اعرض مشاركة منفردة
   
Share
  رقم المشاركة :1  (رابط المشاركة)
قديم 03.02.2012, 21:26

د/ عبد الرحمن

مدير المنتدى

______________

د/ عبد الرحمن غير موجود

الملف الشخصي
التسجيـــــل: 05.08.2010
الجــــنـــــس: ذكر
الــديــــانــة: الإسلام
المشاركات: 3.947  [ عرض ]
آخــــر نــشــاط
25.09.2023 (05:22)
تم شكره 1.080 مرة في 701 مشاركة
افتراضي اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية عبر الزمن


بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين

قرأت مقال مضحك بالفعل على أحد المواقع النصرانية للقمص أثناسيوس فهمى جورج يعترف فيه بتطور عقائد النصارى من زمن إلى آخر و يقدم تفسيرات مضحكة لتطور تلك العقيدة و أن الآباء كانوا مسوقين بالروح القدس عندما أضافوا تلك التطورات

أترككم مع المقال أولا
الرابط
http://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/patrology/dogma.html
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن اقتباس اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن
* يعرف الآباء معلموا العقيدة بأنهم هم الذين ساهموا في تحديد مضمون الإيمان أو في صياغته أو شرحه، حيث المقصود بالإيمان ليس هو العقيدة فقط بل هو كل التقليد الذي استلمته الكنيسة من الرسل وهو ما عبر عنه القديس يهوذا في رسالته بعبارة " الإيمان المسلم مرة للقديسين" (يهو 3) وهو يشمل الإيمان بالسيد المسيح ابن الله وكل العقائد الأخرى المتصلة به وبالخلاص الذي أتمه بالصليب والقيامه، يشمل عبادة الكنيسة في الليتورجيات كلها وخاصة ليتورجية الإفخارستيا كما يشمل عبادة الكنيسة في الليتورجيات كلها وخاصة ليتوروجية الإفخارستيا كما يشمل الحياة الروحية المسيحية الجماعية والشخصية وما فيها من أخلاق السلوك المسيحي.
* " وآباء الكنيسة هم معلموا العقيدة وهم اللذين ساهموا في تحديد مضمون الإيمان وصياغته وشرحه حتى أستقر في الإطار الذي أجمعت عليه الكنيسة في مجامعها المسكونية حتى المجمع المسكونى الثالث في افسس في القرن الخامس".
* أن ما قام به الآباء كان محصلة لنعمة خاصة وعمل قوى للروح القدس ولهذا فأن الكنيسة تعطى لكتابات الآباء نفس الأهمية تقريباً التي تعطيها لنصوص الكتاب المقدس. ففي كتاباتهم نجدهم يعبرون باستمرار ويؤكدون أن معرفتهم بالحقيقة الإلهية تمت فقط بنعمة الروح القدس وإنارته لقلوبهم، فالقديس كيرلس الإسكندرى يشهد قائلاً: "أننا لا نستطيع أن ندخل إلى الحقيقة الإلهية ما لم نستنير بعمل الروح". أيضاً يوضح القديس غريغوريوس النيسى في تفسيره لسفر نشيد الأناشيد فيقول: "أن الروح القدس هو الذي يعطينا قوة ويحرك أفكارنا ويتقدم أقوالنا".
* فحقيقة أن الآباء قد كتبوا وهم مرشدين بالروح القدس، لهو أمر مقبول في الكنيسة بل ويمثل إيماناً غير مشكوك فيه بالمرة، هذا من جانب، ومن جانب آخر ربما يتساءل المرء: هل أضاف الآباء بكتاباتهم وخبراتهم الروحية شيئاً جديداً للحقيقة الإلهية التي استعلنت مرة في الإنجيل وعاشتها الكنيسة الأولى؟
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن
ولاستيضاح ذلك الأمر علينا أن نلاحظ الأتى:


1- بصفة عامة:

* إن الحقيقة الإلهية والتي تتطابق مع الواقع الإلهي أعطيت وتعطى للإنسان بطريقة كشفية استعلانية، فلقد اتضحت هذه الحقيقة (الله مثلث الأقانيم وعمله الخلاصى من أجل الإنسان) على مراحل: بالناموس - الأنبياء - الإنجيل - يوم الخمسين... الخ هذه المراحل يسميها القديس غريغوريوس اللاهوتي " بالتحولات الحياتية " والمرحلة الأخيرة من هذه النقلات تبدأ بيوم الخمسين والذي يستمر عمله داخل إطار الكنيسة كما يؤكد ذهبى الفم. ويعتبر القديس غريغوريوس اللاهوتي أن هذه المرحلة أي مرحلة الإرشاد أو الإستنارة التي يعطيها الروح القدس داخل إطار الكنيسة كأنها "رجاء تكميلى" على حد تعبيره. أما كيرلس الإسكندري فأنه يوضح المعنى المطلوب كثيراً عندما يكتب قائلاً: "أن الابن الوحيد لم ينته بعد من استعلانه لنا".

* ويفسر ما يقوله تباعاً فيضيف بأن عمل الاستنارة المعطى للكنيسة بواسطة الروح القدس هو عمل الابن أيضاً. وهذا يعنى أن المسيح قد كشف لنا جزء من الحق الإلهي بينما الروح القدس سوف يقودنا بإرشاد إيانا إلى " جميع الحق"، وعلينا أن نطلب ونتضرع للروح القدس لكي يتمم عمله هذا فينا. ومن أجل هذا فأن السيد الرب قد علمنا أنه من الممكن أن نتعلم أكثر من الروح القدس.
* إن قناعة الآباء بأن ما في تعاليمهم من أمور تنسحب عليها صفة "الإعلان الإلهي" بواسطة عمل الروح القدس فيها لهو أمر مؤسس على كلمات السيد المسيح نفسه لتلاميذه عندما قال لهم: "بهذا كلمتكم وأنا عندكم وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو 25:14-26). وأيضاً " وأما متى جاء ذلك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو 12:16-13).
* إن كلمات الرب هذه لتتطلب إنتباهاً شديداً من اللاهوتيين فالتحديات التي تضعها بالنسبة لقضية استعلان الحقيقة هي عميقة وفي نفس الوقت تمثل أساساً ثابتاً وقوياً لتقييم عطاء الآباء اللاهوتي فيما يختص بالحقيقة الإلهية وعقيدة الكنيسة. وما سبق أن أشرنا إليه يدل على أن الآباء قد فهموا ما جاء في أقوال المسيح هذه.
* إذن فعلى حسب كلمات المسيح والفهم الصحيح من جانب الآباء لها فإن السيد الرب كانت لديه أقوالاً أخرى يقولها وتعاليماً أخرى يسلمها لتلاميذه ولم يقلها ولم يسلمها والمعزى الروح القدس سوف يرشد إلى كل الحق ويعلم كل شيء (حسب الحاجة).
* وبالطبع فإن كلمات المسيح هذه سوف تقودنا إلى موضع "تدبير الإستعلان الإلهي" بمعنى إلى الطريقة التي بواسطتها أعلن الله عن الحق الإلهي - عن نفسه. ولكن من الضرورى أن نورد بعض التوضيحات بشأن ما نسميه هنا " الحقيقة الإلهية".
* فطالما أن السيد المسيح لم يستعلن لنا الحقيقة كاملة وطالما أن في شخص المسيح لدينا ملء الحقيقة، فهذا يعنى أنه غير محدود، فليس من الممكن أن يستعلن بكل عمقه وعرضه حتى ولو كان الله الكلمة قد تجسد. فالتجسد أو بمعنى آخر "التدبير الإلهي" هو بالفعل استعلان حقيقى وأصيل لكلمة الله. ولكن هذا الاستعلان وهذا الظهور لا يعنى أن الله الكلمة يظهر ويستعلن كل الحقيقة في كل عدم محدوديتها، في كل عمقها وفي كل عرضها.
* فعندما نقول استعلان الحق الإلهي نقصد الفعل الإلهي ذو الشقين ويتمثل في الأتى:
* الله يستعلن للإنسان الحق الإلهي بناءاً على خطة، فعن ذلك الإنسان الذي يجاهد ويطلب بتعب وصلاة، يرفع ذلك الحجاب الذي يعوقه عن المشاركة في الحقيقة الإلهية وبالتالي يصبح قادراً على أن يعرف الحق الإلهي، أي بمعنى أن يصبح الإنسان قادراً على تصور الحقيقة الإلهية تلك الحقيقة التي سوف تظل غير محدوده بالنسبة له طالما أن الإنسان مازال محدوداً.
* وبالتالي فعلى قدر ما يعرف الإنسان المحدود من الحق الإلهي فسوف يظل الحق الإلهي غير مستنفد. أما معيار تلك المعرفة ومقياسها فهو حاجة الإنسان لكي يخلص لكي يتحد بالله وأيضاً درجة استيعابه لقبول شيئاً جديداً.
* ولأن الإنسان يخلص طالما هو مشترك في الحق الإلهي وطالما هو مستوعب له، فهنا تظهر مشكلة في بعض الأحيان وهذه المشكلة تتمثل في مدى أصالة هذه الشركة الإلهية وهذا الاستيعاب للحقيقة الإلهية بين أعضاء الكنيسة.
* ولأن خلاص الإنسان يتوقف على مدى صحة وأصالة هذه الشركة أو عدم أصالتها وصحتها فأن الموضوع يأخذ أبعاداً واسعة، أبعاد قضية حياة أو موت. وعلى هذا يستطيع المرء أن يدرك مدى خطورة الأمور والمسائل اللاهوتية داخل الكنيسة ولماذا تعددت هذه المشاكل. وبمعنى آخر لقد كانت هناك أموراً كثيرة ولم يقلها السيد المسيح، أموراً لا تحصى وأن الروح القدس سوف يعطى لنا فيها استنارة. أن عمل الروح القدس المعزى لم يفترض أن إستعلان الرب غير كامل. لأن المسيح هو الإله المتجسد وهو نفسه استعلان للحق الإلهي في حد ذاته، وبالتالي فإن استعلان الحق الإلهي في شخص يسوع المسيح هو أصيل وكامل...
* لكن هل نستطيع أن نقول أن السيد المسيح الذي هو الحق الإلهي يمكن أن يستنفد؟ هل تستنفد الحقيقة الغير محدودة؟ بالقطع لا.
* وهكذا فالله يستعلن لنا بذاته في شخص يسوع المسيح لأجل خلاصنا، ويعلم عن شخصه ما يضمن للإنسان خلاصه، وبينما استمر المسيح في الكنيسة -ولدينا كل ما قاله المسيح عن نفسه- فأننا لا نستطيع أن نقول أننا استنفدنا كل الحقيقة (كل المسيح) وهذا يتضح على الأقل من خلال المحاورات اللاهوتية الكبيرة. فهذه المحاورات اللاهوتية (عن الثالوث وعن طبيعة السيد المسيح)، تثبت أن المؤمنين مع أنهم كان لديهم الحق الإلهي (المسيح) ولكنهم كانوا في احتياج لفهم أعمق لهذه الحقيقة وذلك لكي يتمكنوا من مواجهة تعاليم أريوس على سبيل المثال، مثلما حدث في حالة أثناسيوس الرسولي الذي واجه تلك التعاليم وهو مستنير نعمة الروح القدس كما قال عنه القديس غريغوريوس اللاهوتى.
* أنه لسر عميق أنه بينما نشترك نحن مع المسيح فأن معرفتنا بالمسيح (الحق) غير المحدود هي معرفة لها حدود.
* بعد هذا نستطيع أن نقترب أكثر من مفهوم وعود الرب لتلاميذه بشأن إرساله الروح القدس المعزى لكي يرشد إلى جميع الحق ولكى يعلم كل شيء.
* فلقد وعد الرب بأن المعزى سوف يرشدنا إلى فهم أعمق وأشمل لنفس هذه الحقيقة. فالحقيقة "الكاملة" تعنى بالطبع ما هو ضرورى ولازم لخلاص الإنسان على مدى العصور.
* ولهذا نستطيع أن نفسر تطور المسائل المتعلقة بشخص المسيح داخل إطار الكنيسة. مع أن المسيح بشخصه تحدث عن نفسه كما أن الرسل كتبوا شارحين عمله الخلاصى فقد ظهر أولاً موضوع الثالوث وبعد ذلك جرت المجادلات حول علاقة الأقانيم الثلاثة الأمر الذي يعنى أن الروح القدس أرشد إلى الحقيقة القائلة بأن المسيح الذي هو ابن الله هو من نفس جوهر الآب "هومواوسيوس" له نفس طبيعة وقوة الآب، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.بعد ذلك ظهر على السطح موضوع الطبيعتين في شخص المسيح يسوع. إننا نرصد إذا أنه في حقل اللاهوت الآبائى هناك إجراءات ثابتة تمثل قاعدة يمكن من خلالها الوصول إلى فهم متصاعد أفضل وبالتالي إلى معرفة أكثر للحقيقة، تلك الحقيقة التي قد استعلنت بالفعل في الكتاب المقدس ولكنها كحقيقة غير محدودة تبقى غير مستنفدة.
* إن هذا الفهم الأعمق والمتصاعد للحقيقة يتحقق بواسطة الروح القدس الذي يستخدم بعض أعضاء الكنيسة لكي يصبحوا بهذا الشكل آباء أو معلمين فيها.
* وفي عرضهما لمسيرة الإعلان الإلهي المتصاعد هذا فأن القديسين غريغوريوس اللاهوتي ويوحنا ذهبى الفم يبرران هذا التصاعد في الإعلان الإلهي ويؤيدانه. فهؤلاء الآباء يرون أنه: "لم يكن ممكناً للذين كانوا يسمعون السيد السيح وهو يتكلم عن نفسه أن يفهموه وهو يقول لهم أنه مساو للآب لأنهم لم يكونوا قد استطاعوا أن يفهموا أنه ابن الآب". ويؤكد القديس غريغوريوس اللاهوتي على جانب آخر للموضوع يقودنا إلى تفسير لاهوتي لظاهرة التطور في فهم الحقيقة الإلهية فيقول أن الله لم ير حسناً أن يعلن للناس الحقائق الإلهية بدون أن يريدوها أو أن يطلبوها بأنفسهم.
* وبالتالي فإن شغف الناس في الكنيسة الأولى وفي فترة ما بعد حلول الروح القدس لإيضاح أكثر وأعمق للحقيقة يعتبر عاملاً أساسياً لتحقيق هذا الهدف بواسطة الله نفسه مستخدماً في ذلك آباء الكنيسة.
* وهكذا ففي الفترة التي صيغ فيها تعبير "هومواوسيوس" أوتلك الفترة التي نوقشت فيها طبيعة السيد المسيح فإن المؤمنين كانوا يطلبون معرفة هذه الحقائق اللاهوتية بصبر وإصرار ولهذا فأن الله تراءف عليهم وأوضح وكشف وأعلن لهم نفس الحقيقة الإلهية أو نفس هذا الحق الإلهي الذي هو المسيح، من تلك الناحية التي كانت غامضة عليهم.
* إن آباء الكنيسة ومعلميها هم هؤلاء الأشخاص الذين تعلن بواسطتهم تلك الحقائق بمعنى أنهم يستخدمون بواسطة الله لنمو الكنيسة في التعليم والعقيدة كما يعلق القديس يوحنا ذهبى الفم: "ونحن نحب الحق نحب الله كما نحب القريب وليس لدينا عقيدة كاذبة ولا نعيش في نفاق، فأننا ننمى كل شئى لدينا وننمو في كل حياتنا".
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن
2- الحقيقة التي كتب عنها الآباء هل هي توضيح واستنارة أم اعلان وكشف؟

بعد ما سبق استعراضه يبقى التساؤل عن:
* ماهية العطاء اللاهوتي للآباء، أو بمعنى آخر ما هي تلك الحقيقة التي يعبر عنها الآباء كفهم أعمق للحقيقة الإلهية التي سبق أن استعلنت في الكتاب المقدس ومن خلال التقليد الكنسى؟
* أول كل شيء لابد أن نعى أنه حتى وإن كنا نتحدث عن فهم أعمق، فإنه ليس لدينا حقيقة إلهية جديدة. فهذا أمر مستحيل. فالقديس إيريناؤس وهو يتحدث عن ذلك الشئ "الإضافى" الذي يستطيع اللاهوتي الحاذق أن يقدمه يشير بوضوح إلى أن هذا اللاهوتي الحاذق لا يقدم جديداً أوخلقاً جديداً، ولكنه وبطريقة ما فإنه يدخل في عمق أكثر داخل تلك الحقيقة ويحاول فهم موضوعات التدبير الإلهي معطياً إجابات على المشاكل التي تواجه من يعيشون تلك الحقائق الإلهية.
* إذن فطالما أنه ليس لدينا حقيقة جديدة فنحن بصدد توضيح أو تفسير لتلك الحقيقة التي هي موجودة بالفعل، وهذا الأمر لا يقبل الشك بالمرة ولابد أن نلاحظ أن عملية التوضيح في هذه الحالة هي شيء أكثر وأعمق منه في حالات وموضوعات أخرى لغوية وتاريخية ولهذا فإن التعبيرات المستخدمة في تلك الحالات لا تكفى ولا تفى الأمور التي يتناولها الآباء في مباحثاتهم.
* إن الحقيقة التي نحن بصددها هنا لا يقترب منها بطريقة بشرية.. تفسيرية وغيرها من الطرق المنهجية وذلك لأن تلك الحقيقة لم تستعلن بطريقة طبيعية. هكذا فأن عملية استيضاح تلك الحقيقة تستلزم من الآباء والمعلمين دخولاً إلى داخل هذه الحقيقة الإلهية ومشاركة فيها بطريقة ما أكثر عمقاً وأكثر اتساعاً (إذ صح لنا التعبير) من تلك التي وصل إليها معلمون سابقون في عصر سابق لهم.
* فإن لم يكن الأقتراب للحقيقة والمعرفة هما شيء كامل (ولن يتم هذا حرفياً) فحينئذ ستصبح عملية الاستيضاح هذه هي عملية غير كافية وفي حالات كثيرة تصبح عملية خطيرة لأنه من السهل أن يقدم لاهوتي تفسيراً على أنه أصيل وسليم ويكون في الواقع هو نتاج فكرى وعقلى وغير واقعى وحينئذ سنكون أمام ظاهرة الهرطقة بعينه
* فمثلاً في حالة العلاقة بين الآب والابن، فأن عملية استيضاح الحقيقة هنا تعنى التعبير عن تلك العلاقة بمصطلح (هومواوسيوس) ذلك التعبير لا يوجد في الكتاب المقدس بالحرف الواحد بل إن النصوص المتعلقة به (بهذا المصطلح) لو فسرت بالطرق والوسائل الفلسفية فقط فإنها لن تقودنا إلى فهم واضح لمعنى المصطلح (هومواوسيوس) وعندما مر حوالي قرنين، ساد خلالهما الشك بسبب الفكرة القائلة بخضوع الابن للآب في القرنين الثانى والثالث أنتهت الكنيسة إلى حقيقة عبرت عنها باصطلاح (هومواوسيوس).
* فلو أن النصوص المتعلقة بهذا الأمر أوضحت بشكل مباشر معنى هذا المصطلح لما عرفت الكنيسة تلك المشاكل لمدة قرنين من الزمن وعندما توصلت الكنيسة إلى إيضاح للمعنى الحقيقى لهذا المصطلح الذي يتعلق بخلاص أو أهلاك المؤمنين، فإن هذا يعنى أنها وصلت إليه بإستعلان أو إستنارة إلهية.
* إن الأب أو المعلم يستنير أو يصبح قادراً على استيعاب الحقيقة بصفة اعمق بمعنى أنه يمتلك خبرة أوسع لتلك الحقيقة وهكذا يستطيع أن يقول أو يعلم شيئاً إضافياً عما قيل من قبل.
* وهذه الإضافة هي التي تميز وتفرز كاتبها وتجعله يكون آباً ومعلماً في الكنيسة فعطاء وتقدمة ومساهمة الآباء توصف بأنها استعلان إلهي وهى بالفعل كذلك لأنها نتيجة لاستنارة الروح القدس كما يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي وأيضاً القديس أثناسيوس بأن الله كشف لبعض الأشخاص اللاهوتيين شيئاً لم يستطع غيرهم أن يفهموه ولهذا يشجع أن نلجأ لمثل هؤلاء الأشخاص الذين كشفت لهم الحقيقة أكثر من الآخرين.
* وفي مقالة اللاهوتي الثانى يعطى غريغوريوس اللاهوتي للروح دور (الموحى) وفي مقالة رقم 41 عن يوم الخمسين يطلب قائلاً: "فليرافقنى الروح لأعطى كلمة " ليكتب ما كتب عن ماهية الروح القدس... فهو يؤمن أنه لا يستطيع أن يكتب في أمور لاهوتية وعقائدية بدون أن يكون الروح القدس هو لب هذا العمل. والشخص الذي سيكتب في هذه الأمور تحت هذه الشروط لن يحصل بالقطع على خبرة الحقيقة الإلهية في أبعادها اللانهائية لن يعرف " كل شيء " في الحقيقة في عمقها وعرضها لكنه سيحصل فقط على شيء " إضافى " أزيد مما حصل عليه شخص أخر في تقليد الكنيسة.
* هذا اللاهوتي الذي يحصل على ذلك الشئ "الإضافى" فيما يتعلق باستعلان الحقيقة الإلهية، يدعوه غريغوريوس اللاهوتي "بالأفضل" وهو شخص قديس تدعوه كل الكنيسة الأب أو المعلم. هذا وقد ذكرنا من قبل أن الشئ " الإضافى " أو الشئ " الأكثر " الذي يحصل عليه ذلك اللاهوتي يوصف بأنه يتم باستنارة من الله، وأنه لشئ واضح أن القديس غريغوريوس وهو يقيم عطاء القديس أثناسيوس الرسولي وإضافاته فيما يختص بحقيقة الروح القدس فأنه يرجع هذه الإضافة إلى الكشف الإلهي الذي أعطى للكنيسة لأول مرة بواسطة القديس أثناسيوس.
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن
3- عطاء الأب والمعلم هو توسع في المعرفة الإلهية وليس تطوراً لها:

* لقد قدم الآباء وهم مستنيرون بالروح القدس، على طول مسيرة الكنيسة، شيئاً إضافياً في إيضاح الحقيقة الإلهية.
* وهكذا فعلى الأساس الكتابى وذلك الشئ الإضافى الذي يقدمه الآباء يكون لدينا لبنة ما نسميه بعلم اللاهوت، وهو العلم الذي يتعامل مع القضايا اللاهوتية بعد أن يمحصها بطريقة دقيقة ومجهود كبير لكي يعبر عن الحقيقة الإلهية مستخدماً في ذلك الوسائل والطرق اللغوية والتاريخية.
* ولكن هل يعنى النمو في علم اللاهوت والمدعم بمشورات الآباء وآرائهم اللاهوتية أنه قد حدث تطور في الإعلان الأول (الأصلى)؟ أم شيء آخر. وبمعنى آخر حسن الآباء وطوروا ما قد استلموه من الرب ومن الرسل ومن سبقوهم من الآباء؟ بالقطع لا.
* فما يوجد في الكنيسة كحقيقة هو شيء حق وأصيل ولا يقبل إعادة نظر وتطوراً. وذلك لأن أية تعاليم عن الإعلان الإلهي هي تعاليم من الرب ولأجل خلاص الإنسان وهذه تبقى حقائق ثابتة على مر العصور من القرن الأول وإلى اليوم وإلى آخر الدهور.
* فلو كان ما يقدمه علم اللاهوت هو تطوراً للحقيقة فأن هذا يشككنا في أصالة الكنيسة في كل عصر يظهر فيه عطاء جديد للآباء الأمر الذي يعنى في الواقع إنكار لماهية الكنيسة نفسها.
* إن آراء الآباء اللاهوتية والعقيدية هي تمثل خبرة روحية ومعرفة للحقيقة تضاف إلى الخبرات السابقة فالكنيسة تتقدم عن طريق معلميها في المعرفة الإلهية للحقيقة بواسطة عمل الروح، فهى تعيش في مراحل معينة ظاهرة نمو، ليس نمواً عن الحقيقة ولكن في خبرة الحقيقة الإلهية.
* فالحقيقة الإلهية نفسها لا تقبل الزيادة أو النقصان لأنها تتطابق والواقع الإلهي. والشئ الوحيد الذي يمكن أن يحدث هو أن يتمكن الإنسان من أن يختبر هذه الحقيقة بطريقة أوسع، وبهذا الشكل فنحن لدينا " استكمال " لخبراتنا بالحقيقة الإلهية بما يتناسب مع المشاكل اللاهوتية التي تواجهنا بين الحين والآخر.
* وفي المصطلحات اللاهوتية المعتادة فإننا نسمى بالحقيقة الإلهية كلا من " الواقع الإلهي " نفسه وخبرة هذا الواقع الإلهي والمعرفة الحية بهذا الواقع الإلهي.
* وهذا ربما يسبب الخلط وسوء الفهم الحادث في بعض الأحيان، ولهذا فإننا نريد أن نوضح وبكل الطرق أنه بالنسبة للآباء الذين أضافوا إلى التعليم والتقليد الكنسي والعقيدة فإنهم يضيفون فقط خبرة ومعرفة بالحقيقة الإلهية وهذا يتضح من موقف القديس باسيليوس الذي واجهه نفس سوء الفهم هذا والذي يرى انه لا يجب أن نضيف حقائق إلهية أو عقائد أخرى في الكنيسة ولكن خبرات وإضافات تتعلق بمعرفتنا للحقيقة ذاتها.
* وأخيراً نود أن نذكر بعض الموضوعات التي كان العطاء اللاهوتي للآباء فيها لا ينطبق تماماً مع النصوص الكتابية بالرغم من أنه لم يكن غريباً عن روح الكتاب نفسه. مثل قانون الكتاب المقدس، بتولية والدة الإله القديسة مريم، تكريم القديسين، إكرام الأيقونات.. هذه الموضوعات، على وجه العموم تواجه بطريقة سليمة من ذلك الشخص الذي يعيش في التقليد الأصيل بداية من الكتاب المقدس ووصولاً إلى مشاركات الآباء اللاهوتية. أما حقيقة أننا لا نجد بعض المصطلحات مثل تعبير "هومواوسيوس" في الكتاب المقدس فأن هذا لا يقلل من شأن مشاركة الآباء هذه في قضايا بمثل هذه الأهمية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فأن الأمثلة السابقة التي ذكرناها تمثل موضوعات إيمانية وتعبر عن فرادة هؤلاء الآباء وعن أرثوذكسيتهم فنحن أمام سيرة مقدسة.. تتوافق نهائياً مع غاية التاريخ البشرى.
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن
4
اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن اعتراف قساوسة النصارى بتطور العقيدة النصرانية الزمن

للمزيد من مواضيعي

 








توقيع د/ عبد الرحمن

- ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار ؟ تقول : الحمد لله عدد ما خلق ، الحمد لله ملء ما خلق ، الحمد لله عدد ما في السموات وما في الأرض ، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه ، والحمد لله على ما أحصى كتابه ، والحمد لله عدد كل شيء ، والحمد لله ملء كل شيء ، وتسبح الله مثلهن . تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك

الراوي:أبو أمامة الباهلي المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:2615
خلاصة حكم المحدث:صحيح
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)


رد باقتباس