رقم المشاركة :1 (رابط المشاركة)
|
|||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||
أرجعها إن استطعت
أرجعها إن استطعت لم يستطع الصديق أن يمنع لسانه من إطلاق قذائفه على صاحبه الذي أغضبه ، كان كلامه حاداً ، قاسياً ، حمل كل ما في نفسه من غضب وضيق وحنق . وعاد كل من الصديقين إلى داره ، الغاضب هدأ وعاد لرشده ، والمغضوب عليه حزين غير مصدق أن يؤلمه صديقه بهذه الكلمات القاسية الملتهبة . وبعدما عاد للغاضب رشده ، ندم وتألم ، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت . إن كلامه كان جد قاسيا . ليت الكلمات تعود مرة أخرى إلى جوف المرء منا .. هكذا قال لنفسه ، وتمنى في ألم ! . وقرر الصديق أن يعتذر لصديقه ويستسمحه ، وبالفعل ذهب إليه معتذراً ومنكسراً ، طالباً منه العفو والغفران ، وقبل الصديق اعتذر صاحبه ، وغفر له قسوة كلامه وشدة عباراته الجارحة . لكن الصديق المعتذر لم يسامح نفسه ، وأحس أن هناك شيئاً قد انكسر في علاقته بأخيه ، حار فكره في كيف يعيد الماء إلى مجاريها ، ويمزق تلك الصفحة المؤلمة من دفتر علاقته بصديقه . وذهب إلى رجل حكيم طالما كان يقصده طلبا للمشورة والرأي السديد ، فقال له الحكيم : طاوعني فيما أطلب منك ، ولك مني النصيحة الصادقة . فوافقه الصديق النادم بلا إبطاء ، فقال له الحكيم : خذ هذا الكيس الصغير ، إن به عشرون ريشة من ريش الدجاج ، ضع أمام كل بيت من بيوت حارتنا واحدة ، ثم عد إلي ! . لم يجادله الرجل في طلبه ، بل أجابه وأخذ منه الكيس ، وفعل ما أمره به الرجل الحكيم . وعندما عاد أدراجه قال له الحكيم : الآن اذهب وعد إلي بالريش مرة أخرى ! . فذهب صاحبنا وعاد والكيس فارغة ، فالريش قد أطارتها الرياح بعيدا . هنا ابتسم الحكيم قائلا : وكلامنا كالريش ، يخرج منا ويطير أبعد مما كنا نظن ، ولا نستطيع إرجاعه أو السيطرة عليه ما دام قد فارق شفاهنا . سهل جداً أن ننثر الريش هنا وهناك ، كما أنه سهل كذلك أن نتفوه بالكلمات والعبارات القاسية ، لكننا إذا أحببنا أن نعيد أي منهما مرة ثانية فالأمر ليس بالسهل أو اليسير . إن الحكمة التي عناها الحكيم هي أن التحكم في السلوك على صعوبته ، أيسر مؤنة من إرجاع الكلمة القاسية أو السلوك المندفع . وأننا إذا أحببنا امتلاك أفئدة الناس ، فيجب أن نمرن أنفسنا على ضبط النفس ، والتحكم في المشاعر والأحاسيس المختلفة . إن اللسان يجرح الفؤاد كما يجرح السكين جسد المرء منا ، وكما أن التئام جرح البدن شيء غير مستغرب ، فإن التئام جرح الفؤاد كذلك ممكنا خاصة إذا صاحبه اعتذار جميل وصفح وقبول للمعاذير ، بيد أن الجرح ـ سواء الجسدي أو الحسي ـ حتى وإن اندمل ، ما يلبث يترك أثر يدلل عليه حتى آخر العمر . فما الذي يضطرنا إلى ترك آثار سيئة في أفئدة الآخرين ، تخبرنا وإياهم كم كنا قساة مخطئين . تعلم يا صديقي تلك الحكمة ، وتذكر الريش المتطاير وصعوبة جمعه ، ولا تتفوه أو تفعل ما قد تندم على فعله وتتمنى إرجاعه .. إشراقه : الحقيقة تظهر مع زلات اللسان . (سيجموند فرويد) منقول للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي :
أرجعها إن استطعت
-||-
المصدر :
مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة
-||-
الكاتب :
pharmacist
المزيد من مواضيعي
|
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية |
أرجعها, استطعت |
الذين يشاهدون هذا الموضوع الآن : 1 ( 0من الأعضاء 1 من الزوار ) | |
|
|