اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :4  (رابط المشاركة)
قديم 03.11.2010, 05:18
صور ابو الياسمين والفل الرمزية

ابو الياسمين والفل

عضو

______________

ابو الياسمين والفل غير موجود

فريق الترجمة 
الملف الشخصي
التسجيـــــل: 06.07.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 474  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
12.02.2015 (03:08)
تم شكره 35 مرة في 31 مشاركة
افتراضي


الجيش))، قال عبد الله بن بشر الخثعمي راوي الحديث: فدعاني مسلمة بن عبد الملك، فسألني فحدثته، فغزا القسطنطينية. لقد جزم مسلمة بتحقق هذه النبوءة، فأراد أن يحوز شرفها، فغزا القسطنطينية، لكن الله اختبأها لفتى بني عثمان محمدٍ الفاتح رحمه الله، فكان فتحُه لها دليلاً آخر على نبوة النبي . لكن العجيب المدهش الذي يلوي الأعناق من أخبار الفتوح أن بعض هذه الأخبار كانت في وقت ضيق المسلمين، وعلى خلاف ما توحي به الأحداث، بل على عكسه ونقيضه ، لقد كان النبي يتنبأ - وهو في ضنك البلاء وأُوار المحنة - بما لا يمكن لأحد أن يحلُم به ولو في رؤياه.
ومنه أنه خرج على أصحابه وهم يعذبون بالنار والحديد في بطحاء مكة، وفيهم خباب بن الأرَتّ، الذي تقدم إليه شاكياً فقال: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال : ((كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشَّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه".
ثم بشره النبي ببشارة عظيمة مذهلة فقال: ((والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)).
إنه يتنبأ بتمام أمر دينه، وبأمن أصحابه في زمنٍ ما كانوا يجرؤون فيه على إعلان دينهم خوفاً من بطش قريش وعذابها. وفي المدينة المنورة ألقى الخوف بظلاله على المسلمين، ولنسمع إلى أُبي بن كعب وهو يصف حالهم: لما قدم رسولُ الله وأصحابُه المدينة، وآواهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وكانوا لا يبيتون إلا في السلاح، ولا يصبحون إلا فيه. فقالوا: ترون أنـَّا نعيشُ حتى نبيتَ مطمئنين لا نخاف إلا الله عز وجل؟ فنزل قوله تعالى: } وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً{ (النور: 55) وكان كذلك، فقد أمَّنهم الله من بعد خوفهم، وسوَّدهم الأرض، واستخلفهم فيها من بعد ذلتهم، ومكَّن لهم دينهم في مشارق الأرض ومغاربها.
قال القرطبي: " وقد فَعلَ اللهُ ذلك بمحمدٍ وأمتِه، ملّكَهُم الأرض، واستخلفهم فيها، وأذل لهم ملوكاً تحت سيف القهر بعد أن كانوا أهل عز وكبر، وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم } وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد { (الزمر: 20)". وفي موقف آخر من المواقف الصعبة التي عانى منها الصحابة أتى عدي بن حاتم النبي ، وبينما هو عنده؛ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل. فالتفت النبي إلى عَدي، وقال: ((فلعلك إنما يمنعك عن الإسلام أنك ترى من حولي خصاصة، أنك ترى الناس علينا إلْباً)). ثم ألقى النبي نبوءة مفاجئة أذهلت عَدياً، فقد قال له: ((يا عدي، هل رأيت الحيرة؟)) فأجابه: لم أرها، وقد أُنبئت عنها. فقال : ((فإن طالت بك حياة لترين الظعينة [أي المرأة] ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله)).
يقول عدي، وهو يتشكك من وقوع هذا الخبر: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار [لصوص] طيءٍ الذين سعروا البلاد؟ وقبل أن يفيق عدي من ذهوله وحديثه مع نفسه أسمعه النبي نبوءة أعظمَ وأبعد، فقال: ((ولئن طالت بك حياة لتُفتحنَّ كنوزُ كسرى)). ولم يصدق عديٌ مسمعه، فسأل النبيَّ مستوثقاً: كسرى بنِ هُرمز؟ فأجابه النبي بلسان الواثق من ربه - رغم ضعف حاله وفاقة أصحابه -: ((كسرى بنِ هرمز، ولئن طالت بك حياة لتريَنَّ الرجل يُخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبلُه)).
ثلاث نبوءات لا يمكن لغير مؤمنٍ أن يُصدق بوقوعها في ذلك الزمان وفي مثلِ تلك الظروف، لكنها دلائل النبوة وأخبار الوحي الذي لا يكذب. يقول عدي: فرأيتُ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوفَ بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنتُ فيمن افتتح كنوز كسرى بنِ هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم [عن الرجل] يخرج ملء كفه. وصدق عدي ، فقد تحققت الثالثة زمن الخليفةِ الراشدِ عمرَ بنِ عبد العزيز.
