14.03.2010, 15:41
|
|
______________
|
|
الملف الشخصي
التسجيـــــل: |
21.11.2009 |
الجــــنـــــس: |
ذكر |
الــديــــانــة: |
|
المشاركات: |
7 [ عرض ] |
آخــــر نــشــاط |
18.11.2022
(23:29) |
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
|
|
|
|
|
أمّا بيان التفريق بين المتماثلات فإن الشارع فرّق بين الأزمنة في الشرف، ففضّل ليلة القدر على غيرها، وفرّق بين الأمكنة في الشرف كتفضيل مكة على المدينة والمدينة على غيرها، وفرّق بين الصلوات في القَصْر فرخّص في قصر الرباعية ولم يرخص في قصر الثلاثية والثنائية، وجعل المنيّ طاهراً والمذي نجساً وهُما نَزَلا من محل واحد، وأوجب الغُسل من المنيّ وأبطل الصوم بإنزاله عمداً دون المذي مع أنهما نَزَلا من مكان واحد، وأوجب غسل الثوب من بول الصبية الأنثى والرش من بول الصبي الغلام، وأوجب الصوم على الحائض دون الصلاة، وقطع سارق ثلاثة دراهم ولم يقطع غاصب القناطير، وأوجب الجلد على القاذف بالزنا ولم يوجبه على القاذف بالكفر، وجعل عدّة المطلّقة ثلاثة قروء وعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام مع استواء حال الرحم فيهما.
وهكذا أحكام كثيرة تتشابه في أمر ويوجد فيها جامع فجاء الشارع وجعل لكل منهما حكماً غير حكم الآخر، مما يدل على أن مجرد وجود الجامع في أمر لا يكفي للقياس، بل لا بد أن يكون هذا الجامع علّة شرعية قد نص عليها الشرع.
وأما بيان الجمع بين المختلِفات فإن الشرع جمع بين الماء والتراب في جواز الطهارة مع أن الماء ينظّف والتراب يشوّه، وجعل الضمان واجباً على من قتل حيواناً أو طيراً في الصيد سواء أكان قتل الصيد عمداً أو خطأ مع أن هناك فرقاً بين قتل الخطأ وقتل العمد، وجَعَل القتل عقوبة للمرتد وعقوبة للزاني المحصَن وإن اختلفت كيفيته مع أن هناك فرقاً بين عمل كل منهما. وهكذا أحكام كثيرة تختلف الوقائع فيها اختلافاً بيّناً ولا يوجد أي جامع بينهما ومع ذلك فقد جعل الشارع لها حكماً واحداًَ.
وأمّا بيان الأحكام التي لا مجال للعقل فيها فإن الشرع أوجب التعفف أي غض البصر بالنسبة إلى الحُرّة الشوهاء شعرها وبشرتها مع أن الطبع لا يميل إليها, ولم يوجِب غض البصر بالنسبة إلى الأمَة الحسناء التي يميل إليها الطبع. وأيضاً فقد أوجب الله تعالى القطع في سرقة القليل دون غصب الكثير، وأوجب الجلد على القاذف بالزنا بخلاف القاذف في غير الزنا مع أنه قد يكون أفظع منه كالقذف بالكفر، وشَرَط في شهادة الزنا أربعة رجال واكتفى بشهادة القتل باثنين مع أن القتل أغلظ من الزنا، وأوجب الزكاة في الذهب والفضة ولم يشرعها في الماس والياقوت وغيرهما من المعادن النفيسة،وأحلّ البيع وحرّم الربامع أن كلاً منهما بيع وهما متماثلان،وشَرَط في شهادة الرجعة أن يكون الشاهد مسلماً وأجاز في الوصية أن يكون الشاهد كافراً، ونهى عن تقديس الأحجار وأمر بتقبيل الحجر الأسود، وغير ذلك كثير. فلو جُعل للعقل أن يفهم من مجموع الشرع علّة، أو يفهم من ظاهر النص علّة، أو يفهم من مجرد التماثل بين حكمين وجود القياس بينهما، لحرّم كثيراً مما أباحه الله وأحلّ كثيراً مما حرّمه الله، ولذلك لا يجوز أن يحصل القياس إلاّ في علّة ورد النص بها. ولهذا يقول سيدنا علي رضي الله عنه: (لو كان الدين يؤخذ قياساً لكان باطن الخُفّ أوْلى بالمسح من ظاهره).للمزيد من مواضيعي
|