اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :3  (رابط المشاركة)
قديم 22.01.2011, 15:34
صور نوران الرمزية

نوران

مديرة المنتدى

______________

نوران غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 13.04.2009
الجــــنـــــس: أنثى
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 4.608  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
30.06.2014 (14:52)
تم شكره 92 مرة في 54 مشاركة
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تفسير د. عمر الأشقر للقرآن الكريم سورة «الفاتحة» (3من3)


تضمّنت الفاتحة أنواع التوحيد الثلاثة.. وفيها إقرارٌ بيوم الدين الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين ويحاسبهم على ما قدّموا

ترشدنا آيات القسم الثاني من سورة «الفاتحة» إلى أمرَيْن..

أولهما: أن نتوجّه إلى الله ربِّنا سائلين إيّاه أن يُعيننا على ما كلّفنا به من أعمال وأقوال، وأن يُبعدنا عما نهانا عنه من أعمال وأقوال،

فإنه إذا لم يكن للعبد عون من مولاه، ضلَّ وتاه، واعتمادُ المرء على نفسه أو غيره لا ينفعه، ولا يجعله يدرك غايته..

وفي مقدّمة الأفعال والأقوال التي نحتاج فيها إلى عون ربِّنا عبادتُه، وإخلاصُ الدين له وحده، ولذلك قَرَنَ سبحانه بين العبادة والاستعانة في الآية الخامسة من هذه السورة.

والأمر الثاني: أن نتوجّه إليه سبحانه بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم،

وهو صراط الذين يطيعون الله ورسوله { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69)(النساء).

سبيلُ الله الصراط المستقيم هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)

والإسلام هو طريق بين طرق كثيرة، بعضها دين سماوي، ولكنه محرّف مغيّر منسوخ؛ كاليهودية والنصرانية،

وبعضها مخترَع من قِبَل أئمة الضلال في القديم والحديث؛ كعبادة الأصنام والشمس والقمر والنجوم، ومنها طريق الشيوعية والعلمانية والبوذية، وهي طرق كثيرة متنوعة.

وقد ضرب الرسول [ مثلاً لصراطه المستقيم وللسبل المنحرفة عنه، فعن عبدالله ابن مسعود ] قال: «خط لنا رسول الله [ خطاً ثم قال:

«هذا سبيل الله»، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال:

«هذه سبل - قال يزيد: متفرّقة - على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه»، ثم قرأ:

وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}(الأنعام:153)
(مسند أحمد: 4142، وإسناده حسن كما قال محقق المسند).

المغضوبُ عليهم والضالون أخطر الطرق التي يجب اجتنابها طريق المغضوب عليهم، وطريق الضالين،

( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) الفاتحة ))

، والمعنى: اجنبنا يا ربنا طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين. والمغضوبُ عليهم اليهود، والضالون النصارى،

والغضب أشدُّ من الضلال، ولبُّ الدين الذي عليه اليهود قائم على معرفة الحقِّ، ورفض اتباعه،

فاليهود يعلمون أن محمداً مرسَلٌ من ربه، ولكنهم يعاندون،

والنصارى ضالون، فهم يعبدون الله على جهل.

وقد حدّثنا الله تبارك وتعالى عن اليهود في كتابنا، فقال:

( قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)المائدة).

وقد قال الرسول [ لعدي بن حاتم عندما جاء إلى رسول الله [ مسلماً: «إن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصارى ضُلاَّل»(الترمذي: 2953، 2954)، وانظره في صحيح سنن الترمذي).

ووجه وصف اليهود بالغضب أنهم يعرفون الحق، وينكرونه ويخالفونه، ويأتون الباطل عمداً، والنصارى يعبدون الله على جهل،

أما المؤمنون أتباع الصراط المستقيم فيعلمون الحقَّ، وينصاعون له، فهم مهتدون.

ما تهدي إليه السورة

بتدبّر آيات هذه السورة نجدها تهدينا إلى ما يأتي من علم وعمل: -

أفادتنا بالمعرفة بالله معبودنا، فهو الله الرحمن الرحيم الرب مالك يوم الدين. -

أرشدنا الله تبارك وتعالى إلى أن نحمده، ونُثني عليه ونمجّده بتلاوة قوله تعالى: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) الفاتحة ))


- الله وحده المستحق للحمد كله، لأنه ربنا ورب كلِّ الخلائق، ولأنه المتصف بصفات الرحمة وغيرها من جميل الصفات،

ولأنه وحده الذي يحاسب الخلائق بعد أن يأتي بهم يوم الدين.

- الله هو الربُّ الخالق الرازق المدبِّر، لا رب غيره، ولا خالق سواه،

ومن جعل من دون الله أرباباً فقد ضل ضلالاً عظيماً.


- الإقرار بيوم الدين، الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين، ويحاسبهم على ما قدّموا، والله هو المالك وحده لذلك اليوم.


- قدّم العبادة على الاستعانة في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}(الفاتحة

وفي ذلك إرشاد إلى تقديم الخضوع لله على طلب الحاجة.


