه أخذ بلحيته ، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر ، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنعل السيف ، وقال له : أخر يدك من لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - . فرفع عروة رأسه وقال : من هذا ؟ قال : المغيرة بن شعبة . فقال : أي غدر ، ألست أسعى في غدرتك ؟ ! وكان المغيرة بن شعبة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه في شي " . [ ص: 352 ] ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينيه ، قال : فوالله ما تنخم رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه ، تعظيما له - صلى الله عليه وسلم - فرجع عروة إلى أصحابه فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على كسرى وقيصر والنجاشي ، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها . فقال رجل منهم من بني كنانة : دعوني آته . فقالوا : ائته فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له " فبعثت له ، واستقبله الناس يلبون ، فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت . فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت . فقال رجل منهم يقال له : " مكرز بن حفص " ، فقال : دعوني آته . فقالوا : ائته . فلما أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هذا مكرز [ بن حفص ] وهو رجل فاجر " ، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما هو يكلمه إذ جاء سهل بن عمرو .
وقال معمر : أخبرني أيوب ، عن عكرمة أنه قال : لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قد سهل لكم من أمركم " .
قال معمر : قال الزهري في حديثه : فجاء سهيل بن عمرو فقال : هات أكتب بيننا وبينك كتابا فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتب ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " [ اكتب ] : بسم الله الرحمن الرحيم " ، فقال سهل [ بن عمرو ] : أما " الرحمن " فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب : " باسمك اللهم " ، كما كنت تكتب . فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا " بسم الله الرحمن الرحيم " . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اكتب : باسمك اللهم " . ثم قال : " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " . فقال سهل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : " محمد بن عبد الله " ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني . اكتب محمد بن عبد الله " قال الزهري : وذلك لقوله : " والله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها " . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به " . فقال سهل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب ، فقال سهل : " وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا " . فقال المسلمون : سبحان الله ! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ؟ ! فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهل [ ص: 353 ] بن عمرو يرسف في قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا لم نقض الكتاب بعد " . قال : فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فأجزه لي " فقال : ما أنا بمجيز ذلك لك ، قال : " بلى فافعل " . قال : ما أنا بفاعل . قال مكرز : بلى قد أجزناه لك . قال أبو جندل : أي معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ؟ ألا ترون ما قد لقيت ؟ ! وكان قد عذب عذابا شديدا في الله عز وجل . قال عمر [ بن الخطاب ] رضي الله عنه : فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ألست نبي الله حقا ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : " بلى " . قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : " بلى " . قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : " إني رسول الله ، ولست أعصيه ، وهو ناصري " ، قلت : أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : " بلى ، أفأخبرتك أنا نأتيه العام ؟ " قلت : لا قال : " فإنك آتيه ومطوف به " . قال : فأتيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى . قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى . قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : أيها الرجل ، إنه رسول الله ، وليس يعصي ربه ، وهو ناصره ، فاستمسك بغرزه ، فوالله إنه على الحق . قلت : أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى قال : أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا . قال : فإنك تأتيه وتطوف به .
قال الزهري : قال عمر : فعملت لذلك أعمالا . قال : فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : " قوموا فانحروا ثم احلقوا " . قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ! ! فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس ، قالت له أم سلمة : يا نبي الله ، أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنه ، ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما ، ثم جاءه نسوة مؤمنات ، فأنزل الله ، عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ) حتى بلغ : ( بعصم الكوافر ) [ الممتحنة : 10 ] . فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك ، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ، والأخرى صفوان بن أمية . ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فجاءه أبو بصير - رجل من قريش - وهو مسلم ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، فقالوا : العهد الذي جعلت لنا ، فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا ، فاستله الآخر ، فقال : أجل ! والله إنه لجيد ، لقد جربت منه ثم جربت ، فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه ، فأمكنه منه فضربه حتى برد ، وفر الآخر حتى أتى المدينة ، فدخل المسجد يعدو ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه : " لقد رأى هذا ذعرا " ، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : [ ص: 354 ] قتل والله صاحبي ، وإني لمقتول . فجاء أبو بصير فقال : يا رسول الله ، قد - والله - أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ويل أمه مسعر حرب ! لو كان له أحد " . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر ، قال : وتفلت منهم أبو جندل بن سهل ، فلحق بأبي بصير ، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم ، وأخذوا أموالهم . فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم : " فمن أتاه منهم فهو آمن " . فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، وأنزل الله عز وجل : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة ) حتى بلغ : ( حمية الجاهلية ) ، وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه رسول الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت .
هكذا ساقه البخاري هاهنا ، وقد أخرجه في التفسير ، وفي عمرة الحديبية ، وفي الحج ، وغير ذلك من حديث معمر وسفيان بن عيينة ، كلاهما عن الزهري ، به ووقع في بعض الأماكن عن الزهري ، عن عروة ، عن مروان والمسور بن [ مخرمة ] ، عن رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك . وهذا أشبه والله أعلم ، ولم يسقه أبسط من هاهنا ، وبينه وبين سياق ابن إسحاق تباين في مواضع ، وهناك فوائد ينبغي إضافتها إلى ما هاهنا ، ولذلك سقنا تلك الرواية وهذه ، والله المستعان وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .
وقال البخاري في التفسير : حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي ، حدثنا يعلى ، حدثنا عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : أتيت أبا وائل أسأله فقال : كنا بصفين فقال رجل : ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله ؟ فقال علي بن أبي طالب : نعم . فقال سهل بن حنيف : اتهموا أنفسكم ، فلقد رأيتنا يوم الحديبية - يعني : الصلح الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركين - ولو نرى قتالا لقاتلنا ، فجاء عمر فقال : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ فقال : " بلى " قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ، ونرجع ولما يحكم الله بيننا ؟ فقال : " يابن الخطاب ، إني رسول الله ، ولن يضيعني الله أبدا " ، فرجع متغيظا ، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على الحق وهم على الباطل ، فقال : يابن الخطاب ، إنه رسول الله ، ولن يضيعه الله أبدا ، فنزلت سورة الفتح .
وقد رواه البخاري أيضا في مواضع أخر ومسلم والنسائي من طرق أخر عن أبي وائل سفيان [ ص: 355 ] بن سلمة ، عن سهل بن حنيف به ، وفي بعض ألفاظه : " يا أيها الناس ، اتهموا الرأي ، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أقدر على أن أرد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره لرددته " وفي رواية : فنزلت سورة الفتح ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب فقرأها عليه .
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس ، أن قريشا صالحوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم سهل بن عمرو ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي : " اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم " ، فقال سهل : لا ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ، ولكن اكتب ما نعرف : " باسمك اللهم " . فقال : " اكتب من محمد رسول الله " . قال : لو نعلم أنك رسول الله لاتبعناك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اكتب : من محمد بن عبد الله " . واشترطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من جاء منكم لم نرده عليكم ، ومن جاءكم منا رددتموه علينا ، فقال : يا رسول الله أتكتب هذا ؟ قال : " نعم ، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله " . رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة ، به .
وقال أحمد أيضا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا عكرمة بن عمار قال : حدثني سماك ، عن عبد الله بن عباس قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا ، فقلت لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية صالح المشركين ، فقال لعلي : " اكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله " قالوا : لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله : " امح يا علي ، اللهم إنك تعلم أني رسولك ، امح يا علي ، واكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله " . والله لرسول الله خير من علي ، وقد محا نفسه ، ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : نعم .
ورواه أبو داود من حديث عكرمة بن عمار اليمامي ، بنحوه .
وروى الإمام أحمد ، عن يحيى بن آدم : حدثنا زهير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية سبعين بدنة فيها جمل لأبي جهل ، فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها .
أنتهى

