وتعالج العلوم كثيرا من الظواهر الطبيعية التي تحدث
في هذا الكون، وبرغم ان العلوم لا تؤيد وجود عالم غير مادي تاييدا كاملا، فانها لا
تستطيع ان تنفي بصورة قاطعة وجود عوالم اخرى غير مادية وراء العالم المادي.
ونستطيع بطريقة الاستدلال والقياس بقدرة الإنسان وذكائه، في عالم يفيض بالأمور
العقلية، ان نصل إلى وجوب وجود قوة مسيطرة مدبرة تدبر هذا الكون وتدبر أموره
وتعيننا على فهم ما يغمض علينا من أمر منحنيات التوزيع، ودورة الماء في الطبيعة،
ودورة ثاني أوكسيد الكربون فيها، وعمليات التكاثر العجيبة، وعمليات التمثيل الضوئي
ذات الاهمية البالغة في اختزان الطاقة الشمسية وما لها من أهمية بالغة في حياة
الكائنات الحية، وما لا يحصى من عجائب من هذا الكون. اذ كيف يتسنى لنا ان نفسر هذه
العمليات المعقدة المنظمة تفسيرا يقوم على أساس المصادفة والتخبط العشوائي؟ وكيف
نستطيع ان نفسر هذا الانتظام في ظواهر الكون والعلاقات السببية، والتكامل،
والغرضية، والتوافق، والتوازن، التي تنتظم سائر الظواهر وتمتد آثارها من عصر إلى
عصر؟ كيف يعمل هذا الكون دون ان يكون له خالق مدبر هو الذي خلقه وأبدعه ودبر سائر
أموره؟
ان جميع ما في الكون يشهد على وجود
الله سبحانه ويدل على قدرته وعظمته. وعندما
نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون ودراساتها، حتى باستخدام الطريقة
الاستدلالية، فاننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي
الله وعظمته(1). ذلك هو
الله الذي لا نستطيع ان نصل اليه بالوسائل العلمية المادية وحدها، ولكننا نرى
آياته في أنفسنا وفي كل ذرة من ذرات هذا الوجود. وليست العلوم الا دراسة خلق الله
وآثار قدرته.
__________
(1) - انظر إلى ابداع القرآن اذ يقول: {أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من
السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا.أإله مع
الله بل هم
قوم يعدلون}
سورة النمل، آية: 60 (المترجم)