ومثله قوله : ((لا تقوم الساعة حتى يسير الراكب بين العراق ومكة؛ لا يخاف إلا ضلال الطريق) إنها من أخبار الغيب الدالة بتحققها على نبوة محمد . ولما أتت جموع الأحزاب إلى المدينة، يرومون استئصال المسلمين؛ أمر النبي بحفر الخندق حول المدينة، وبينما هم يحفرون عرضت لهم صخرة حالت بينهم وبين الحفر، فقام رسول الله وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق، وقال: ]وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم[ (الأنعام: 115) فندر ثُلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربةِ رسول الله برْقة. ثم ضرب الثانية والثالثة .. فكان مثله. فتقدم إليه سلمان فقال: يا رسول الله رأيتُك حين ضربتَ، ما تضرب ضربة إلا كانت معها برقة! فقال له رسول الله : ((يا سلمان رأيتَ ذلك؟)) فقال: إي والذي بعثك بالحق يا رسول الله.
قال: ((فإني حين ضربت الضربة الأولى رُفعت لي مدائنُ كسرى وما حولها ومدائنٌ كثيرة حتى رأيتُها بعينيّ)). فقال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله بذلك. ((ثم ضربتُ الضربة الثانية، فرُفعت لي مدائن قيصر وما حولها حتى رأيتها بعينيّ)). قالوا: يا رسول الله ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله بذلك.
((ثم ضربت الثالثة فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى حتى رأيتها بعيني)).
وقبل أن يطلب الصحابة منه الدعاء لهم بفتحها؛ بادرهم النبي بالقول: ((دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم)). وقد أطلع الله نبيه على ما يكون من أخبار الحبشة والترك، وما تحدثه حروبهم من النكال بالمسلمين، فكره قتالهم ، وأوصى باجتنابهم.
أما الحبشة فإنهم يهدمون الكعبة في آخر الزمان ، فقد قال : ((يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)). وأما الترك فمنهم التتار الذين استباحوا بغداد، وقتلوا فيها ما يربو على مليونين من المسلمين عام 658هـ. قال ابن كثير: "وفي هذه السنة [643هـ] كانت وقعة عظيمة بين جيش الخليفة وبين التتار لعنهم الله، فكسرهم المسلمون كسرة عظيمة، وفرقوا شملهم، وهزموا من بين أيديهم، فلم يلحقوهم، ولم يتبعوهم خوفاً من غائلة مكرهم، وعملاً بقوله : ((اتركوا الترك ما تركوكم))". وعلل بعض أهل العلم الأمر بترك قتالهم بـأنه "لأن بلاد الحبشة وغيرهم، بين المسلمين وبينهم مهامِهُ وقِفار، فلم يكلِّف المسلمين دخول ديارهم لكثرة التعب وعظمة المشقة، وأما الترك فبأسهم شديد، وبلادهم باردة، والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارة، فلم يكلفهم دخول البلاد، فلهذين السِّرين خصصهم". ولما انقضت غزوة الأحزاب، ولت جموعهم الأدبار، وقبل أن ينقشع غبارُ إدبارهم أخبر النبي بنبوءة ما كان له أن يطلع عليها لولا إخبار الله له، فقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)).
وهكذا كان، إذ كانت غزوة الأحزاب آخر غَزاة غزتها قريش في حربها مع النبي ، وقد غزاهم المسلمون بعدها، وفتحوا مكة بعون الله وقدرته، فمن الذي أعلم النبي أن هذه الألوف التي دهمت المدينة لن تعود إليها بعد هذه الكَرَّة الخاسرة؟ إنه الله رب العالمين.
قال ابن حجر عن قوله : ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا)): "وفيه علمٌ من أعلام النبوة، فإنه اعتمر في السنة المقبلة، فصدّتهُ قريش عن البيت، ووقعت الهدنة بينهم إلى أن نقضوها، فكان ذلك سببَ فتح مكة، فوقع الأمر كما قال

إخباره بأخبار آخر الزمان وعلامات الساعة

وإن من دلائل النبوة ما أخبر أنه يكون بين يدي الساعة، ونراه أو نرى بعضه في حياتنا اليوم، وهو ما يسميه العلماء بأشراط الساعة الصغرى، وهذا الحاضر - الذي نراه اليوم - كان غيباً أطلع الله عليه نبيه ، ليكون شاهداً على نبوته ورسالته.
ومن الأخبار المتعلقة باقتراب الساعة ما يحدثنا عنه بقوله: ((من أشراط الساعة أن يقِلَّ العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقِلَّ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)).
وزاد في رواية في الصحيحين: ((ويُشربَ الخمر، ويَظهرَ الزنا)).
وفي رواية أخرى: ((وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان، وتَظهرَ الفتن، ويكثُرَ الهرْج، وهو القتل)).
وفي رواية: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).
فهذه ثمان علامات تكون بين يدي الساعة.