وسوف ارد لك إن شاء الله تفسير الطبرى أيضا .







توقيع أحمد شرارة
(( لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين ))
** احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك **
اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
ببساطه
** تعلم دينك أولاً قبل أى شئ **
- التوحيد هو العمل الذى يجبر الله به كل خلل -
- مبنى شقى أو تعيس من باب العلم فيك لا الجبر فيك -
- تذكر أخ/ت صفات المؤمنين التسع -


رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :5  (رابط المشاركة)
قديم 20.11.2010, 08:08
صور أحمد شرارة الرمزية

أحمد شرارة

عضو

______________

أحمد شرارة غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 06.04.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 793  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
05.10.2011 (08:19)
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
افتراضي


تفسير الطبرى
مسألة: الجزء الثاني والعشرون
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ( 22 ) سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ( 23 ) ) [ ص: 235 ]

يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين به من أهل بيعة الرضوان : ( ولو قاتلكم الذين كفروا ) بالله أيها المؤمنون بمكة ( لولوا الأدبار ) يقول : لانهزموا عنكم ، فولوكم أعجازهم ، وكذلك يفعل المنهزم من قرنه في الحرب ( ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) يقول : ثم لا يجد هؤلاء الكفار المنهزمون عنكم ، المولوكم الأدبار ، وليا يواليهم على حربكم ، ولا نصيرا ينصرهم عليكم ؛ لأن الله - تعالى ذكره - معكم ، ولن يغلب حزب الله ناصره .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ) يعني كفار قريش ، قال الله ( ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) ينصرهم من الله .
وقوله ( سنة الله التي قد خلت من قبل ) يقول - تعالى ذكره - : لو قاتلكم هؤلاء الكفار من قريش ، لخذلهم الله حتى يهزمهم عنكم خذلانه أمثالهم من أهل الكفر به ، الذين قاتلوا أولياءه من الأمم الذين مضوا قبلهم . وأخرج قوله ( سنة الله ) نصبا من غير لفظه ، وذلك أن في قوله ( لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) معنى سننت فيهم الهزيمة والخذلان ، فلذلك قيل : ( سنة الله ) مصدرا من معنى الكلام لا من لفظه ، وقد يجوز أن تكون تفسيرا لما قبلها من الكلام .
وقوله ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ولن تجد يا محمد لسنة الله التي سنها في خلقه تغييرا ، بل ذلك دائم للإحسان جزاؤه من الإحسان ، وللإساءة والكفر العقاب والنكال .
[ ص: 236 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا ( 24 ) )
يقول - تعالى ذكره - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : والذين بايعوا بيعة الرضوان : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم ) يعني أن الله كف أيدي المشركين الذين كانوا خرجوا على عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية يلتمسون غرتهم ليصيبوا منهم ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتي بهم أسرى ، فخلى عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن عليهم ولم يقتلهم فقال الله للمؤمنين : وهو الذي كف أيدي هؤلاء المشركين عنكم ، وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار
ذكر الرواية بذلك :
حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا الحسين بن واقد قال : ثني ثابت البناني ، عن عبد الله بن مغفل ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسا في أصل شجرة بالحديبية ، وعلى ظهره غصن من أغصان الشجرة فرفعتها عن ظهره ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بين يديه وسهيل بن عمرو ، وهو صاحب المشركين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فأمسك سهيل بيده ، فقال : ما نعرف الرحمن ، اكتب في قضيتنا ما نعرف . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اكتب باسمك اللهم ، فكتب ، فقال : هذا ما صالح محمد رسول الله أهل مكة ، فأمسك سهيل بيده ، فقال : لقد ظلمناك إن كنت رسولا ، اكتب في قضيتنا ما نعرف قال : اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وأنا رسول الله ، فخرج علينا ثلاثون شابا [ ص: 237 ] عليهم السلاح ، فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ الله بأبصارهم ، فقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل خرجتم في أمان أحد ، قال : فخلى عنهم ، قال : فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا الحسين بن واقد ، عن ثابت ، عن عبد الله بن مغفل قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن ، وكان غصن من أغصان تلك الشجرة على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفعته عن ظهره ، ثم ذكر نحو حديث محمد بن علي ، عن أبيه .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق قال : ثني من لا أتهم - عن عكرمة مولى ابن عباس ، أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين ، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصيبوا من أصحابه أحدا ، فأخذوا أخذا ، فأتي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعفا عنهم ، وخلى سبيلهم ، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة والنبل . قال ابن حميد ، قال سلمة قال ابن إسحاق : ففي ذلك قال ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . الآية .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أقبل معتمرا نبي الله ، فأخذ أصحابه ناسا من أهل الحرم غافلين ، فأرسلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك الإظفار ببطن مكة .
حدثنا محمد بن سنان القزاز قال : ثنا عبيد الله ابن عائشة قال : ثنا [ ص: 238 ] حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك أن ثمانين رجلا من أهل مكة ، هبطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم ، فأخذهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقهم ، فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . إلى آخر الآية .
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا به بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . الآية ، قال : بطن مكة الحديبية . . . يقال له رهم اطلع الثنية من الحديبية ، فرماه المشركون بسهم فقتلوه ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلا فأتوه باثني عشر فارسا من الكفار ، فقال لهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : هل لكم علي عهد ؟ هل لكم علي ذمة ؟ قالوا : لا ، فأرسلهم ، فأنزل الله في ذلك القرآن ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . إلى قوله ( بما تعملون بصيرا ) .
وقال آخرون في ذلك : ما حدثنا به ابن حميد قال : ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن ابن أبزى قال : لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهدي ، وانتهى إلى ذي الحليفة ، قال له عمر : يا نبي الله ، تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع ، قال : فبعث إلى المدينة فلم يدع بها كراعا ولا سلاحا إلا حمله; فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل ، فسار حتى أتى منى ، فنزل بمنى ، فأتاه عينه أن عكرمة بن أبي جهل قد خرج علينا في خمسمائة ، فقال لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل ، فقال خالد : أنا سيف الله وسيف رسوله ، فيومئذ سمي سيف الله ، يا رسول الله ، ارم بي حيث شئت ، فبعثه على خيل ، فلقيعكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان [ ص: 239 ] مكة ، ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة ، ثم عاد في الثالثة حتى أدخله حيطان مكة ، فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . إلى قوله ( عذابا أليما ) قال : فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها من بعد أن أظفره عليهم كراهية أن تطأهم الخيل بغير علم .
وقوله ( وكان الله بما تعملون بصيرا ) يقول - تعالى ذكره - : وكان الله بأعمالكم وأعمالهم بصيرا لا يخفى عليه منها شيء .

