اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :2  (رابط المشاركة)
قديم 22.01.2011, 15:47
صور نوران الرمزية

نوران

مديرة المنتدى

______________

نوران غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 13.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 4.608  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
30.06.2014 (14:52)
تم شكره 92 مرة في 54 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تفسير د. عمر الأشقر للقرآن الكريم سورة «الفاتحة» (2من3)


مجّد الله

مجد الله نفسه في الفاتحة أعظم التمجيد.. وأثنى فيها على ذاته بأسمائه وصفاته أفضل الثناء

شَرُفت «الفاتحة» بموضوعها،

فالقرآن كله كلام الله تعالى، وكلامه أشرف الكلام، وكلام الله متساوٍ في الفضل،

وإنما تتفاضل سُوَر القرآن وآياته من جهة موضوعاتها،

فالآيات التي تتحدّث عن مخلوقات الله من الجماد والنبات

لا تتساوى مع

الآيات التي تتحدّث عن الله وصفاته وأفعاله،

ولذلك كانت آية الكرسي أفضل آية،

وسورة «قل هو الله أحد» تعدل ثلث القرآن.

ومن هنا، كانت «الفاتحة» - التي حمد الله فيها نفسه أعظم الحمد،

وأثنى فيها على نفسه بأسمائه وصفاته أفضل الثناء،

ومجَّدته أعظم التمجيد،

وبيّنت حقوقه أعظم البيان،

ودلّت العباد على طلب الهداية منه، واتّباع الصراط المستقيم

كانت أفضلَ السور. «الفاتحة» ركن الصلاة الأعظم،

فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(البخاري 756، ومسلم 394). وعن أبي هريرة ]

عن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ثلاثاً، غير تام» (مسلم 395).

وسورة «الفاتحة» أفضل ما نزل من عند الله في الكتب الإلهية قاطبة، وهذا الفضل لما حوته من حقائقَ وتوجيهاتٍ ومقاصدَ ومعانٍ وفوائدَ وتوجيهات،

ولما في تلاوتها من تحميد وثناء وتمجيد لرب العزة ودعاء له، واستعانة به،

وعلى القارئ لها أن يتنبّه إلى أن هذا الفضل الذي حدثتنا النصوص عنه يهدف إلى استثارة قلوبنا وعقولنا لمعرفة ما حوته وإلى الإكثار من تلاوتها.

والفاتحة ذات قسمين:

فقد قسّم الله «الفاتحة» إلى قسمين.. وعلى من يريد قراءة هذه السورة أن يكون على ذكر من الحديث القدسي الذي أخذه أبو هريرة من الرسول صلى الله عليه وسلم [، والذي يقول فيه:

«قال الله تعالى: قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل.

فإذا قال العبد: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}قال الله تعالى: حمدني عبدي،

وإذا قال: { الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي،

وإذا قال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} قال: مجّدني عبدي، وقال مرة: فوّض إليَّ عبدي».

فإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل.

فإذا قال: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7))} قال: هذه لعبدي، ولعبدي ما سأل»(مسلم 395).

وهذا الحديث ينبّه المصلي إلى أن «الفاتحة» هي الصلاة، ولذلك قال: «قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين»: -

فالقسم الأول: هو حمد لله، وثناء عليه، وتمجيد له، وإعطاؤه العهد على عبادته وحده لا شريك له. -

والثاني: هو سؤال القارئ ربّه العون على ما يهمّه ويعينه، وأهمّه إعانته على أعظم مُهم، وأعلى مطلوب،

وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وسؤال الله هدايته إلى الصراط المستقيم،

صراط الذين أنعم الله عليهم، بعيداً عن طريق المغضوب عليهم والضالين.


معنى الحمد والمراد بقوله: {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ}الثناء التام الكامل على ربّ العزة سبحانه، والألف واللام تدلان على استغراق جنس المحامد لله الواحد الأحد،

فالله - سبحانه - يستحقه على كماله في ذاته وصفاته، كما يستحقه على نعمه وآلائه،

والله وحده هو الكامل في ذاته وصفاته، وكل النعم منه وحده: {ومّا بٌكٍم مٌن نٌعًمّةُ فّمٌنّ اللَّهٌ}(النحل:53)،

{الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ رّبٌ العّالّمٌينّ (2)} أبلغ صيغ الحمد كما قال البلقيني في(الإكليل في استنباط التنزيل، ص 25).

وقد أكثر الله تعالى من حمد نفسه في مواطن كثيرة في كتابه، تعليماً لعباده أن يكثروا من حمده، كقوله: {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي خّلّقّ پسَّمّوّاتٌ والأّرًضّ}(الأنعام:1)،

وكقوله تعالى : {الًحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي أّنزّلّ عّلّى عّبًدٌهٌ الكٌتّابّ ولّمً يّجًعّل لَّهٍ عٌوّجْا (1)}(الكهف)، وقوله تعالى : {لّهٍ الحّمًدٍ فٌي پسَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ وعّشٌيْا وحٌينّ تٍظًهٌرٍونّ (18 )}(الروم).

وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم [ بحمده في قوله تعالى : {وّقٍلٌ الحّمًدُ لٌلَّهٌ الذٌي لّمً يّتَّخٌذً ولّدْا ولّمً يّكٍن لَّهٍ شّرٌيكِ فٌي پًمٍلًكٌ ولّمً يّكٍن لَّهٍ ولٌيٌ مٌنّ الذَلِ وكّبٌرًهٍ تّكًبٌـيرْا>111<}(الإسراء)،

وقال تعالى : {قٍلٌ الحّمًدٍ لٌلَّهٌ وَسّلامٌ عّلّى عٌبّادٌهٌ الذٌينّ اصًطّفّى ءآللَّهٍ خّيًرٌ أّمَّا يٍشًرٌكٍونّ >59<}(النمل).