أولها: ظهور الجهل وقلة العلم الشرعي بين الناس، وذلك لقبض العلماء وظهور الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون، وقد قال رسول الله : ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يُقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَترُك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)). قال ابن بطال: "وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط، وقد رأينا عياناً، فقد نَقص العلم وظهر الجهل". وتعقبه ابن حجر فقال: "الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله [أي العلم]، والمراد من الحديث استحكامُ ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر .. فلا يبقى إلا الجهل الصِرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم؛ لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك". ولئن كان ذلك في زمن ابن بطال ثم ابن حجر فإنه في زماننا أظهر وأبْيَن، ولا يخفى هذا على عاقل يرى ما رُزئنا به اليوم من موت العلماء، وتصدر الأدعياء. وأما العلامة الثانية من علامات النبوة التي أخبر بها فهي شيوع شرب الخمر بين المسلمين، وقد أنبأ أن الذين سيشربونها؛ يسمونها بغير اسمها، وأنهم يستحلونها، ولا يرون أنها الخمر التي حرمها الله، قال : (( يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها))، وزارد في رواية الدارمي: ((فيستحلونها)). وبيانُه فيما أخرجه البخاري عن النبي أنه قال: ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)). وقد كان هذا - وللأسف - عند بعض جهال المسلمين، غفلة منهم وجهلاً، فتعاطوا هذه المحرمات، لما رأوها سميت بالمنشطات أو المخدِّرات أو المشروبات الروحية، والحق أنها جميعاً خمر حرمها الله ولعن شاربها وبائعها وصانعها، وقد قال عمر على المنبر وهو يخطب في المسلمين: (أما بعد، نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل)، أي غطاه، فكل ذلك خمر.
قال القرطبي: " في هذا الحديث عَلم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع؛ فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان".
وأما ثالث أشراط الساعة المذكورة في الأحاديث آنفاً؛ فهو انتشارُ الزنا وشيوعُه بين الناس، وهو أمر يكثر - عياذاً بالله – عند غير المسلمين، وهذه الشناعة استقبحتها الأمم طوال تاريخ الإنسانية، وأصبحت الآن تعرض في وسائل التقنية الحديثة، وعمدت بعض الدول إلى تقنينها، وأجازتها قوانينها وتشريعاتها، بل جعلها بعضهم ضرباً من ضروب التجارة والكسب.
ورابع الأشراط التي ذكرها النبي ؛ كثرة الفتن وما يستتبعها من كثرة الهرج الذي هو القتل، وقد أبانه النبي فقال: ((والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قُتِل)).
ونجد مصداق هذه النبوءة النبوية في كثرة الحروب والفتن التي يقتل فيها الأبرياء، فلا يدري القاتل من يقتُل، ولا لماذا يقتُل، ومثلُه المقتول. أجارنا الله من الفتن.
وهذا يفسر لنا العلامة الخامسة من علامات النبوة، الواردة في قول النبي : ((وتكثرَ النساء ويقلَ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))، فإن الرجال هم وقود الحروب والفتن دون غيرهم. قال ابن حجر: "قيل سببه أن الفتن تكثر، فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء ... والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يُقدِّر الله في آخر الزمان أن يقِلَ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث ".
وإلى صدق هذه النبوءة وقرب تحققها تشير الإحصاءات العالمية، حيث وصلت نسبة الذكور حسب إحصاءات الأمم المتحدة عام 2002م إلى 48%، وتتوقع دائرة الإحصاءات الأمريكية أن تصل نسبة الذكور عام 2100م إلى 38% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤكد أن ما أخبر به في طريقه إلى التحقق.
وأما العلامة السادسة مما يكون بين يدي الساعة فهي تقارب الزمان، فقد قال : ((لا تقوم الساعة حتى يُقبضَ العلم، وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان..)).
وقال: ((يتقاربُ الزمان، ويَنقصُ العمل، ويُلقى الشح)).
قال التوربشتيُ: "يُحمل ذلك على قلة بركة الزمان، وذهابِ فائدته في كل مكان، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشُغْلِ قلبهم بالفتن العظام؛ لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم".]
وقال الخطابي: "معناه قِصَر زمان الأعمار وقلة البركة فيها .. وقيل: قِصر مدة هذه الأيام والليالي؛ على ما روي أن الزمان يتقارب حتى يكون السنة كالشهر، والشهرُ كالجمعة، والجمعةُ كاليوم، واليومُ كالساعة، والساعةُ كاحتراق السَعَفَة".
وهكذا فقد حمل العلماء الحديث على ثلاثة معانٍ: قصرُ الأعمار أو ذَهابُ بركتها أو تقاربُ الزمان حقيقة.
فأما المعنيان الأولان فهما مشاهدان بكثرة بين الناس اليوم، وبخاصة ذَهاب بركة العمر، حيث تنقضي السنة، والواحد منا يظنها شهراً، وينقضي الشهر، ولا نحسبه إلا أسبوعاً.