مسألة: الجزء الثاني والعشرون التحليل الموضوعي

[ ص: 236 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ( 24 ) )

يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : وَالَّذِينَ بَايَعُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ) يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ كَفَّ أَيْدِيَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا خَرَجُوا عَلَى عَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ يَلْتَمِسُونَ غِرَّتَهُمْ لِيُصِيبُوا مِنْهُمْ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِمْ أَسْرَى ، فَخَلَّى عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَقْتُلْهُمْ فَقَالَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ : وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنْكُمْ ، وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ : ثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ جَالِسًا فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، وَعَلَى ظَهْرِهِ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ فَرَفَعْتُهَا عَنْ ظَهْرِهِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، وَهُوَ صَاحِبُ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ : اكْتُبْ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَأَمْسَكَ سُهَيْلٌ بِيَدِهِ ، فَقَالَ : مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ ، اكْتُبْ فِي قَضِيَّتِنَا مَا نَعْرِفُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ ، فَكَتَبَ ، فَقَالَ : هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَهَّلَ مَكَّةَ ، فَأَمْسَكَ سُهَيْلٌ بِيَدِهِ ، فَقَالَ : لَقَدْ ظَلَمْنَاكَ إِنْ كُنْتَ رَسُولًا ، اكْتُبْ فِي قَضِيَّتِنَا مَا نَعْرِفُ قَالَ : اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا ثَلَاثُونَ شَابًّا [ ص: 237 ] عَلَيْهِمُ السِّلَاحُ ، فَثَارُوا فِي وُجُوهِنَا ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ اللَّهُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُمْنَا إِلَيْهِمْ فَأَخَذْنَاهُمْ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : هَلْ خَرَجْتُمْ فِي أَمَانِ أَحَدٍ ، قَالَ : فَخَلَّى عَنْهُمْ ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) .
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ ، وَكَانَ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَفَعْتُهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ .
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا سَلَمَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : ثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ - عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا بَعَثُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ أَوْ خَمْسِينَ ، وَأَمَرُوهُمْ أَنْ يَطِيفُوا بِعَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصِيبُوا مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا ، فَأَخَذُوا أَخْذًا ، فَأُتِيَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَفَا عَنْهُمْ ، وَخَلَّى سَبِيلَهُمْ ، وَقَدْ كَانُوا رَمَوْا فِي عَسْكَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِجَارَةِ وَالنَّبْلِ . قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ سَلَمَةُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : فَفِي ذَلِكَ قَالَ ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ ) . . . الْآيَةَ .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : أَقْبَلَ مُعْتَمِرًا نَبِيُّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ أَصْحَابُهُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ غَافِلِينَ ، فَأَرْسَلَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَلِكَ الْإِظْفَارُ بِبَطْنِ مَكَّةَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ قَالَ : ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ : ثَنَا [ ص: 238 ] حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْتَقَهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ ) . . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .
وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ ) . . . الْآيَةَ ، قَالَ : بَطْنُ مَكَّةَ الْحُدَيْبِيَةُ . . . يُقَالُ لَهُ رِهْمٌ اطَّلَعَ الثَّنِيَّةَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَرَمَاهُ الْمُشْرِكُونَ بِسَهْمٍ فَقَتَلُوهُ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْلًا فَأَتَوْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَارِسًا مِنَ الْكُفَّارِ ، فَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : هَلْ لَكَمَ عَلَيَّ عَهْدٌ ؟ هَلْ لَكَمَ عَلَيَّ ذِمَّةٌ ؟ قَالُوا : لَا ، فَأَرْسَلَهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْقُرْآنَ ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ ) . . . إِلَى قَوْلِهِ ( بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) .
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ : مَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ : لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْهَدْيِ ، وَانْتَهَى إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ ، قَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، تَدْخُلُ عَلَى قَوْمٍ لَكَ حَرْبٌ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَلَا كُرَاعٍ ، قَالَ : فَبَعَثَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَدَعْ بِهَا كُرَاعًا وَلَا سِلَاحًا إِلَّا حَمَلَهُ; فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ مَنَعُوهُ أَنْ يَدْخُلَ ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى مِنًى ، فَنَزَلَ بِمِنًى ، فَأَتَاهُ عَيْنُهُ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ قَدْ خَرَجَ عَلَيْنَا فِي خَمْسِمِائَةٍ ، فَقَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ : يَا خَالِدُ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ قَدْ أَتَاكَ فِي الْخَيْلِ ، فَقَالَ خَالِدٌ : أَنَا سَيْفُ اللَّهِ وَسَيْفُ رَسُولِهِ ، فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفَ اللَّهِ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ارْمِ بِي حَيْثُ شِئْتَ ، فَبَعَثَهُ عَلَى خَيْلٍ ، فَلَقِيَعِكْرِمَةَ فِي الشِّعْبِ فَهَزَمَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ حِيطَانَ [ ص: 239 ] مَكَّةَ ، ثُمَّ عَادَ فِي الثَّانِيَةِ فَهَزَمَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ حِيطَانَ مَكَّةَ ، ثُمَّ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ حَتَّى أَدْخَلَهُ حِيطَانَ مَكَّةَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ ) . . . إِلَى قَوْلِهِ ( عَذَابًا أَلِيمًا ) قَالَ : فَكَفَّ اللَّهُ النَّبِيَّ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَهُ عَلَيْهِمْ لِبَقَايَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بَقُوا فِيهَا مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَهُ عَلَيْهِمْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَطَأَهُمُ الْخَيْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ .
وَقَوْلُهُ ( وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَكَانَ اللَّهُ بِأَعْمَالِكُمْ وَأَعْمَالِهِمْ بَصِيرًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ .

مسألة: الجزء الثاني والعشرون التحليل الموضوعي

[ ص: 236 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا ( 24 ) )

يقول - تعالى ذكره - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : والذين بايعوا بيعة الرضوان : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم ) يعني أن الله كف أيدي المشركين الذين كانوا خرجوا على عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية يلتمسون غرتهم ليصيبوا منهم ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتي بهم أسرى ، فخلى عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن عليهم ولم يقتلهم فقال الله للمؤمنين : وهو الذي كف أيدي هؤلاء المشركين عنكم ، وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار
ذكر الرواية بذلك :
حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا الحسين بن واقد قال : ثني ثابت البناني ، عن عبد الله بن مغفل ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسا في أصل شجرة بالحديبية ، وعلى ظهره غصن من أغصان الشجرة فرفعتها عن ظهره ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بين يديه وسهيل بن عمرو ، وهو صاحب المشركين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فأمسك سهيل بيده ، فقال : ما نعرف الرحمن ، اكتب في قضيتنا ما نعرف . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اكتب باسمك اللهم ، فكتب ، فقال : هذا ما صالح محمد رسول الله أهل مكة ، فأمسك سهيل بيده ، فقال : لقد ظلمناك إن كنت رسولا ، اكتب في قضيتنا ما نعرف قال : اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وأنا رسول الله ، فخرج علينا ثلاثون شابا [ ص: 237 ] عليهم السلاح ، فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ الله بأبصارهم ، فقمنا إليهم فأخذناهم ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل خرجتم في أمان أحد ، قال : فخلى عنهم ، قال : فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا الحسين بن واقد ، عن ثابت ، عن عبد الله بن مغفل قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن ، وكان غصن من أغصان تلك الشجرة على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفعته عن ظهره ، ثم ذكر نحو حديث محمد بن علي ، عن أبيه .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق قال : ثني من لا أتهم - عن عكرمة مولى ابن عباس ، أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين ، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصيبوا من أصحابه أحدا ، فأخذوا أخذا ، فأتي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعفا عنهم ، وخلى سبيلهم ، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة والنبل . قال ابن حميد ، قال سلمة قال ابن إسحاق : ففي ذلك قال ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . الآية .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أقبل معتمرا نبي الله ، فأخذ أصحابه ناسا من أهل الحرم غافلين ، فأرسلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك الإظفار ببطن مكة .
حدثنا محمد بن سنان القزاز قال : ثنا عبيد الله ابن عائشة قال : ثنا [ ص: 238 ] حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك أن ثمانين رجلا من أهل مكة ، هبطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم ، فأخذهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقهم ، فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . إلى آخر الآية .
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا به بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . الآية ، قال : بطن مكة الحديبية . . . يقال له رهم اطلع الثنية من الحديبية ، فرماه المشركون بسهم فقتلوه ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلا فأتوه باثني عشر فارسا من الكفار ، فقال لهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : هل لكم علي عهد ؟ هل لكم علي ذمة ؟ قالوا : لا ، فأرسلهم ، فأنزل الله في ذلك القرآن ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . إلى قوله ( بما تعملون بصيرا ) .
وقال آخرون في ذلك : ما حدثنا به ابن حميد قال : ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن ابن أبزى قال : لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهدي ، وانتهى إلى ذي الحليفة ، قال له عمر : يا نبي الله ، تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع ، قال : فبعث إلى المدينة فلم يدع بها كراعا ولا سلاحا إلا حمله; فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل ، فسار حتى أتى منى ، فنزل بمنى ، فأتاه عينه أن عكرمة بن أبي جهل قد خرج علينا في خمسمائة ، فقال لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل ، فقال خالد : أنا سيف الله وسيف رسوله ، فيومئذ سمي سيف الله ، يا رسول الله ، ارم بي حيث شئت ، فبعثه على خيل ، فلقيعكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان [ ص: 239 ] مكة ، ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة ، ثم عاد في الثالثة حتى أدخله حيطان مكة ، فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . . . إلى قوله ( عذابا أليما ) قال : فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها من بعد أن أظفره عليهم كراهية أن تطأهم الخيل بغير علم .
وقوله ( وكان الله بما تعملون بصيرا ) يقول - تعالى ذكره - : وكان الله بأعمالكم وأعمالهم بصيرا لا يخفى عليه منها شيء .
القول في تأويل قوله تعالى : ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ( 25 ) )
يقول - تعالى ذكره - : هؤلاء المشركون من قريش هم الذين جحدوا توحيد الله ، وصدوكم أيها المؤمنون بالله عن دخول المسجد الحرام ، وصدوا الهدي ، معكوفا : يقول : محبوسا عن أن يبلغ محله . فموضع " أن" نصب لتعلقه إن شئت بمعكوف ، وإن شئت بصدوا . وكان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك : وصدوا الهدي معكوفا كراهية أن يبلغ محله .
وعنى بقوله - تعالى ذكره - : ( أن يبلغ محله ) أن يبلغ محل نحره ، وذلك دخول الحرم ، والموضع الذي إذا صار إليه حل نحره ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساق معه حين خرج إلى مكة في سفرته تلك سبعين بدنة .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة قال : ثني محمد بن إسحاق ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه ، قالا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية [ ص: 240 ] يريد زيارة البيت ، لا يريد قتالا وساق الهدي معه سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل ، فكانت كل بدنة عن عشرة .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ) : أي محبوسا ( أن يبلغ محله ) وأقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ، ومعهم الهدي ، حتى إذا كانوا بالحديبية ، صدهم المشركون ، فصالحهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يرجع من عامه ذلك ، ثم يرجع من العام المقبل ، فيكون بمكة ثلاث ليال ، ولا يدخلها إلا بسلاح الراكب ، ولا يخرج بأحد من أهلها ، فنحروا الهدي ، وحلقوا ، وقصروا ، حتى إذا كان من العام المقبل ، أقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى دخلوا مكة معتمرين في ذي القعدة ، فأقام بها ثلاث ليال ، وكان المشركون قد فجروا عليه حين ردوه ، فأقصه الله منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه ، فأنزل الله ( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ) .
حدثني محمد بن عمارة الأسدي وأحمد بن منصور الرمادي ، واللفظ لابن عمارة قالا : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا موسى بن عبيدة ، عن إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه ، قال : بعثت قريش سهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، وحفص بن فلان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصالحوه فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم سهيل بن عمرو قال : قد سهل الله لكم من أمركم ، القوم ماتون إليكم بأرحامهم وسائلوكم الصلح ، فابعثوا الهدي ، وأظهروا التلبية ، لعل ذلك يلين قلوبهم ، فلبوا من نواحي العسكر حتى ارتجت أصواتهم بالتلبية ، فجاءوا فسألوه الصلح; قال : فبينما الناس قد توادعوا [ ص: 241 ] وفي المسلمين ناس من المشركين ، قال : فقيل به أبو سفيان ; قال : وإذا الوادي يسيل بالرجال; قال : قال إياس قال سلمة : فجئت بستة من المشركين متسلحين أسوقهم ، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، فأتيت بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يسلب ولم يقتل وعفا; قال : فشددنا على من في أيدي المشركين منا ، فما تركنا في أيديهم منا رجلا إلا استنقذناه; قال : وغلبنا على من في أيدينا منهم; ثم إن قريشا بعثوا سهيل بن عمرو ، وحويطبا ، فولوا صلحهم ، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا في صلحه; فكتب علي بينهم : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشا ، صالحهم على أنه لا إهلال ولا امتلال ، وعلى أنه من قدم مكة من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حاجا أو معتمرا ، أو يبتغي من فضل الله ، فهو آمن على دمه وماله; ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله ، فهو آمن على دمه وماله; وعلى أنه من جاء محمدا - صلى الله عليه وسلم - من قريش فهو إليهم رد ، ومن جاءهم من أصحاب محمد فهو لهم . فاشتد ذلك على المسلمين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من جاءهم منا فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم فرددناه إليهم فعلم الله الإسلام من نفسه ، جعل له مخرجا . فصالحوه على أنه يعتمر في عام قابل في هذا الشهر ، لا يدخل علينا بخيل ولا سلاح ، إلا ما يحمل المسافر في قرابه ، يثوي فينا ثلاث ليال ، وعلى أن هذا الهدي حيثما حبسناه محله لا يقدمه علينا . فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نحن نسوقه وأنتم تردون وجوهه ، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الهدي وسار الناس" .
حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا موسى قال : أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ ، عن ابن عمر قال : " كان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية عرض له المشركون ، فردوا وجوهه; قال : فنحر النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي حين حبسوه ، وهي الحديبية ، وحلق ، وتأسى به أناس حين رأوه حلق ، وتربص آخرون ، فقالوا : لعلنا نطوف [ ص: 242 ] بالبيت ، فقال رسول الله : رحم الله المحلقين ، قيل : والمقصرين ، قال : رحم الله المحلقين ، قيل : والمقصرين ، قال : والمقصرين " .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا الحكم بن بشير قال : ثنا عمر بن ذر الهمداني ، عن مجاهد " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاث عمر ، كلها في ذي القعدة ، يرجع في كلها إلى المدينة ، منها العمرة التي صد فيها الهدي ، فنحره في محله ، عند الشجرة ، وشارطوه أن يأتي في العام المقبل معتمرا ، فيدخل مكة ، فيطوف بالبيت ثلاثة أيام ، ثم يخرج ، ولا يحبسون عنه أحدا قدم معه ، ولا يخرج من مكة بأحد كان فيها قبل قدومه من المسلمين; فلما كان من العام المقبل دخل مكة ، فأقام بها ثلاثا يطوف بالبيت ; فلما كان اليوم الثالث قريبا من الظهر ، أرسلوا إليه : إن قومك قد آذاهم مقامك ، فنودي في الناس : لا تغرب الشمس وفيها أحد من المسلمين قدم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة قال : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره ، وأحرم بالعمرة ، وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش ، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من قعيقعان ، أتاه عينه الخزاعي ، فقال . إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش ، وجمعوا لك جموعا ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أشيروا علي ، أترون أن نميل على ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم ، فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين وإن لحوا تكن عنقا قطعها الله ؟ أم ترون أنا نؤم البيت ، فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ " فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله : إنا لم نأت [ ص: 243 ] لقتال أحد ، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فروحوا إذا; وكان أبو هريرة يقول : ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشاورة لأصحابه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة ، فخذوا ذات اليمين ، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش ، فانطلق يركض نذيرا لقريش ، وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها ، بركت به راحلته; فقال الناس : حل حل ، فقال : ما حل ؟ فقالوا : خلأت القصواء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما خلأت وما ذاك لها بخلق ، ولكنها حبسها حابس الفيل ، ثم قال : والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ، ثم زجرت فوثبت فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء ، إنما يتبرضه الناس تبرضا ، فلم يلبث الناس أن نزحوه ، فشكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش ، فنزع سهما من كنانته ، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه ، فبينما هم كذلك جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة ، وكانوا عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تهامة ، فقال : إني تركت كعب بن لؤي ، وعامر بن لؤي ، قد نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا لم نأت لقتال أحد ، ولكنا جئنا معتمرين ، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب ، وأضرت بهم ، فإن شاءوا ماددناهم مدة ، ويخلوا بيني وبين الناس ، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، أو لينفذن الله أمره فقال [ ص: 244 ] بديل : سنبلغهم ما تقول ، فانطلق حتى أتى قريشا ، فقال : إنا جئناكم من عند هذا الرجل ، وسمعناه يقول قولا فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا; قال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء ، وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته; يقول : قال سمعته يقول كذا وكذا ، فحدثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عروة بن مسعود الثقفي ، فقال : أي قوم ، ألستم بالولد ؟ قالوا : بلى; قال : أولست بالوالد ؟ قالوا : بلى ، قال : فهل أنتم تتهموني ؟ قالوا : لا ، قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى; قال : فإن هذا الرجل قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ، ودعوني آته; فقالوا : ائته ، فأتاه ، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوا من مقالته لبديل ; فقال عروة عند ذلك : أي محمد ، أرأيت إن استأصلت قومك ، فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأوباشا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك ، فقال أبو بكر : امصص بظر اللات ، واللات : طاغية ثقيف الذي كانوا يعبدون ، أنحن نفر وندعه ؟ فقال : من هذا ؟ فقالوا : أبو بكر ، فقال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك ; وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلما كلمه أخذ بلحيته ، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي ومعه السيف ، وعليه المغفر; فكلما أهوى عروة إلى لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنصل السيف ، وقال : أخر يدك عن لحيته ، فرفع رأسه فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة قال : أي غدر أولست أسعى في غدرتك . وكان المغيرة بن شعبة صحب قوما في الجاهلية ، فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أما الإسلام فقد قبلناه ، وأما المال فإنه مال غدر لا حاجة لنا فيه . وإن عروة جعل يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه ، فوالله إن تنخم النبي - صلى الله عليه وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم [ ص: 245 ] ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ; والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلموا عنده خفوا أصواتهم ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها .
فقال رجل من كنانة : دعوني آته ، فقالوا : ائته; فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له ، فبعثت له ، واستقبله قوم يلبون; فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص ، فقال : دعوني آته ، فقالوا ائته ، فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا مكرز بن حفص ، وهو رجل فاجر; فجاء فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما هو يكلمه ، إذ جاء سهيل بن عمرو قال أيوب قال عكرمة : إنه لما جاء سهيل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قد سهل لكم من أمركم . قال الزهري . فجاء سهيل بن عمرو ، فقال : هات نكتب بيننا وبينك كتابا; فدعا الكاتب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال : ما الرحمن ؟ فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب ، فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اكتب : باسمك اللهم ثم قال : اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ، فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والله إني لرسول الله وإن [ ص: 246 ] كذبتموني ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله ; قال الزهري : وذلك لقوله : والله لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : على أن تخلوا بيننا وبين البيت ، فنطوف به; قال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن لك من العام المقبل ، فكتب فقال سهيل ، وعلى أنه لا يأتيك منا رجل إن كان على دينك إلا رددته إلينا ، فقال المسلمون : سبحان الله ، وكيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ؟ فبينما هم كذلك ، إذا جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده ، قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلينا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأجره لي ، فقال : ما أنا بمجيره لك ، قال : بلى فافعل ، قال : ما أنا بفاعل; قال صاحبه مكرز وسهيل إلى جنبه : قد أجرناه لك; فقال أبو جندل أي معاشر المسلمين ، أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ؟ ألا ترون ما قد لقيت ؟ كان قد عذب عذابا شديدا في الله .
قال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : إني رسول الله ، ولست أعصيه وهو ناصري ، قلت : ألست تحدثنا أنا سنأتي البيت ، فنطوف به ؟ قال : بلى ، قال : فأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا ، قال : فإنك آتيه ومتطوف به; قال : ثم أتيت أبا بكر ، فقلت : أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى ، قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله ، وليس يعصي ربه ، فاستمسك بغرزه حتى تموت ، فوالله إنه لعلى الحق; قلت : أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قال : لا ، قال : فإنك آتيه ومتطوف به . قال الزهري : قال عمر : فعملت لذلك أعمالا فلما فرغ من قصته ، [ ص: 247 ] قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا ، قال : فوالله ما قام منا رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ; فلما لم يقم منهم أحد ، قام فدخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت أم سلمة : يا رسول الله أتحب ذلك ؟ اخرج ، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك ، فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة ، حتى نحر بدنه ، ودعا حالقه فحلقه; فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما; ثم جاءه نسوة مؤمنات ، فأنزل الله - عز وجل - عليه ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ) حتى بلغ ( بعصم الكوافر ) قال : فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك; قال : فنهاهم أن يردوهن ، وأمرهم أن يردوا الصداق حينئذ; قال رجل للزهري : أمن أجل الفروج ؟ قال : نعم ، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ، والأخرى صفوان بن أمية ، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، فجاءه أبو بصير ، رجل من قريش ، وهو مسلم ، فأرسل في طلبه رجلان ، فقالا : العهد الذي جعلت لنا ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به ، حتى إذا بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا ، فاستله الآخر فقال : والله إنه لجيد ، لقد جربت به وجربت; فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه فأمكنه منه ، فضربه به حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة ، فدخل المسجد يعدو ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رأى هذا ذعرا ، فقال : والله قتل صاحبي ، وإني والله لمقتول ، فجاء أبو بصير فقال : قد والله أوفى الله ذمتك ورددتني إليهم ، ثم أغاثني الله منهم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد; فلما سمع عرف أنه سيرده إليهم; قال : فخرج حتى أتى سيف البحر ، وتفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو ، فلحق بأبي بصير ، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير ، حتى اجتمعت منهم عصابة ، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لهم فقتلوهم ، وأخذوا [ ص: 248 ] أموالهم ، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يناشدونه الله والرحم لما أرسل إليهم ، فمن أتاه فهو آمن فأنزل الله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) حتى بلغ ( حمية الجاهلية ) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي ، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم ، وحالوا بينهم وبين البيت" .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا يحيى بن سعيد قال : ثنا عبد الله بن المبارك قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم قالا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في بضع عشرة مائة ، ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال في حديثه ، قال الزهري ، فحدثني القاسم بن محمد ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : ألست برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : بلى ، قال أيضا : وخرج أبو بصير والذين أسلموا من الذين رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لحقوا بالساحل على طريق عير قريش ، فقتلوا من فيها من الكفار وتغنموها; فلما رأى ذلك كفار قريش ، ركب نفر منهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له : إنها لا تغني مدتك شيئا ، ونحن نقتل وتنهب أموالنا ، وإنا نسألك أن تدخل هؤلاء في الذين أسلموا منا في صلحك وتمنعهم ، وتحجز عنا قتالهم ، ففعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله : ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) ، ثم ساق الحديث إلى آخره" ، نحو حديث ابن عبد الأعلى .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم أنهما حدثاه ، قالا " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية ، يريد زيارة البيت ، لا يريد قتالا وساق معه هديه سبعين بدنة ، حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي ، فقال له : يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور ، [ ص: 249 ] ونزلوا بذي طوى يعاهدون الله ، لا تدخلها عليهم أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم ، قد قدموها إلى كراع الغميم ; قال : فقال - صلى الله عليه وسلم - : يا ويح قريش لقد أهلكتهم الحرب ، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام داخرين " ثم ذكر نحو حديث معمر بزيادات فيه كثيرة ، على حديث معمر تركت ذكرها .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) قال : كان الهدي بذي طوى ، والحديبية خارجة من الحرم ، نزلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين غورت قريش عليه الماء .

