اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :19  (رابط المشاركة)
قديم 13.05.2010, 14:51

بن الإسلام

مشرف عام

______________

بن الإسلام غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 08.05.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.061  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
22.03.2021 (13:42)
تم شكره 303 مرة في 228 مشاركة
افتراضي




{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) } سورة البقرة








( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) أَيْ لَا مَعْبُود بِحَقٍّ فِي الْوُجُود "إلَّا هُوَ .. "اللَّهُ" رفع بالابتداء وخبره في ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ ) الباقي الدائم على الأبد وهو من له الحياة،


وَأَمَّا قَوْله : ( الْحَيّ ) فَإِنَّهُ يَعْنِي : الَّذِي لَهُ الْحَيَاة الدَّائِمَة , وَالْبَقَاء الَّذِي لَا أَوَّل لَهُ يُحَدّ , وَلَا آخِر لَهُ يُؤَمَّد , إذْ كَانَ كُلّ مَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِحَيَاتِهِ أَوَّل مَحْدُود وَآخِر مَمْدُود , يَنْقَطِع بِانْقِطَاعِ أَمَدهَا وَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ غَايَتهَا .



وَمَعْنَى قَوْله : (الْقَيُّوم) : الْقَائِم بِرِزْقِ مَا خَلَقَ وَحِفْظه , كَمَا قَالَ أُمَيَّة : لَمْ يَخْلُق السَّمَاء وَالنُّجُوم وَالشَّمْس مِنْهَا قَمَر يَقُوم قَدْر الْمُهِين الْقَيُّوم وَالْحَشْر وَالْجَنَّة وَالْجَحِيم إلَّا لِأَمْرٍ شَأْنه عَظِيم



الْقَوْل فِي تَأْوِيله قَوْله تَعَالَى : (لَا تَأْخُذهُ سِنَة وَلَا نَوْم) يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ (لَا تَأْخُذهُ سِنَة) لَا يَأْخُذهُ نُعَاس فَيَنْعَس , وَلَا نَوْم فَيَسْتَثْقِل نَوْمًا . وَالْوَسَن : خُثُورَة النَّوْم , وَمِنْهُ قَوْل عَدِيّ بْن الرِّقَاع : وَسْنَانُ أَقْصَدَهُ النُّعَاس فَرَنَّقَتْ فِي عَيْنه سِنَة وَلَيْسَ بِنَائِمِ وَمِنْ الدَّلِيل عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهَا خُثُورَة النَّوْم فِي عَيْن الْإِنْسَان .. عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله تَعَالَى : (لَا تَأْخُذهُ سِنَة) قَالَ : السِّنَة : النُّعَاس , وَالنَّوْم : هُوَ النَّوْم .


فَتَأْوِيل الْكَلَام إذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا : اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت , الْقَيُّوم عَلَى كُلّ مَا هُوَ دُونه بِالرِّزْقِ وَالْكِلَاءَة وَالتَّدْبِير وَالتَّصْرِيف مِنْ حَال إلَى حَال , لَا تَأْخُذهُ سِنَة وَلَا نَوْم , لَا يُغَيِّرهُ مَا يُغَيِّر غَيْره , وَلَا يُزِيلهُ عَمَّا لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ تَنَقُّل الْأَحْوَال وَتَصْرِيف اللَّيَالِي وَالْأَيَّام , بَلْ هُوَ الدَّائِم عَلَى حَال , وَالْقَيُّوم عَلَى جَمِيع الْأَنَام , لَوْ نَامَ كَانَ مَغْلُوبًا مَقْهُورًا , لِأَنَّ النَّوْم غَالِب النَّائِم قَاهِره , وَلَوْ وَسِنَ لَكَانَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِمَا دَكًّا , لِأَنَّ قِيَام جَمِيع ذَلِك بِتَدْبِيرِهِ وَقُدْرَته , وَالنَّوْم شَاغِل الْمُدَبِّر عَنْ التَّدْبِير , وَالنُّعَاس مَانِع الْمُقَدِّر عَنْ التَّقْدِير بِوَسْنِه .



الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : ( لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَع عِنْده إلَّا بِإِذْنِهِ ) يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : ( لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض ) أَنَّهُ مَالِك جَمِيع ذَلِك بِغَيْرِ شَرِيك وَلَا نَدِيد , وَخَالِق جَمِيعه دُون كُلّ آلِهَة وَمَعْبُود . وَإِنَّمَا يُعْنَى بِذَلِك أَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَة لِشَيْءٍ سِوَاهُ , لِأَنَّ الْمَمْلُوك إنَّمَا هُوَ طَوْع يَد مَالِكه , وَلَيْسَ لَهُ خِدْمَة غَيْره إلَّا بِأَمْرِهِ . يَقُول : فَجَمِيع مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض مِلْكِي وَخَلْقِي , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْبُد أَحَد مِنْ خلَقَى غَيْرِي وَأَنَا مَالِكه , لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَعْبُد غَيْر مَالِكه , وَلَا يُطِيع سِوَى مَوْلَاهُ . وَأَمَّا قَوْله : (مِنْ ذَا الَّذِي يَشْفَع عِنْده إلَّا بِإِذْنِهِ) يَعْنِي بِذَلِك : مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَع لِمَمَالِيكِهِ إنْ أَرَادَ عُقُوبَتهمْ إلَّا أَنْ يَلِيَهُ , وَيَأْذَن لَهُ بِالشَّفَاعَةِ لَهُمْ .




الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : ( يَعْلَم مَا بَيْن أَيْدِيهمْ وَمَا خَلْفهمْ ) يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ أَنَّهُ الْمُحِيط بِكُلِّ مَا كَانَ وَبِكُلِّ مَا هُوَ كَائِن عِلْمًا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِك قَالَ أَهْل التَّأْوِيل .



وَأَمَّا قَوْله : ( وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمه إلَّا بِمَا شَاءَ ) فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مُحِيط بِذَلِك كُلّه مُحْصٍ لَهُ دُون سَائِر مَنْ دُونه , وَأَنَّهُ لَا يَعْلَم أَحَد سِوَاهُ شَيْئًا إلَّا بِمَا شَاءَ هُوَ أَنْ يَعْلَمهُ فَأَرَادَ فَعَلِمَهُ . وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِك أَنَّ الْعِبَادَة لَا تَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ بِالْأَشْيَاءِ جَاهِلًا فَكَيْفَ يُعْبَد مَنْ لَا يَعْقِل شَيْئًا الْبَتَّة مِنْ وَثَن وَصَنَم , يَقُول : أَخْلِصُوا الْعِبَادَة لِمَنْ هُوَ مُحِيط بِالْأَشْيَاءِ كُلّهَا يَعْلَمهَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ صَغِيرهَا وَكَبِيرهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِك قَالَ أَهْل التَّأْوِيل .


( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ) أي ملأ وأحاط به ... وَقَالَ أَبُو ذَرّ : سَمِعْت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول : مَا الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش إِلَّا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيد أُلْقِيَتْ بَيْن ظَهْرَانِيّ فَلَاة مِنْ الْأَرْض . وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن وُهَيْب الْمُقْرِيّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي الْيُسْرَى الْعَسْقَلَانِيّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه التَّمِيمِيّ عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ عَنْ أَبِي إِدْرِيس الْخَوْلَانِيّ عَنْ أَبِي ذَرّ الْغِفَارِيّ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكُرْسِيّ فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْضُونَ السَّبْع عِنْد الْكُرْسِيّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاة بِأَرْضٍ فَلَاة وَإِنَّ فَضْل الْعَرْش عَلَى الْكُرْسِيّ كَفَضْلِ الْفَلَاة عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَة



وَقَوْله ( وَلَا يَئُودهُ حِفْظهمَا ) أَيْ لَا يُثْقِلهُ وَلَا يَكْتَرِثهُ حِفْظ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِمَا وَمَنْ بَيْنهمَا بَلْ ذَلِكَ سَهْل عَلَيْهِ يَسِير لَدَيْهِ وَهُوَ الْقَائِم عَلَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ الرَّقِيب عَلَى جَمِيع الْأَشْيَاء فَلَا يَعْزُب عَنْهُ شَيْء وَلَا يَغِيب عَنْهُ شَيْء وَالْأَشْيَاء كُلّهَا حَقِيرَة بَيْن يَدَيْهِ مُتَوَاضِعَة ذَلِيلَة صَغِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مُحْتَاجَة فَقِيرَة وَهُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيد الْفَعَّال لِمَا يُرِيد الَّذِي لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِر لِكُلِّ شَيْء الْحَسِيب عَلَى كُلّ شَيْء الرَّقِيب الْعَلِيّ الْعَظِيم لَا إِلَه غَيْره وَلَا رَبّ سِوَاهُ فَقَوْله " وهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيم " ( وَهُوَ الْعَلِيُّ ) الرفيع فوق خلقه والمتعالي عن الأشياء والأنداد، وقيل العلي بالملك والسلطنة ( الْعَظِيم ) الكبير الذي لا شيء أعظم منه.

وَهَذِهِ الْآيَات وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْأَحَادِيث الصِّحَاح الْأَجْوَد فِيهَا طَرِيقَة السَّلَف الصَّالِح أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْر تَكْيِيف وَلَا تَشْبِيه .


المصادر :

تفسير الجلالين

تفسير البغوي

تفسير الطبري

تفسير ابن كثير






رد باقتباس