وأما المعنى الثالث الذي يقضي بتناقص الزمان حقيقة، فلعله يكون قبيل الساعة، حين يختل الكثير مما نعهده من نواميس الكون التي جعلها الله، فتشرقُ الشمس من مغربها، وتتكلمُ السباع، إلى غيره مما هو خارج عن مألوفنا في سنن الله الكونية.
وسابع أشراط الساعة التي تنبأ النبي أنها تكون؛ كثرةُ الزلازل ونقارب أوقاتها، وهو أمر يعجب المرء لكثرته في هذه الأيام، وهو في ازدياد مستمر، حتى لا يكاد يمضي الشهر إلا وتهتز الأرض هنا أو هناك، فمن الذي أعلم النبي بهذا الغيب قبل ألف وأربعِ مائةٍ سنة؟ إنه الله علام الغيوب.
وأما ثامن علامات الساعة ودلائل النبوة فهو إخباره عن كثرة الشح بين الناس لقوله : ((ويُلقى الشح)). قال ابن حجر: " فالمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم، حتى يبخل العالم بعلمه، فيترك التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشح؛ لأنه لم يزل موجوداً".
وهذا كله قد كثر في أهل الزمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وروى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: ((لا تقوم الساعة حتى يكثُر المال، ويفيضَ حتى يَخرجَ الرجلُ بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعودَ أرض العرب مروجاً وأنهاراً)). ولما سبق الحديث عن كثرة المال فإنا نتحدث هنا عن عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً، فالبشارة النبوية تضمنت خبرين: أولُهما: أن أرضَ العرب - أي جزيرة العرب - كانت مروجاً وأنهاراً، أي كانت خضراءَ كثيرةَ المياه، والثاني: أنها ستعود كذلك قبل قيام الساعة.
ومن المعلوم أن جزيرة العرب تنعدم الأنهار فيها اليوم، وتقل المساحات الخضراء في ربوعها، بينما يخبر الحديث أنها كانت وسترجع إلى غير هذه الحال.
وحين تحدث القرآن عن قوم نبي الله هود، قومِ عاد الذين عاشوا في جنوب جزيرة العرب وقريباً من صحراء الربع الخالي، قال ممتناً عليهم: ] واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون [ (الشعراء: 132-134)، فذكر أن بلادهم المقفرةَ اليومَ كانت مروجاً وبساتين كثيرة المياه. وليست بلادُ عاد الوحيدةَ من المدائن القديمة التي دفنتها ذرات رمال الصحراء، التي أغرقت بكثبانها الكثير من المدن التي كانت عامرة في غابر الأيام، كمدينة الفاو ومدينة أوبار المكتشفَتين حديثاً في جنوب جزيرة العرب، ومثل هذه المدن لا تُشاد في صحراءَ جرداء، بل في واحة خضراءَ كثيرةِ المياه.
وهذا الخبر نجد مصداقه أيضاً عند علماء الجولوجيا والآثار، حيث يؤكدون أن جزيرة العرب كانت قبل عشرين ألف سنة رقعة خضراء كثيرة المياه والأنهار، وفيها الكثير من أنواع الحيوانات التي تتواجد عادة في المراعي والغابات، كما شهد بذلك ما بقي من آثارهم.
كما أكد صدقَ هذا الخبر النبوي الدكتور هال ماكلور في أطروحته للدكتوراه والتي كانت عن الربع الخالي، فذكر أن البحيراتِ كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة التي انقضت قبل ثمانية عشرَ ألفَ سنة.
ووافقه العالـم الجيولوجي الألماني الشهير البروفسور الفريد كرونر في مؤتمر علمي أقيم في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية.
وأضاف بأن عود جزيرة العرب إلى تلك الحال مسألة معروفة عند العلماء، وأنها حقيقة من الحقائق العلمية، التي يوشك أن تكون، وقال: هذه حقيقة لا مفر منها.
ولما أُخبِر بقول النبي ((وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً)) تعجب، وقال: "إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى" أي من عند الله.
وقال: "أعتقد انك لو جمعت كل هذه الأشياء، وجمعت كل هذه القضايا التي بسطت في القرآن الكريم والتي تتعلق بالأرض وتكوين الأرض والعلم عامة، يمكنك جوهرياً أن تقول: إن القضايا المعروضة هناك صحيحة بطرق عديدة، ويمكن الآن تاكيدها بوسائل علمية، ويمكن إلى حد ما أن نقول: إن القرآن هو كتاب العلم الميسر للرجل البسيط، وإن كثيراً من القضايا المعروضة فيه في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها، ولكنك بالوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد منذ 1400 سنة".