وقوله ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ) يقول - تعالى ذكره - : ولولا رجال من أهل الإيمان ونساء منهم أيها المؤمنون بالله أن تطئوهم بخيلكم ورجلكم لم تعلموهم بمكة ، وقد حبسهم المشركون بها عنكم ، فلا يستطيعون من أجل ذلك الخروج إليكم فتقتلوهم .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) . . . حتى بلغ ( بغير علم ) هذا حين رد محمد وأصحابه أن يدخلوا مكة ، فكان بها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ، فكره الله أن يؤذوا أو يوطئوا بغير علم ، فتصيبكم منهم معرة بغير علم .
واختلف أهل التأويل في المعرة التي عناها الله في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عني بها الإثم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ) [ ص: 250 ] قال : إثم بغير علم .
وقال آخرون : عني بها غرم الدية .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ( فتصيبكم منهم معرة بغير علم ) فتخرجوا ديته ، فأما إثم فلم يحسبه عليهم . والمعرة : هي المفعلة من العر ، وهو الجرب وإنما المعنى : فتصيبكم من قبلهم معرة تعرون بها ، يلزمكم من أجلها كفارة قتل الخطأ ، وذلك عتق رقبة مؤمنة ، من أطاق ذلك ، ومن لم يطق فصيام شهرين .
وإنما اخترت هذا القول دون القول الذي قاله ابن إسحاق ؛ لأن الله إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها ، ولم يكن قاتله علم إيمانه الكفارة دون الدية ، فقال ( فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ) لم يوجب على قاتله خطأ ديته ، فلذلك قلنا : عنى بالمعرة في هذا الموضع الكفارة ، و ( أن ) من قوله ( أن تطئوهم ) في موضع رفع ردا على الرجال ؛ لأن معنى الكلام : ولولا أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم ، فتصيبكم منهم معرة بغير علم لأذن الله لكم أيها المؤمنون في دخول مكة ، ولكنه حال بينكم وبين ذلك ( ليدخل الله في رحمته من يشاء ) يقول : ليدخل الله في الإسلام من أهل مكة من يشاء قبل أن تدخلوها ، وحذف جواب لولا استغناء بدلالة الكلام عليه .
وقوله ( لو تزيلوا ) يقول : لو تميز الذين في مشركي مكة من الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات الذين لم تعلموهم منهم ، ففارقوهم وخرجوا من بين أظهرهم ( لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) يقول : لقتلنا من بقي فيها بالسيف ، أو لأهلكناهم ببعض ما يؤلمهم من عذابنا العاجل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 251 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( لو تزيلوا ) . . . الآية ، إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمع الضحاك يقول في قوله ( لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم ) يعني أهل مكة كان فيهم مؤمنون مستضعفون : يقول الله لولا أولئك المستضعفون لو قد تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( لو تزيلوا ) لو تفرقوا ، فتفرق المؤمن من الكافر ، لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما .
القول في تأويل قوله تعالى : ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما ( 26 ) )