وحَمْدُ الله هو دأب الملائكة والأنبياء والمرسلين وأتباعهم على طريقتهم {الذٌينّ يّحًمٌلٍونّ پًعّرًشّ ومّنً حّوًلّهٍ يٍسّبٌحٍونّ بٌحّمًدٌ رّبٌهٌمً}(غافر: 7)،

وقال إبراهيم عليه السلام: {الحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي وهّبّ لٌي عّلّى الكٌبّرٌ إسًمّاعٌيلّ وإسًحّاقّ إنَّ رّبٌي لّسّمٌيعٍ الدَعّاءٌ >39<}(إبراهيم)،

وأخبرنا عن داود وسليمان أنهما {ولّقّدً آتّيًنّا دّاوٍدّ وسٍلّيًمّانّ عٌلًمْا وقّالا الحّمًدٍ لٌلَّهٌ الذٌي فّضَّلّنّا عّلّى كّثٌيرُ مٌنً عٌبّادٌهٌ المٍؤًمٌنٌينّ >15<}(النمل).

التعريف برب العالمين

والرب في قوله: {رّبٌ العّالّمٌينّ}الخالق المالك المدبِّر المصرِّف، و{العّالّمٌينّ}جمع عالَم، والعالم هو كل موجود من دون الله،

وقد سأل فرعون موسى عن رب العالمين، فأجابه بأنه رب السموات والأرض {قّالّ فٌرًعّوًنٍ ومّا رّبَ العّالّمٌينّ >23< قّالّ رّبَ السَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ}(الشعراء)،

ومما يدلُّ على أن العالمين كل مخلوق قوله تعالى: {وَهٍوّ رّبَ كٍلٌ شّيًءُ }(الأنعام: 164).

وقد كثر في كتاب الله إضافة «رب» إلى بعض ما خلقه الله كقوله: {قٍلً مّن رَّب السَّمّوّاتٌ السَّبًعٌ وَرّبَ العّرًشٌ العّظٌيمٌ >86<}(المؤمنون)، وقوله: {رّبٌ مٍوسّى وهّارٍونّ >122<}(الأعراف)،

وقد يُضاف الرب إلى العالمين، وهو كثير أيضاً في كتاب الله، كهذه الآية في أول «الفاتحة».

وقد يُطلق العالَم على الصنف من المخلوقات، فيقول: عالَم الملائكة، عالم الإنس، عالم الجن، عالم الحيوان، عالم النبات، عالم الجماد.

باب الرجاء :

{الرَّحًمـّنٌ الرَّحٌيـمٌ (3)} اسمان كريمان رقيقان دالان على الرحمة، أحدهما أرق من الآخر، وهما صفتان لاسم الله،

وهما صيغتا مبالغة من الرحمة، وهما يفتحان باب الرجاء تجاه الرحمن الرحيم.

وذكر الراغب الأصفهاني أنّ معنى «الرحمن» الذي كثرت رحمته، وتكررت ووسعت كلَّ شيء،

وذكر الفرق بين «الرحمن» و«الرحيم».. فالرحمن مختص بالله تعالى، لا يُطلق على غيره، مثله في ذلك مثل لفظ الجلالة «الله»،

ولأجل ذلك قال تعالى: {قٍلٌ ادًعٍوا اللَّهّ أّوٌ ادًعٍوا الرَّحًمّنّ أّيْا مَّا تّدًعٍوا فّلّهٍ الأّسًمّاءٍ الحٍسًنّى}(الإسراء:110)،

أما «الرحيم»، فقد يُوصف به غير الله وإذا كان معناه: الذي كثرت رحمته.(مقدمة جامع التفاسير: ص 115 تحقيق: د. أحمد فرحات).

تمجيدُ اللهِ ذاتَه :

مجّد الحق نفسه في هذه السورة بقوله: {مّالٌكٌ يّوًمٌ الدِّينٌ (4)}،

وفي القراءة الصحيحة الأخرى: {مّالٌكٌ يّوًمٌ الدٌينٌ (4)}(حجة القراءات، ص77).

و«يوم الدين» هو اليوم الذي يُدين الله فيه العباد أي يحاسبهم، وهو يوم القيامة، وأفرد الله نفسه بالملك في ذلك اليوم؛

لأن ما ملكه الناس في الدنيا من مال ومتاع ولباس وطعام زال عنهم، فيأتون في ذلك اليوم حفاة عراة غرلاً بهما، لا يملك أحد لأحد شيئاً

{يّوًمّ لا تّمًلٌكٍ نّفًسِ لٌنّفًسُ شّيًئْا والأّمًرٍ يّوًمّئٌذُ لٌلَّهٌ >19<}(الانفطار)، وعند ذلك يدرك العباد أنه ليس لهم من الأمر شيء،

وينادي ربُّ العزة فيقول: {لٌمّنٌ پًمٍلًكٍ اليّوًمّ >16<}(غافر)،

فلا يجيبه أحد، فيجيب نفسه بنفسه قائلاً: {لٌلَّهٌ الوّاحٌدٌ القّهَّارٌ}(غافر:16).

كلمة التوحيد :

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}: وفي ختام ما خص الله به نفسه في هذه السورة علّمنا أن نقول: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }أي لا نعبد إلا أنت،

فأنت الإله الحق المعبود المقصود، وغيرك مأمور مربوب، وهذه الآية تفيد كلمة التوحيد، وهي: «لا إله إلا الله».

وهذا الذي سبق بيانه هو ما اختص الله به نفسه في سورة الفاتحة.


يتبع بإذن الله تعالى







توقيع نوران