ويحسُن هنا التذكير بما حملته إلينا الأخبار عن تصوير جزيرة العرب من الفضاء، واكتشاف العلماء من خلال هذه الصور أنها تَسبح فوق نهر من المياه الجوفية، يمتد من غرب الجزيرة العربية إلى شرقها, ناحية الكويت, حيث أوضحت الصور أن مساحةً شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق . فمن الذي أخبر محمداً بحال جزيرة العرب قبل آلاف السنين؟ ومن الذي أنبأه بما سيكون عليه حالها في قابل الأيام؟ إنه وحي الله الذي يشهد له بالرسالة .
ومن أشراط الساعة الأخرى التي تنبأ النبي أنها تكون بين يدي الساعة، ونراها تكثر في حياة الناس اليوم قوله : ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام)).
وقال ابن التين: " أخبر النبي بهذا تحذيراً من فتنة المال، وهو من بعض دلائل نبوته لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه، ووجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو".
وابتلي المسلمون اليوم بانتشار الربا ودخول معاملاته في شتى صور الحياة الاقتصادية، حتى إنه يصيب بقتامه حتى أولئك الذين ينأون عنه، ليصدق فينا قول النبي : ((يأتي على الناس زمان يأكلون الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره)).
قال السندي متحدثاً عن هذه البلية: " هو زماننا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وفيه معجزة بينة له صلى الله تعالى عليه وسلم".
وهو في زماننا أظهر وأبين، فقد أضحت البنوك الربوية ملاذاً يحفظ الناس فيه من الضياع أموالهم، بل ينالون منها رواتبهم وحقوقهم، وعن طريقها يدفعون أثمان بضائعهم وغيره، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وروى الإمام أحمد أمراً آخرَ تنبأ النبي بأنه يكون في آخر الزمان، ونراه يكثر في أيامنا، ألا وهو أن يخص المرء بسلامه معارِفَه دون بقية المسلمين، فعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: ((إن من أشراط الساعة أن يسلّم الرجل على الرجل، لا يُسلم عليه إلا للمعرفة)).
وفي رواية أخرى أنه قال: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفُشُوَّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم)).
وهكذا فإخبار النبي عما يصنعه اليوم كثير من الناس، وهو تسليم المرء على خاصته من أقرباء وأصدقاء دون بقية المسلمين الذين لا يعرفهم، هذا الإخبار منه علامة على نبوته، لأنه إخبار بغيب لا يعلمه إلا الله أو من أطلعه الله عليه.
وقد تضمن الحديث السالف أموراً أخرى كثرت في دنيا الناس، وبخاصة قطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان الحق. كما ذكر الحديث أمراً عجباً حين أخبر عن فشو التجارة ومشاركة المرأة زوجها فيها، وهو ما يكثر في زماننا. وأعجب منه قوله : (( وظهور القلم))، أي تعلم الناس الكتابة، وهو أمر لم يتحقق إلا في هذا القرن، حيث تراجعت نِسب الأمية بين شعوب العالم، وهي في طريقها إلى الزوال، وبخاصة مع تيسر سبل التعليم وتقدم وسائط الاتصالات.
والسؤال ، كيف عرف النبي قبل أربعة عشر قرناً أن الكتابة تفشو بين الناس، لقد أنبأ به في عصر كان عدد الكتبة فيه لا يكاد يتجاوز الألف. إنه عَلم آخر من أعلام النبوة.
ومن براهين النبوة المتعلقة بأشراط الساعة قوله : ((من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد)). قال أنس: (يتباهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً).
ولما تيقن ابن عباس بتحقق هذا الخبر النبوي قال: (لتزخرفُنها كما زخرفت اليهود والنصارى).
قال ابن رسلان: "هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره عما سيقع بعده، فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس".
ومن هذه الأخبار العجيبة الباهرة إخباره بتطاول الناس في البنيان، قال هذا في وقت ما عرف الناس فيه شاهق البنيان، ففي صحيح مسلم أن جبريل سأل النبي عن أمارات الساعة، فقال : ((أن تلد الأَمَة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان)).
قال النووي : "معناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البنيان". وقد تحقق هذا في زماننا ، فتقدم العلم، وكثر المال، وارتفع - بفضل الله - البنيان، ووصل الأمر بالناس إلى التفاخر فيه، وأغدق الله من فضله وجوده على بلاد كانت تشكو الفقر، فأضحت - بفضل الله - أغنى بلاد الدنيا، فتطاول أهلها مع غيرهم في البنيان، وهو مصداق ما أنبأ عنه . ومما أخبر أنه يكون قبيل الساعة، وتحقق في زماننا؛ استغناء الناس عن ركوب الدواب، التي استبدلوها بما أنتجته التقنية الحديثة من السيارات والطائرات وغيرها من وسائل الانتقال، وهو أمر حديث أشار إليه القرآن بقوله: ]والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون[ (النحل: 8) فإذا ما خلق الله هذه الوسائل الجديدة تحققت نبوءة رسول الله : ((ولتُتركن القِلاص فلا يُسعى عليها)).