يعني - تعالى ذكره - بقوله ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ) حين جعل سهيل بن عمرو في قلبه الحمية ، فامتنع أن يكتب في كتاب المقاضاة الذي كتب بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمشركين : بسم الله الرحمن الرحيم ، وأن يكتب فيه : محمد رسول الله ، وامتنع هو وقومه من دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامه ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن [ ص: 252 ] الزهري قال : كانت حميتهم التي ذكر الله ، إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ، أنهم لم يقروا " بسم الله الرحمن الرحيم " وحالوا بينهم وبين البيت .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا يحيى بن سعيد قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري بنحوه .
حدثني عمرو بن محمد العثماني قال : ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال : ثني أخي ، عن سليمان ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله " . وأنزل الله في كتابه ، فذكر قوما استكبروا فقال : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) وقال الله ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ) وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله ، استكبر عنها المشركون يوم الحديبية ، يوم كاتبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قضية المدة .
و " إذ" من قوله ( إذ جعل الذين كفروا ) من صلة قوله : لعذبنا . وتأويل الكلام : لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ، حين جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ، والحمية فعيلة من قول القائل : حمى فلان أنفه حمية ومحمية; ومنه قول المتلمس :

ألا إنني منهم وعرضي عرضهم كذا الرأس يحمي أنفه أن يكشما
[ ص: 253 ]
يعني بقوله : " يحمي" : يمنع . وقال ( حمية الجاهلية ) لأن الذي فعلوا من ذلك كان جميعه من أخلاق أهل الكفر ، ولم يكن شيء منه مما أذن الله لهم به ، ولا أحد من رسله .
وقوله ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) يقول - تعالى ذكره - فأنزل الله الصبر والطمأنينة والوقار على رسوله وعلى المؤمنين ، إذ حمى الذين كفروا حمية الجاهلية ، ومنعوهم من الطواف بالبيت ، وأبوا أن يكتبوا في الكتاب بينه وبينهم بسم الله الرحمن الرحيم ، ومحمد رسول الله ( وألزمهم كلمة التقوى ) يقال : ألزمهم قول لا إله إلا الله التي يتقون بها النار ، وأليم العذاب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف في ذلك منهم ، وروي به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر قائلي ذلك بما قلنا فيه ، والخبر الذي ذكرناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي قال : ثنا سفيان بن حبيب قال : ثنا شعبة ، عن ثور بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن الطفيل ، عن أبيه ، سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : " لا إله إلا الله" .
حدثني محمد بن خالد بن خداش العتكي قال : سمعت سالما ، سمع شعبة ، سمع سلمة بن كهيل ، سمع عباية ، سمع عليا رضي الله عنه في قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله .
حدثني ابن بشار قال : ثنا يحيى وعبد الرحمن ، قالا : ثنا سفيان ، عن سلمة ، عن عباية بن ربعي ، عن علي رضي الله عنه ، في قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله ، والله أكبر .
حدثني محمد بن عيسى الدامغاني قال ثنا ابن المبارك ، عن سفيان وشعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن رجل ، عن علي رضي الله عنه قال : لا [ ص: 254 ] إله إلا الله ، والله أكبر .
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن سلمة ، عن عباية ، عن رجل من بني تميم عن علي رضي الله عنه ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله .
حدثني علي ، قال ثنا أبو صالح . قال ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) يقول : شهادة أن لا إله إلا الله ، فهي كلمة التقوى ، يقول : فهي رأس التقوى .
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة قال : سمعت أبا إسحاق ، يحدث عن عمرو بن ميمون أنه كان يقول في هذه الآية ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله .
حدثني محمد بن عيسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرني سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، مثله .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله .
حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وألزمهم كلمة التقوى ) وهي : شهادة أن لا إله إلا الله .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : هي لا إله إلا الله .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) هي لا إله إلا الله . [ ص: 255 ]
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : ثنا حفص بن عمر قال : ثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة في قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله .
حدثني ابن البرقي قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن عطاء الخراساني ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله .
حدثني الصواري محمد بن إسماعيل قال : ثنا محمد بن سوار قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن يزيد بن أبي خالد المكي ، عن علي الأزدي قال : كنت مع ابن عمر بين مكة ومنى بالمأزمين ، فسمع الناس يقولون : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، فقال : هي هي ، فقلت : ما هي ؟ قال ( وألزمهم كلمة التقوى ) الإخلاص ( وكانوا أحق بها وأهلها ) .
وقال آخرون : بل هي كلمة التقوى ، الإخلاص .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي بن الحسين الأزدي قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : الإخلاص .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( كلمة التقوى ) كلمة الإخلاص .
وقال آخرون : هي قوله : بسم الله الرحمن الرحيم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عيسى قال : ثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري في قوله ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : بسم الله الرحمن الرحيم .
وقال آخرون : هي قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله [ ص: 256 ] الحمد ، وهو على كل شيء قدير .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان قال : أخبرنا ابن جريج ، عن مجاهد وعطاء ( وألزمهم كلمة التقوى ) قال : أحدهما الإخلاص ، وقال الآخر : كلمة التقوى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير .
وقوله ( وكانوا أحق بها وأهلها ) يقول - تعالى ذكره - : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون أحق بكلمة التقوى من المشركين ، وأهلها : يقول : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون أهل كلمة التقوى دون المشركين .
وذكر أنها في قراءة عبد الله ( وكانوا أهلها وأحق بها ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وكانوا أحق بها وأهلها ) وكان المسلمون أحق بها ، وكانوا أهلها : أي التوحيد ، وشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله .
وقوله ( وكان الله بكل شيء عليما ) يقول - تعالى ذكره - : ولم يزل الله بكل شيء ذا علم ، لا يخفى عليه شيء هو كائن ، ولعلمه أيها الناس بما يحدث من دخولكم مكة وبها رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات لم تعلموهم ، لم يأذن لكم بدخولكم مكة في سفرتكم هذه .
أنتهى





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :6  (رابط المشاركة)
قديم 22.11.2010, 02:04
صور نوف الرمزية

نوف

عضو

______________

نوف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 19.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 27  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
02.01.2011 (15:00)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


اخي الفاضل أحمد
جزاااك الله الجنه
تبقى ان تساعدونـــــــي في إيجاد :
أهداف السورة العامة، وتحليل المفردات الغريبة وما يراد بها في الآية، وذكر سبب النزول الصحيح إن وجد،
والعناية بإبراز إعجاز القرآن عن طريق ذكر النكت البلاغية و أسرار اختيار اللفظ دون غيره، والمعنى الإجمالي للآيات،

واستنباط الفوائد والإرشادات من الآيات.

وإبراز عنصر الابتكار في البحث من خلال حسن الربط بين الآيات وفي استنباط الإرشادات...
مقدمة بين يدي السورة وتشمل:
اسمائها، فضلها، نزولها، مناسبتها لماقبلها وما بعدها، أغراضها، محورها ..
بإنتظااااااااااااااااااركم





رد باقتباس
قديم 23.11.2010, 20:20
نوف
هذه الرسالة حذفها بن الإسلام.
   
  رقم المشاركة :7  (رابط المشاركة)
قديم 24.11.2010, 14:22
صور نوف الرمزية

نوف

عضو

______________

نوف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 19.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 27  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
02.01.2011 (15:00)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


ويييييييييييييييييينكم؟؟؟




رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :8  (رابط المشاركة)
قديم 25.11.2010, 09:31

بن الإسلام

مشرف عام

______________

بن الإسلام غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 08.05.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.061  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
22.03.2021 (13:42)
تم شكره 303 مرة في 228 مشاركة
افتراضي


الأخت الكريمة

إذا راجعت المشاركات السابقة فسوف تجدين كل ما تحتاجين إليه

ولكن لابد من تدبر ودراسة ما سبق

فالعلم يحتاج للمجاهدة

وفقك الله لكل خير





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :9  (رابط المشاركة)
قديم 01.01.2011, 16:52
صور نوف الرمزية

نوف

عضو

______________

نوف غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 19.10.2010
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 27  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
02.01.2011 (15:00)
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي


اخوتي بحثت عن الفوائد من هذه الايات ولم اجدها
ارجووووكم ساعدوني فقط بالبحث عن الفوائد والربط بين الايااااات
انتظررررررررررركم





رد باقتباس
   
  رقم المشاركة :10  (رابط المشاركة)
قديم 01.01.2011, 19:57
صور جادي الرمزية

جادي

مشرف عام

______________

جادي غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 14.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.885  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
08.10.2020 (20:27)
تم شكره 130 مرة في 82 مشاركة
افتراضي


اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

حياكم الله اختنا الكريمة

سورة الفتح
فوائد الايات
1- عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر عن شئ فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر: ثكلتك أمك نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر: فحركت بعيري حتى كنت أمام الناس وخشيت أن ينزل فيّ قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال: (( لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ (( إنا فتحنا لك فتحا مبينا )).
رواه البخاري، رقم 5012/غ/كتاب فضائل القرآن، باب سورة الفتح، (3944) ومسلم في صحيحه.

2- عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: (( لما نزلت (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ) إلى قوله (فوزا عظيما ) مرجعه من الحديبية وهم يخالطهم الحزن والكآبة وقد نحر الهدي بالحديبية فقال: (( لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا ))
رواه مسلم رقم 1786/غ/كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية في الحديبية، (3/1413)

1- الذنب الذي غفر لرسول الله صلى الله عليه وسلم من المعلوم بالضرورة أنه ليس من الكبائر في شيء وهو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين.
2- إنعام الله على العبد يوجب الشكر والشكر يوجب المغفرة وزيادة الإنعام.
3- بيان مكافئة الله لرسوله والمؤمنين على صبرهم وجهادهم.
4- بيان أن الكافرين يحزنون ويغمون بنصر المؤمنين وعزهم فيكون ذلك عذاب لهم في الدنيا.

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال







توقيع جادي
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( آل عمران )
جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون




رد باقتباس
رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية
...., آداب, مساااعده, الدخووول, الرجاااء, الفتـــــــح, تفسير, صورة


الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار )
 
أدوات الموضوع
أنواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة موضوعات جديدة
لا تستطيع إضافة رد
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

رمز BB تمكين
رمز[IMG]تمكين
رمز HTML تعطيل

الانتقال السريع

الموضوعات المتماثلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى ردود آخر مشاركة
ابسط تفسير للنشيد ابوالسعودمحمود مصداقية الكتاب المقدس 3 20.11.2012 15:37
تفسير الآيات الثلاث الأخيرة من سورة الحشر هبة الرحمن القرآن الكـريــم و علـومـه 2 14.10.2010 16:02
A Concise Study of SURA AL-IKHLAS The Holy Quran (112) تفسير سورة الاخلاص MrWyvern English Forum 3 16.06.2010 08:51



لوّن صفحتك :