- الله وحده المستحق للعبادة،

وكل إله غير الله فهو معبود باطل لا يستحق أن يُدعى، ولا يُستعان به ولا يُستغاث به من دون الله.


- الذي يدلنا على الطريق التي توصلنا إلى رضوان الله في الدنيا والآخرة، هو الله وحده، فمنه نسأل الهداية.


- الصراط المستقيم صراط الله الذي سلكه الأنبياء، والصدّيقون والشهداء والصالحون، وهو التوحيد، وهو الدين الذي لا دين سواه.


- على العبد أن يعلم أنه كلما قرأ الفاتحة أعطى ربه عهداً أن يعبده وحده لا شريك له، ويستعين به وحده دون سواه: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) الفاتحة).

- حَوَتْ هذه السورة أنواع التوحيد الثلاثة، وهي:

1- توحيد «الألوهية»: وهو المذكور في قوله تعالى: {إيَّـاكّ نّعًـبٍدٍ}، والذي لا يعبد إلا ربه، هو الذي يُفرد الله بالعبادة.

2- توحيد الربوبية: فالله تبارك وتعالى { رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}، فكل ما سوى الله مخلوق مربوب، والله رب الخلائق جميعاً.

3- توحيد الأسماء والصفات: وقد ذكر سبحانه من أسمائه في هذه السورة ستة أسماء، هي:

الله، والرحمن، والرحيم، ورب العالمين، والمالك، والملك..

وقد كان الصحابة والذين ساروا على أثرهم يُثبتون لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات وأفعال، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل،

على حدِّ قوله تعالى:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)الشورى).

أحكام متعلقة بالفاتحة :

هناك مجموعة من الأحكام التي تتعلق بهذه السورة، دلت عليها الأحاديث الصحيحة، وهي:

- وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة، لا يغني عنها غيرها،

وقد سبق ذكر الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم [: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(البخاري: 751، ومسلم: 394)،

ويقول صلى الله عليه وسلم [: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تام»(مسلم: 395). والخداج: النقصان. والناقة الخداج: التي ألقت حملها قبل تمام مدته.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم [ يداوم على قراءة الفاتحة في كل ركعة، ولم يُؤْثَر عنه أنه صلى ركعة من غير الفاتحة، وأمرنا [ أن نصلي كما كان يصلي. (البخاري:251).

وثبت في الصحيحين أنه [ كان يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين. (البخاري: 759، ومسلم: 451)،

وانفرد مسلم بذكر قراءته [ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب.

- الراجح أن المأموم لا يقرأ الفاتحة في الصلاة الجهرية، فقد أمر سبحانه بالإنصات والاستماع في قوله:

{$ّإذّا قٍرٌئّ پًقٍرًآنٍ فّاسًتّمٌعٍوا لّهٍ $ّأّنصٌتٍوا لّعّلَّكٍمً تٍرًحّمٍونّ >204<}(الأعراف).

ويدلُّ قوله صلى الله عليه وسلم [: «إنما جُعل الإمام ليُؤتَم به، فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا»(البخاري: 734)

، ويدلُّ له قوله صلى الله عليه وسلم [: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»(سنن ابن ماجه: 850 ، وحسَّن الألباني إسناده)،

وروى مالك في موطّئه عن ابن عمر أنه قال: «إذا صلى أحدكم خلف الإمام فَحَسْبُه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ»(الموطّأ: ص75).

وروى الترمذي عن جابر موقوفاً عليه: «من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصلِّ إلا وراء إمام»(الترمذي: 313، وقال فيه: حسن صحيح).

وروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن جابر بن عبدالله قال: «كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب» (صحيح ابن ماجه: 843).

ومن المعلوم أن المأمومين إذا قرؤوا خلف إمامهم فيما جهر به شوّش بعضهم على بعض،

وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم [ المصلين أن يفعلوا ذلك (الموطأ: 1/72).

- إذا صلى المأموم خلف إمامه في الصلاة السرّية، قرأ بالفاتحة سراً، كما دلت عليه الأحاديث السابقة،

يقول الإمام مالك: «الأمر عندنا أن يقرأ الرجل وراء الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة، ويترك القراءة فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة»(الموطأ: ص75).

وهذا يوافق النص القرآني الآمر بالاستماع حين القراءة، وهذا لا يكون إلا عندما يجهر الإمام بالقراءة.

- يُستحَب لمن أتم قراءة الفاتحة في الصلاة أو في غيرها أن يقول: آمين، ويتأكد الاستحباب إذا قُرئت في الصلاة،

لا فرق في ذلك بين الإمام والمأموم. والدليل على استحباب التأمين للإمام والمأموم ما رواه أبو هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [: «إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا، فإنه من يوافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدمّ من ذنبه».

قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول: «آمين»(رواه البخاري: 780، ومسلم: 410).

وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم[: «إن اليهود ما حسدتنا على شيء ما حسدتنا على السلام والتأمين»(صحيح ابن ماجه: 856).


بفضل الله تعالى تمَّ تفسير الفاتحة

وبإذن الله نبدأ في تفسير سورة البقرة

منقول عن مجلة المجتمع الكويتية مع تصحيح الآيات







توقيع نوران