وذكر النبي في حديث آخر بعض صفات المركوبات التي سيستحدثها الناس وبعض ما سيرافقها من المنكرات فقال: ((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال، ينزلون على أبواب المسجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهم كأسنمة البخت العجاف )).
وأخبر النبي عن بعض الشرور التي تصيب أمته بين يدي الساعة، ونرى كثيراً منها بين المسلمين اليوم، ومنها أنّا نرى في بعض بلاد المسلمين من يقرأ القرآن في المآتم وعلى القبور أو على أبواب المساجد، يرجو من ذلك المال أو الشهرة ، لا الأجر والثواب، بل إن بعضهم يقرأ بحسب ما يعطى من المال، وهذا مصداق لما أخبر النبي عنه حين قال: ((من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس)).
وفي رواية البيهقي: ((فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأ لله عز وجل)).
والناظر في أحوال الكثيرين من شباب وفتيات المسلمين يسوؤه ما يراه من تقليد للآخرين في زيهم وشاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وقصات شعورهم، فقد صدق فيهم قول النبي : ((لتتبعن سَنن من كان قبلكم شبراَ شبراَ، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمَن؟)).
قال النووي: "السَنَن بفتح السين والنون، وهو الطريق، والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله ، فقد وقع ما أخبر به
وأما ما ينتشر بين المسلمات من تبرج وتكشف في جلابيبهن وملابسهن التي أضحت صورة من صور الغواية لا الستر؛ فهذا تحقيق لما أخبر عنه النبي بقوله: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)). ومعنى قوله : ((رؤوسهن كأسنمة البخت)) كما نقل النووي: "يعظمن رؤوسهن بالخمُر والعمائم وغيرها مما يلفّ على الرأس، حتى تشبه أسنمة الإبل".
قال النووي: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به، فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة، أما الكاسيات ففيه أوجه [منها أن المرأة] تكشف شيئاً من بدنها إظهاراً لجمالها، فهن كاسيات عاريات يلبسن ثياباً رقاقاً تصِف ما تحتها، كاسيات [في الصورة، لكنهن] عاريات في المعنى". ولئن كان بعض هذا في زمن النووي رحمه الله؛ فإنه في عصرنا أظهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. ومما يكون بين يدي الساعة أيضاً ضياع الأمانة بين الناس، وهو ما تنبأ به النبي حين جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟
يقول أبو هريرة : فمضى رسول الله يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: ((أين أراه السائل عن الساعة؟)) قال: ها أنا يا رسول الله.
فقال : ((فإذا ضيِّعت الأمانة فانتظر الساعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)).
قال ابن بطال في معناه: "أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قلَّدوا غير أهل الدين فقد ضيعوا الأمانة التي قلدهم الله تعالى إياها".
فمن ضياع الأمانة في آخر الزمان أن تسند المسؤوليات لا إلى أربابها من أصحاب الكفاءات، بل إلى ما يملكه المرء من معارف وأموال يسترضي بها الآخرين.
وما تزال الأمانة تقل بين الناس حتى يأتي عليهم زمان تنقلب فيه الموازين، وترفع فيه الأمانة (( فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان)).
وتعاني أمة الإسلام حالة غريبة من التشرذم والضعف، وأصبحت بلادها كلأً مستباحاً للقاصي والداني، ولم يشفع لها أنها جاوزت المليار والربع من المسلمين، فهم غثاء كغثاء السيل، فصدق فيهم حديث النبي : ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)). إنه نبوءة من لا ينطق عن الهوى، وهو علم آخر من أعلام نبوته ورسالته. وهكذا فإن وقوع ما أخبر النبي بعد مضي هذه القرون من تنبئه بهذه الأحداث وتلك المظاهر، لبرهان صدق ودليل حق على نبوة النبي .

المعجزات الحسية للرسول
وإن من أعظم دلائل النبوة ما يؤتيه الله أنبياءه من خوارق العادات التي يعجز عن فعلها سائر الناس، وتمكينهم من هذه الخوارق إنما هو بتكريم وتأييد من الله، وهو دليل رضا الله وتأييدِه لهذا الذي أكرمه الله بالنبوة أو الرسالة، ولا يمكن أن يؤيد الله بعونه وتوفيقه من يدعي الكذب عليه ويُضل الناسَ باسمه.
ومن هذه المعجزات التي أوتيها الأنبياء والمرسلون؛ حبس الله الشمس عن الغروب لنبيه يوشع بن نون، قال : ((غزا نبي من الأنبياء .. فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: أنتِ مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها عليّ شيئاً، فحبست عليه حتى فتح الله عليه )).لقد خرق الله سنته في جريان الشمس إكراماً لنبي الله يوشع، واستجابة لدعائه لله.
وبمثله أيد الله موسى عليه السلام، فقد شقّ الله له البحر لما ضربه بعصاه، فصار طرقاً ممهدة يمشي بنو إسرائيل عليها في دعة وسكينة.
