مجيب الرحمــن
مشرف قسم مصداقية الكتاب المقدس
______________
بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة لفضيلة الشيخ : سعود الشريم بتاريخ : 16- 6-1426هـ وهي بعنوان : لا تكن إمَّعة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[النساء:1] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[الأحزاب:70، 71] أما بعد: فيا أيها الناس، إن مما يُعزّز مكانة المرء المسلم وصدق انتمائه لدينه وثباته على منهاج النبوة ثقته بنفسه المُستخلَصَة من ثقته بربه وبدينه، فالمسلم الواثق بنفسه إنما هو كالطَّوْد العظيم بين الزَّوَابِع والعواصف، لا تعصف به ريح، ولا يَحطمه موج، وهذه هي حال المسلم الحقّ أمام الفتن والمتغيّرات، يرتقي من ثبات إلى ثبات، ويزداد تعلّقه بربه وبدينه كلما ازدادت الفتن، وادْلَهَمَّت الخُطُوب، وهو إبّان ذلك كله ثابت موقن، لا يستهويه الشيطان، ولا يلهث وراء كل ناعِق، حادِيه في هذا الثبات سلوك طريق الهدى وإن قلّ سالكوه، والنَّأي عن طريق الضلال وإن كثر الهالكون فيه. وبمثل هذا المنهج يصبح المؤمن الغُّرّ ممن وعى حديث النبي يحذر أمته بقوله: ((لا تكونوا إمَّعَة تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا)) رواه الترمذي وحسنه. والإمَّعَة ـ عباد الله ـ هو الذي لا رأي له، فهو الذي يتابع كل أحد على رأيه، ولا يثبت على شيء، ضعيف العزم، كثير التردّد، قلبه مَحْضِن للدَّخَل والرِّيَب، تجدونه يومًا يمانيًّا إذا ما لاقى ذا يَمَنٍ، وإن يلاقِ مَعَدِّيًّا فعَدْناني، وهذا هو الإمَّعَة المَمْقُوت، وهو الذي عَنَاه النبي في الحديث الآنف ذكره. ولقد أشار ابن مسعود –رضي الله عنه- إلى مثل هذا الصنف في زمنه حينما ظهرت الفتن فقال: (كنا في الجاهلية نعد الإمَّعَة الذي يتبع الناس إلى الطعام من غير أن يُدعى، وإن الإمَّعَة فيكم اليوم المُحْقِبُ الناسَ دينَه)، أي: الذي يقلّد دينه لكل أحد، وقال أيضًا: (ألا لا يقلّدنّ أحدكم دينه رجلاً؛ إن آمن آمن، وإن كفر كفر؛ فإنه لا أسوة في الشرّ). إن من أعظم ما يقاوم به المرء وصف الإمَّعَة أن يكون ذا ثقة بنفسه، وذا عزيمة لا يُشتّتها تردّد ولا استحياء، فمن كان ذا رأي فليكن ذا عزيمة؛ فإن فساد الأمر أن يتردّد المرء. ................................. فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين ، و ما أبعد المسافة بين قول سافلهم : إزني يا هوشع ... و بين قول الرحمن : [ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ]