وَدّ وسُواع ويَغُوث ويَعُوق ونَسْر:

وقالوا لا تَذَرُنّ آلهتَكم ولا تذرُنّ وَدّاً ولا سُوَاعاً ولا يَغوثَ ويَعوقَ ونَسْراً (آية 23).

زعم القرآن أن حواراً دار بين نوح وقومه، حذّرهم فيه نوح من عبادة غير الله. وأصرّ قومه على عبادة الأصنام وحذّروا من ترك أصنامهم الخمسة وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً . وقد وقع القرآن في خلط تاريخي، فقد نسب أصنام العرب في شبه الجزيرة والتي كانوا يعبدها قومه إلى قوم نوح، فهذه الأصنام الخمسة كان يعبدها قوم محمد. فكيف عبدها قوم نوح؟ ولقد أوقع القرآن المفسرين في مأزقٍ عسير الخروج منه أعسر وأصعب! قال أحدهم إن هذه الأصنام كانت تُعبد في قوم نوح قبل أن يعبدها العرب، وانتقلت بعد ذلك من قوم نوح إلى شبه الجزيرة العربية، فاتّخذها قوم محمد آلهة يتقربون بها إلى الله !

ثم وضح كيفية الانتقال هذه، فقال: ويحتمل أن تكون قد انتقلت إلى ديارهم عن طريق الطوفان الذي أغرق البلاد والعباد . وقد علَّق الرازي على هذا الكلام بقوله إن نقل نوحٍ للأصنام إلى ديار العرب عمل لا يجيزه عقل، فكيف ينقل نوح أصناماً معه في السفينة بعد أن ظل طيلة ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً حسب رواية القرآن يحاربها؟ وهل يقبل عقل أن يكون نوح سبباً لإضلال قوم وهداية آخرين؟ (الرازي في تفسير هذه الآية).

كما فات المفسرين أن انتقال الأصنام إلى العرب عن طريق الطوفان أمرٌ لا يمكن حدوثه إلا إذا كانت المادة التي صُنعت منها الأصنام غير قابلة للتحلل في الماء، ولاسيما أن فترة غرق تلك الأصنام كانت طويلة جداً. ولو فرضنا إمكانية انتقالها عن طريق الطوفان، فكيف عرف العرب أسماء هذه الأصنام؟ فهل كُتب على كل صنمٍ اسمه؟ وهل كُتبت باللغة العربية التي بدونها يصبح الوصول إلى حقيقة أسمائها أمراً بعيد المنال في أمَّة أمِّية؟

وقد أورد القرطبي قصة أخرى حول هذه الأصنام عن محمد بن كعب قال: كان لآدم خمس بنين هم ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا. وكانوا عُبَّاداً فمات واحد منهم فحزنوا عليه. فقال الشيطان: أنا أصوّر لكم مثله. إذا نظرتم إليه ذكرتموه . فقالوا له: افعل. فصوّره في المسجد من صُفْر ورصاص. ثم مات آخر فصوّروه، حتى ماتوا كلهم فصوّروهم. واندثرت أخبارهم بمرور الوقت وترك الناس عبادة الله. فقال لهم الشيطان: ما لكم لا تعبدون شيئاً؟ فقالوا: وما نعبد؟ قال: آلهتكم وآلهة آبائكم. ألا ترونها في مُصلاكم؟ فعبدوها من دون الله، حتى بعث الله نوحاً فقالوا: لا تذرنَّ آلهتكم ولا تذرنّ وَداً... (القرطبي في تفسير الآية).

نقول لقد فات المفسر أن وجود الأنبياء والصالحين في بني إسرائيل لم ينقطع من أول آدم حتى ملاخي آخر أنبياء العهد القديم، وحتى فترة انقطاع الرسل وقت السبي. نعم كان هناك رجال صالحون كعزرا ونحميا وغيرهم، فلم يكن هناك اندثار لأخبار النبوّة كما قال. ثم من قال إن هذه الأسماء هي أسماءٌ لأولاد آدم؟
قال الإمام الرازي

هذه الأصنام الخمسة كانت أكبر أصنامهم، ثم إنها انتقلت عن قوم نوح إلى العرب، فكان ود لكلب، وسواع لهمدان، ويغوث لمذحج، ويعوق لمراد، ونسر لحمير ولذلك سمت العرب بعبد ود، وعبد يغوث، هكذا قيل في الكتب، وفيه إشكال لأن الدنيا قد خربت في زمان الطوفان، فكيف بقيت تلك الأصنام، وكيف انتقلت إلى العرب، ولا يمكن أن يقال: إن نوحاً عليه السلام وضعها في السفينة وأمسكها لأنه عليه السلام إنما جاء لنفيها وكسرها فكيف يمكن أن يقال إنه وضعها في السفينة سعياً منه في حفظها.

وقرىء: { لاَ تَذَرُنَّ وُدّاً } بفتح الواو وبضم الواو، قال الليث: ود بفتح الواو صنم كان لقوم نوح، ود بالضم صنم لقريش، وبه سمي عمرو بن عبد ود ، وأقول: على قول الليث وجب أن لا يجوز ههنا قراءة ود بالضم لأن هذه الآيات في قصة نوح لا في أحوال قريش وقرأ الأعمش: { ولا يغوثا ويعوقا } بالصرف وهذه قراءة مشكلة لأنهما إن كانا عربيين أو عجميين ففيهما سببا منع الصرف، إما التعريف ووزن الفعل، وإما التعريف والعجمة، فلعله صرفهما لأجل أنه وجد أخواتهما منصرفة ودا وسواعا ونسرا.

=================

اما ما نقله الإمام الاقرطبي ما هي إلا أقوال البعض في هذا الخصوص .. ولم يجزم أنها أقوال صحيحة .

ولكن الامر المؤكد هو أن هذه اسماء اصنام

وقد اورد بعض أشعار للعرب

يقول مالك ابن نمط الهمداني:

يَريشُ الله في الدنيا ويَبْرى ***** ولا يَبْرِي يعوقُ ولا يَرِيشُ

والوَدّ في قول ٱمرىء القيس:

تُظهِرُ الوَدَّ إذا ما أشْجَذَتْ ****** وتُوارِيهِ إذا ما تَعْتَكِرْ

وشاعر آخر

حَيّاك ودٌّ فإنّا لا يحلّ لنا ***** لَهْوُ النساء وإن الدين قد عَزَمَا

وجاء بتفسير الرازي : من اسماء العرب : عمرو بن عبد ود

وقد ذكر ابن كثير عن البخاري أن { وَدّاً وسُوَاعاً وَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } اوثان

أما وَدّ، فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سُواع، فكانت لهذيل، وأما يغوث، فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يَعُوق، فكانت لهمدان، وأما نَسْر، فكانت لحمير لآل ذي كلاع، وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام، فلما هلكوا، أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونسخ العلم عبدت، وكذا روي عن عكرمة والضحاك وقتادة وابن إسحاق نحو هذا
 

السيف البتار

 

عوده