وبمثله أيضاً أيد الله نبيه وخاتم رسله، فصنع الله بيديه باهر المعجزات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كان يأتيهم بالآيات الدالة على نبوته , ومعجزاته تزيد على ألف معجزة".
وقال ابن القيم بعد أن ذكر معجزات موسى وعيسى عليهما السلام: "وإذا كان هذا شأن معجزات هذين الرسولين، مع بُعد العهد وتشتت شمل أمّتيْهما في الأرض، وانقطاع معجزاتهما، فما الظن بنبوة محمد , ومعجزاتُه وآياتُه تزيد على الألف والعهد بها قريب، وناقلوها أصدقُ الخلق وأبرُّهم، ونقلُها ثابت بالتواتر قرناً بعد قرن؟".
لقد أيد الله نبيه محمداً بالمعجزات الدالة على نبوته، ورأى مشركو مكة الكثير منها ، لكنهم لم يؤمنوا، ولم يذعنوا للحق، بل طلبوا على سبيل العناد والاستكبار المزيد من الآيات } وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً أو تكون لك جنةٌ
من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً{ (الإسراء:90-93).
وحتى يقيم الله حجته على قريش؛ فإنه آتى نبيه معجزة من جنس ما طلبوه على سبيل التعجيز، ألا وهي انشقاق القمر، وهو حدث عظيم لا يقع إلا بتقدير العزيز العليم.
فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود أنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه, فقال رسول الله : ((اشهدوا)).
قال الخطابي: "انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جبلة طباع ما في هذا العالم، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر".
قال ابن كثير بعد أن ساق روايات عدة لحادثة انشقاق القمر: "فهذه طرق عن هؤلاء الجماعة من الصحابة، وشهرة هذا الأمر تغني عن إسناده، مع وروده في الكتاب العزيز .. والقمر في حال انشقاقه لم يزايل السماء، بل انفرق باثنتين، وسارت إحداهما حتى صارت وراء جبل حراء، والأخرى من الناحية الأخرى، وصار الجبل بينهما، وكلتا الفرقتين في السماء، وأهل مكة ينظرون إلى ذلك، وظن كثير من جهلتهم أن هذا شيء سُحرت به أبصارهم، فسألوا من قدم عليهم من المسافرين، فأخبروهم بنظير ما شاهدوه، فعلموا صحة ذلك وتيقنوه".
وهذا الذي حكاه الله بقوله: } اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آيةً يعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمرٍ مستقر { (القمر: 1-3)، فلم يكذبوا رؤيتهم للقمر منشقاً، ولم يجدوا أمام هذه الآية الباهرة إلا أن يتهموا نبي الله بالسحر.
واليوم في عصر العلم والمعرفة تتجدد هذه الآية العظيمة، فقد نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في موقعها على شبكة الإنترنت صورة للقمر، وقد اخترطه خط طويل من أقصاه إلى أقصاه، ويعتقد العلماء أنه أثر لانشقاق حصل في القمر قديماً } سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيدٌ { (فصلت: 53).
ومن خوارق العادات المعجزة التي آتاها الله نبيه ما أعطاه من استجابة الجماد لأمره، والمعهود فيه خلاف ذلك، فقد أتى النبيَ رجلٌ من بني عامر، فقال له رسول الله : ((ألا أريك آية؟)) قال: بلى. فنظر إلى نخلة، فقال العامري للنبي : ادع ذلك العِذق!
قال: فدعاه، فجاء ينقز حتى قام بين يديه، فقال له رسول الله : ((ارجع)) فرجع إلى مكانه.
فقال العامري: يا آل بني عامر، ما رأيتُ كاليوم رجلاً أسحر.
وفي رواية لابن حبان أن العامري قال: "والله لا أكذبك بشيء تقوله أبداً"، ثم قال: "يا آل عامر ابن صعصعة، والله لا أكذبه بشيء يقوله".
إن تحرك الشجرة من مكانها وذهابها ومجيئها لهوَ آية معجزة وبرهان دامغ على صدقه ونبوته.
ويروي الإمام مسلم نحو هذه المعجزة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: سِرنا مع رسول الله حتى نزلنا وادياً أفْيَح [أي واسعاً] فذهب رسول الله يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ، فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي.
فانطلق رسول الله إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي عليَّ بإذن الله)) فانقادت معه كالبعير المخشوش [المربوط بالحبل] الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله)) فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما؛ لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: ((التئما عليّ بإذن الله)) فالتأمتا.
ثم يمضي جابر في حديثه ويخبرنا بعود الشجرتين إلى حالهما بعد قضاء النبي حاجته، يقول: فإذا أنا برسول الله مقبلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق".
قال الإمام أحمد: "في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي منها: انقلاع الشجرتين واجتماعهما، ثم افتراقهما".
وفي جنبات مكة ثبّت الله قلب حبيبه في مواجهة المحن بآية من هذا الجنس، فقد جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله ، وهو حزين قد خضب وجهه بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: مالك؟ فقال: ((فعل بي هؤلاء، وفعلوا)) فقال جبريل: أتحب أن أريك آية؟ قال: ((نعم أرني)).
فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها: فلترجع، فقال لها، فرجعت، حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله : ((حَسْبي)).إنه دليل آخر من براهين نبوته .
ومن معجزات الأنبياء ما أعطاه اللهُ داودَ عليه السلام، ذلك النبي الأواب الذي كان يسبح الله، فتجيبه الجبال الرواسي والطيور مسبحة الله تعالى معه } وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين { (الأنبياء: 79). } ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد { (سبأ: 10).
وبمثل هذه المعجزة العظيمة أيد الله نبيه محمداً ، فسبح للهِ بين يديه الجمادُ ، وشهد له بالنبوة والرسالة.
يقول ابن مسعود: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل. أي بين يدي النبي .
ويقول أبو ذر : إني شاهد عند النبي في حَلْقَة، وفي يده حصى، فسبّحنَ في يده. وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحَهن مَنْ في الحَلْقَة، ثم دفعهن النبي إلى أبي بكر ، فسبحن مع أبي بكر ، سمع تسبيحهن من في الحلقة ، ثم دفعهن إلى النبي فسبَّحنَ في يده ، ثم دفعهنّ النبي إلى عمر، فسبحن في يده، وسمع تسبيحهنّ مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن النبي إلى عثمان بن عفان، فسبّحن في يده، ثم دفعهنَّ إلينا، فلم يسبّحن مع أحدٍ منا.
ويقارن ابن كثير بين هذه المعجزة ومعجزة أخيه نبي الله داود عليهما السلام، فيقول: "ولا شك أن صدور التسبيح من الحصى الصغار الصمّ التي لا تجاويف فيها؛ أعجب من صدور ذلك من الجبال؛ لما فيها من التجاويف والكهوف، فإنها وما شاكلَها تردِّدُ صدى الأصوات العالية غالباً .. ولكن من غير تسبيح؛ فإن ذلك [أي تِردادَها بالتسبيح] من معجزات داود عليه السلام، ومع هذا كان تسبيح الحصى في كف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان أعجب".
وصدق الشاعر إذ يقول:
لئن سبـَّحتْ صمُّ الجبال مجيبة لداود أو لان الحديدُ المصفَّح فإن الصخور الصم لانَتْ بكفه وإن الحـصا في كفه ليُسبِّحُ
وإن من معجزاته العظيمة نطقُ الجمادات بين يديه، فالجمادات لا تعقل ولا تنطق، فإذا أنطقها الله بتصديقه، فهو دليل رضاهُ عن النبي في قوله بنبوة نفسه وتصديقه حين قال بإرسال الله إياه.
وقد بدئ بآية من هذا النوع قبل نبوته ، فكان الحجر يسلم عليه، يقول رسول الله : ((إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن)).
قال النووي: "فيه معجزة لرسول الله وبعد البعثة رأى الصحابة ذلك، يقول علي: (كنا مع رسول الله بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله).
ولم تتوقف هذه الآيات والمعجزات عند السلام عليه والتسبيح بين يديه وأيدي أصحابه، بل أنطقها الله بالشهادة له بالنبوة والرسالة.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا مع النبي في سفر فأقبل أعرابي، فلما دنا منه قال له رسول الله : ((أين تريد؟)) قال: إلى أهلي، قال: ((هل لك في خير؟)) قال: وما هو؟ قال: ((تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله)).
قال الأعرابي: ومن يشهد على ما تقول؟ فأشار النبي إلى شجرة، وقال: ((هذه السلَمَة))، فدعاها رسول الله وهي بشاطئ الوادي، فأقبلَتْ تَخُدُّ الأرض خداً حتى قامت بين يديه, فاستشهدها ثلاثاً، فشهدت ثلاثاً أنه كما قال.
ثم رجعت إلى مَنبَتها، ورجع الأعرابي إلى قومه، وهو يقول للنبي : إن اتبعوني أتيتُكَ بهم، وإلا رجعتُ فكنتُ معك.
ومن عظيم خوارق العادات التي أوتيها النبي حنين الجذع التي كان يخطب عليها في يوم الجمعة، وهي قصة مشهورة شهدها الكثير من أصحاب النبي ، يقصها علينا








توقيع ابو الياسمين والفل
الله ربى والاسلام دينى والقرآن الكريم كتابى ودستورى ومحمد رسول الله ورسولى واشهد ان لا آله الا الله وحده لا شريك له فى ملكه وان محمد رسوله بلغ الرساله وادى الامانه ونصح الامه وازال الغمه ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم


رد باقتباس